«أحمد قنديل، حياته وشعره» هي أطروحة الماجستير التي قدمتها الباحثة «فاطمة سالم عبدالجبار»، في أعرق الجامعات في بلادنا هي جامعة أم القرى، عام 1419ه بإشراف الدكتور نبيه حجاب، وقام بنشرها نادي جدة الأدبي الثقافي. لقد استمتعت بعرض الباحثة أيما استمتاع، فقد شدني الاستقصاء المبذول، لكن اعتراني العجب حينما اطلعت على الرسالة، وكنت أبحث عن مقومات القنديل الشعرية، وما هو أهم فنٍ اشتهر به، وكان يدور في خلدي شعره الفكاهي الذي اكثر منه في ديوانه المركاز، ثم ما نشره في الصحف اليومية تحت عنوان «قناديل»، ثم لم ألبث مليّاً حتى صدمت بتجاهل مفرط من الباحثة، حيث إنها أهملت الحديث عن شعره الفكاهي او الساخر الذي عرف به القنديل، وقد أفنى فيه جلّ حياته ينظم فيه لا لشيء سوى لمعالجة القضايا الاجتماعية التي يجب على الأدباء ان ينبهوا المجتمع إليها، قاصدين بذلك الإصلاح لا غير. ولشد ما اعتراني العجب - أيضاً - عندما اجدها تشير في المقدمة الى هذا قائلة: فقد عرفه الناس مقروناً ب«القناديل»، ثم تجعل شعره في القناديل عاميا كله، وهذا ليس بصحيح، تقول عن القناديل: وهي شعره العامي الشعبي»، فقد كان جله من الشعر العامودي الفصيح. لقد كان القنديل شاعراً فحلاً، عُرف عنه جرأته على المغالطات التي تصدر من بعض افراد المجتمع، فسرعان ما يهب لمعالجتها، وهو بذلك يزودنا بموهبته الشعرية المطواعة التي تحارب مثل هذه القضايا السيئة في مجتمعنا المحافظ، كما أنه يدعو الى القضايا الحسنة ويحبذ الجمهور فيها. لقد أشار الدكتور عبداله الحامد الى الشعر الفكاهي او الساخر عند القنديل بقوله: لكن من الواضح ان القنديل هو الذي اكثر شعر الهزل حتى صار فناً مستقلاً. هذا وقد احتوى ديوانه المركاز - جزأين - على شعر كثير من هذا، ثم تأتي الباحثة تغفل هذا النتاج من شعر الشاعر! وهي بذلك قد افتقرت الى انصاف القنديل في رسالة علمية تعد المرجع الوحيد له!! ثم اتساءل، أين متابعة المشرف على الرسالة من هذا؟. ويتناول الشعر الهزلي او الفكاهي او الساخر «كل انحراف عن المجتمع العربي في واقعه المثالي كالبخل والجبن والغباء والجهل والشره والغرور والتزمت والحذلقة والجور، وغير ذلك مما ينطوي على تصلب في المظهر والسلوك والأخلاق، وقلما نجد شعره الساخر خالياً من الهدف. وعن طريقة القنديل في مركازه عن هذا اللون من الشعر، فإنه يأتي ببيت من الشعر ويكون مشهوراً ثم ينظم عليه أبياتاً أُخر، من ذلك قوله متفكهاً، بعد ان مهد لشعره بمقدمة نثرية، وقد بدأ ببيت لأحمد شوقي يحكي فيه عن خروج المستعمر الفرنسي من سوريا: سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشقُ وأشواق مكتلة وحب كأن دبيه في الجسم بقُّ أتيتم زائرين فكل بقُ يمُد إليه منا الآن بقُّ ويبدأ ببيت مشهور آخر بقوله: إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداءِ يرتديه جميل إلى أن يقول: ومن عاش لم يطبع كتاباً لنفسه