كثيرون خارج العالم الإسلامي لا يعرفون لماذا يسارع المسلمون إلى العمل الخيري، ولعل من تابع حملة التبرعات لصالح لاجئي شعب أفغانستان على شاشة التلفزيون السعودي يوم 2/8/1422ه يدرك بعض ذلك، فقد تدافع الفقراء قبل الأغنياء للتبرع كما فعلوا من قبل مع شعوب الصومال والبوسنة والهرسك والشيشان وأفريقيا، الغرب لا يعرفون أن الحسنات يذهبن السيئات، وأن الصدقة تدفع البلاء، وأن الصدقة (الزكاة) ركن من أركان الإسلام، وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، وأن في كل كبد رطبة أجرا، وأن المسلم يؤثر المحتاج على نفسه ولو كان به خصاصة أي حاجة. الغرب يجهل أن المسلم يتصدق طلبا للأجر، لا من أجل أن ترفع عنه الضرائب، وأنه يفعل ذلك ليظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأنه يصبح على كل سُلاَمى (عضو) في الإنسان صدقة، وأن للمسلم أجرا إذا وضع اللقمة في فم زوجته أو ابنه فضلا عن السائل أو المحروم، وأنه يخفي الصدقة عن أقرب الناس إليه، لأنه لا يتصدق رياء ولا سمعة وإنما رغبة فيما عند الله، إنها معانٍ روحية لا يعرفها من قلبه خاو من الروح. فلسفة الصدقة عند المسلمين غير معروفة عند غيرهم، فالمسلم لا يطلب نفعا من بشر إذا تصدَّق وإنما يطلب جنة عرضها السموات والأرض، وهو إذا أبدى الصدقة فمن أجل الأسوة الحسنة لا ليسمع كلمة إطراء من بشر، والصدقة عنده ليست بالمال فقط بل بالجهد وبالعمل وبالرأي الصائب والمشورة الحسنة، وبكل فعل حسن، فرب جهد فاق صدقة بالملايين، ورب شق تمرة أو قطرة ماء أنقذت حيا «ولو كان حيوانا» أفضل عند الله من الملايين. كان العمل الخيري يقوم على أساس فردي ولكن التنظيم الحضاري حوَّله إلى مؤسسات لتوصل الصدقات إلى المحتاجين ولتوجد أعمالاً خيرية كبيرة، تحتاج لجهد جماعي كبناء المساجد والمدارس والمستشفيات وإغاثة المنكوبين في العالم، ولهذا ظهرت مؤسسات خيرية أكثر العاملين فيها لا يتقاضون أجرا مادياً، ولو أرادوا رفاهية العيش لما عانوا مشاق السفر والتنقل والتعب في مواطن النكبات أو في البلدان الفقيرة التي لا يوجد بها أيسر سبل الحياة. سمعت الدكتورعبدالرحمن السميط حفظه الله يقول إن رابطة العالم الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية والندوة العالمية للشباب الإسلامي ومؤسسة الحرمين الشريفين تاج على رأسي ورأس أكثر من مليار ونصف مسلم في العالم بأعمالها الخيرية الإنسانية، فكيف نسمع من يصنفها أنها تدعم الإرهاب؟ مشكلة التهم الجزافية أنها تنطلق من عواطف كره، ولاتصدر عن وثائق ثبوتية، وللأسف أن بعض الصحف العربية أشد أذى من الصحف الأجنبية حين تتلقف كل ما يقال، وتنشره على أنه حقائق. المؤسسات الخيرية الإسلامية في كل العالم الإسلامي لا تعمل في الظلام بل في وضح النهار، وهي لا تتجه للمجرمين بل إلى المحرومين والجائعين الذين حلت بهم النكبات من حروب أوكوارث، فكيف تصنف على أنها إرهابية؟ وهل يعقل أن يصنع الإرهاب من يسعى لاجتثاثه؟ لقد شعرت بعزة المسلم وشهامة العربي وأنا أرى أبناء بلادي كبارا وصغاراً مسؤولين ومواطنين لا يلتفتون إلى افتئات المفترين ويسارعون الى التبرع للاجئين في أفغانستان، وكيف لا يكون ذلك وهم سكان الحرمين الشريفين ومن أسست دولتهم الحديثة على التوحيد والإخلاص والصدق مع الله ومع الناس؟ للتواصل: ص.ب: 45209 الرياض: 11512 الفاكس 4012691 [email protected]