نشر في الصحف من أيام أن مستثمرين في القطاع الخاص الصحي تكتلوا ضد توجه وزارة الصحة إلى تطبيق تسعيرة موحدة للمستشفيات الخاصة، وإن كان يحمد لوزارة الصحة توجهها الحميد لتقنين الأمور بما يضمن حقوق المستثمر والمريض فإن العجب العجاب أن يتكتل هؤلاء ضد التنظيم، وهذا في حد ذاته كافٍ في التدليل على فوضى الوضع الراهن وحاجته لتنظيم. كانت وزارة الصحة قد وضعت لائحة منذ سنوات لأجور العلاج في المستشفيات الأهلية ثم ألغت تلك التعرفة وتركت لكل مستشفى أن يحدد أجوره ومضى على ذلك سنوات كافية لتقويم التجربة، غير أن مما دفع وزارة الصحة إلى إلغاء التعرفة أن الحاجة إلى مراجعة المستشفيات الخاصة لم تكن بمثلها اليوم، وكانت طاقة المستشفيات الحكومية كافية لمراجعة كثير من المرضى، والمواعيد لا تصل إلى شهور كما هو الحال اليوم، بل كان المريض يراجع المستشفى مباشرة دون حاجة إلى تحويل من مركز رعاية. اليوم تغير الوضع، ازداد عدد السكان، وازداد المرضى، وكثرت المستشفيات والمراكز والمستوصفات الخاصة بين عامة ومتخصصة، فصار الأمر بحاجة إلى تنظيم، وأي أمر لا توجد له قوانين تنظمه سيؤول إلى الفوضى، يضاف إلى ذلك أن أسعار المستشفيات الخاصة ارتفعت ارتفاعاً كبيراً وصل إلى حد التسابق فيما بينها، وكل يدعي أنه يقدم خدمة أفضل، وللحقيقة فإن الأفضل هو المستشفيات الحكومية لولا طول مواعيدها والمرض لا يؤجل هجومه إلى أن يأتي موعد الطبيب بعد شهور ولذا يلجأ المريض إلى المستشفيات الخاصة. بعض المستشفيات الأهلية تعلن تخفيضات موسمية وبعضها يستدعي طبيباً زائراً لأيام، ويا لتعس مريض يعالجه هذا الطبيب أو يجري له عملية ثم يسافر، أما المبالغة في إجراء الأشعات والتحاليل مما لا يحتاج إليه المريض فحدث ولا حرج، وإخالُ أن هذا لا يضبطه إلا ضمير الطبيب ولكن الطبيب بشر، فهو في كثير منها له نسبة من الأجور، ولهذا فهو بحاجة لرقابة من الوزارة تكون ضمن الضوابط. إن كان المستثمر يقول: إنه يستثمر مالاً ولا يريد أن يحد من ربحه فإن صح في غير صحة البشر فهو لا يصح في صحة بني آدم، وهو في هذه الحالة يرتفع إلى حكم الاحتكار الذي يلزم الدولة بالتدخل بما يحقق مصلحة الطرفين فهما استغلال لحاجة محتاج. إن جاز أن يُترك شيء بلا تقنين فلا يجوز أن تترك المستشفيات الخاصة بلا قوانين أسعار، وإن كان بعض المستثمرين إذا استثمر في بلاده ضاق بالقوانين وحاول الهروب بما له للخارج ففي تجارب الأيام السابقة ما يعظ من هرب بأمواله للخارج فكان جزاؤه التحفظ عليها والله أعلم بما بعده. ليست المطالبة أن تعالج المستشفيات الخاصة مجاناً (وإن كنا نتطلع ان يحدد بعضها نسبة أو يوماً محدداً للفقراء من ذوي الأمراض المعضلة) ولكن تكون هناك أجور معتدلة ووزارة الصحة لديها الخبرة بالأجور المعقولة للكشف وبالأجهزة الطبية المتقدمة التي تدعي بعض المستشفيات أنها وحيدة لديها، وخير الأمور الوسط فلا ضرر ولا ضرار، وشرّ الربح ما كان استغلالاً لحاجة المحتاج. ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس4012691