تتسابق المطبوعات المقروءة على استمالة القراء وجذبهم إليها، سواء أكان ذلك من منطلقات قائمة على صيانة الحمل الإعلامي الملقى على عواتقها، أو بسبب رغبتها في زيادة المبيعات والتي تجلب بالتالي تزايدا في عدد المعلنين، وأي كان الهدف فإن الحرص على رضا القارىء وتلبية هدف يعمل عليه وبسخاء القائمون على المؤسسات الصحافية لهو مغنمة تستحق الذكر، ومما يحمد للصحف ويجعلها في مصاف صحف النخبة والصدارة هو حسن انتقائها واستقطابها للكتاب لديها، ففي الجزيرة مثلا أحسن الاستاذ خالد المالك وهو يستقطب كاتبا بحجم الشيخ سلمان العودة أو عبدالرحمن العشماوي لينضما إلى كتبة الجريدة المتميزين، وهذه الخطوة شكلت نقلة منحت الجزيرة تميزا أضيف لتميزها في المادة الصحافية المخرجة يوميا بجودة وإتقان، مع انتظارنا لمزيد من التميز في استكتاب المبرزين. والصحف وهي تمنح كتَّابها الضوء والفرصة لعرض ما لديهم بالتأكيد أنها تتوقع أن اختلافا ما سينشأ وأن ما يقوله الكاتب ليس بالضرورة حقا لا يرد، ولذا عمدت بعض الصحف لتدبيج صفحاتها بعبارة استهلالية تقول (الصحيفة غير مسؤولة عن الآراء المنشورة فيها..) وهذا الاختلاف مرده إلى اختلاف طبقات القراء وميولهم وتوجهاتهم وهو خلاف حميد حينما يكون سببا في ثراء المعلومة وكشف المزيد منها للآخرين، ومما يحمد للجزيرة هنا هو أنها تتيح للقارىء الحق في التواصل كتابيا مع الكاتب مدحا أو ذما، ثناء أو انتقادا، بشرط موضوعية المداخلة والتعقيب. ومن الكتَّاب الذين أثروا ساحة الجزيرة ومنحوا صفحاتها نكهة مختلفة الكاتب الأستاذ عبدالله بن بخيت الذي عرفناه فيما سبق كاتبا ساخرا وكاتبا صحفيا يطربك وهو يتناول الموضوع من زاويته البسيطة والسهلة الممتنعة، وشخصيا أحرص كثيرا على القراءة للأستاذ عبدالله لما أجده من ترويح وتغيير بعد القراءة له، وكان مما يحمد له أنه كاتب هادىء يبتعد كثيرا عن المغالطات واللغو الباطل الذي لا فائدة منه، غير أن الاستاذ عبدالله يبدو أنه عزَّ عليه أن يحظى بالقبول التام وأن تمر مقالاته مرور الكرام فاتبع وسيلة المبرزين وهي (المخالفة)، ومما يؤسفني أن تكون مداخلتي هذه نتاج هذه المخالفة.. بينما سكت قلمي من قبل..!! الأستاذ عبدالله وفي مقالين منفصلين كان آخرهما في العدد 11022 أراه قد خالف نهجه وخط سيره وتجاوز المسموح واللائق في خطابه المكتوب للقراء..!! ففي مقاليه عن (الكتاب النصائحجيون) الكثير من التجني والغلط في حق الشريحة القارئة في المجتمع، الذي أراه يوافقني في هذا ويصرح به حينما يقول إن الملاحظات لا تأتي إلا منهم..!! ولعلي أقف عند كلمة (منهم) فأتساءل.. من هؤلاء؟؟ هل هم شواذ من المجتمع الذي يشكل الدين بمصدريه الأساسيين القرآن والسنة الأساس المكون لكافة تعاملاتنا اليومية؟ أم هم زوار وفضلاء على هذا المجتمع.. وبالتالي لا حق لهم أن يروا ويعبروا ويشاركوا..؟؟ وأجيب أن أولئك ينطلقون ولا شك من قاعدة شرعية اختصرها المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بكلمتين (الدين النصيحة..) وأبانها الله عز وجل وهو يثني على الأمة المحمدية {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ..} وسبب هذه الخيرية أنهم {تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ..} هذه هي النصيحة التي عدها أخي الفاضل الأستاذ عبدالله بن بخيت منقصة وسبة وعيبا في حق أولئك القراء الفضلاء.. الذين لهم الحق في أن يقولوا رأيهم فيما يقرؤونه سواء تعقيبا كتابيا إذا أتيحت لهم الفرصة أو خطابا فاكسيا أو بريديا يشعر الكاتب أنه أصاب أو أخطأ، وكما قال الفاروق رضي الله عنه (نضر امرىء أهدى إلي عيوبي..) نحن معشر الكتَّاب من أشد الناس حاجة الى (التغذية الراجعة) لأننا أولا بشر معرضون للخطأ والصواب ولأن الكلمة أثرها عظيم وكما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام (رب كلمة تقول لصاحبها دعني أو كما قال)، من هنا أجد أن الأستاذ عبدالله تجاوز المألوف وهو يصنف القراء والكتَّاب لشرائح ويتعدى هنا على مجموعة من زملائه حملة القلم مصنفا إياهم إلى فئات ثلاث أجزم يقينا أنه وضع نفسه مع الفئة الأولى (الكتاب الحقيقيون) لأنه لن يرضى أن يضع نفسه مع الفئة الثانية (الكتاب العرضحالجيون) أو الفئة الثالثة التي خصها بانتقاده (الكتاب النصائحجيون)، ولا أعلم مدى علمية هذا التصنيف أو مشروعيته الأدبية على الأقل احتراماً لزملاء قلم وحرف..!! ولعل الغريب أيضا مما صدره قلم الأستاذ ابن بخيت هو تحميله الأمور فوق ما تحتمل وتخطيه الآفاق نحو تورا بورا وانتهاء بوجنتانامو..!! حينما حمل تلك الفئة (النصائجية) مسؤولية ما آل إليه حال أخواننا المحتجزين في جونتانامو، والذي أحسب يقينا أن الأستاذ عبدالله قرأ وسمع تصريح سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي قال إن غالبية المحتجزين هناك سافروا لأفغانستان لمساهمتهم في أعمال إغاثية من خلال مؤسسات مصرح لها بالعمل الخيري هناك، وهذا ليس هو حديثنا.. لكن أن يكون هناك تجن على عدد كبير من الكتَّاب الصحافيين أو في مواقع أخرى بأنهم كانوا السبب في وصول شبابنا إلى معتقلات جونتانامو، الأمر الغريب الآخر الذي رآه الأستاذ عبدالله نشازا وعارا على زملائه مصنفي الفئة الثالثة (النصائحجيون) هو أنهم «يحرضون المجتمع على الشباب وعلى المرأة» ولا أعرف كنه هذا التحريض الذي زعمه الأستاذ عبدالله..؟؟ وهل في مناقشة كتاب معينين يسوؤهم ما يعيشه شبابنا من فراغ قاتل وبطالة مزعجة وسلوكيات منحرفة ليست من ديننا أو مجتمعنا في شيء أو ما عليه حال المرأة (بعضهن وهن قلة برأيي) من سفور وتبرج أو متابعة واقتداء بالنساء المتحررات اللاتي لم يجلبن لمجتمعهن إلا العار والأمراض، هل في هذه الكتابات ما يستحق أن يراه الأستاذ عبدالله تحريضا..؟؟ وهنا أسأله عن رأيه فيما ينشره عدد كبير من المجلات الهابطة من غراميات ومقابلات غرائزية وكتابات تفوح منها رائحة العفن.. وما هي المرتبة التي سيضعها فيها..؟ هل تراه يراهم من الكتاب (الحقيقيين؟؟) أتمنى من الكاتب الكبير والقدير عبدالله بن بخيت أن يبحث عن البروز من خلال ما يكتبه قلمه جودة وتميزاً بعيدا عن مبدأ (المخالفة) الذي وان منحك الضوء برهة من زمن فهو قد يسقط؛ على طول الطريق...!! وأحسب أن خبرة الأستاذ عبدالله وتميزه في كتاباته السابقة ما يشفع له ان يبتعد عن سلوك الباحثين عن الضوء حتى لو كان حارقا..!! وليعتبر هذه مجرد (ملاحظة) من أحد من تتلمذ على مقالاته.. لكيلا أجد نفسي مصنفا مع كتَّاب الفئة الثالثة... رغم تشرفي بذلك..!! وفي الختام أشعر أننا نحتاج إلى الإبانة عن الوجه المضيء والجميل في كتابات الكتَّاب والتعقيب عليها لأحقيتهم بذلك، واذكر أن الكاتبة في هذه الجريدة هدى المعجل قد قالت في مقال سابق بما يشبه الأسى أنه لكي تبرز.. لا بد لك ان تخالف..!! وهو ما أكدته الكاتبة عبير البكر في مقال تعقيبي لها على أديبة مغربية رأت الطريق الأسهل نحو بروزها هو سبها لرسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه..!! نعم.. نحن بحاجة إلى الثناء قبل النقد.. حتى لا يلجأ الكاتب لعكس التيار ليحصل على الضوء.. وختاما أشكر جريدة الجزيرة ممثلة برئيس تحريرها الاستاذ خالد المالك على إتاحتها الفرصة لقلمي للمساهمة بين آونة وأخرى في بعض المواضيع، ولاستمرار التميز في المخرج الصحفي لهذه الجريدة المتألقة دائماً. تركي بن منصور التركي