حلقات كتبها وصورها: بشير بن سعد الرشيدي في هذه الحلقة من حلقات مدينة الحائط نتوجه بكم اليوم جنوب مدينة الحائط ونحط رحالنا في بلدة الحويط بلدة العيون والنخيل والمياه العذبة سبب التسمية «يدَيع»: بيائين مهملتين: ناحية بين فدك وخيبر ورد ذكرها في معجم البلدان للشيخ ياقوت الحموي وكذلك في معجم المغانم المطابة في معالم طابه ص438 وتعرف الآن باسم «الحويط» وقد أطلق عليها اسم الحويط نسبة لقربها من مدينة الحائط وكذلك لارتباطها إدارياً وتجارياً بالحائط وتعتبر من أهم القرى بمنطقة حائل أثرياً وتاريخياً. الحويط.. الموقع والتضاريس تقع بلدة الحويط «يديع» على بعد 280كم بالجنوب الغربي من منطقة حائل وتحديداً في سفح حرة فدك ومما يميز موقعها الجغرافي توسطها بين منطقتي حائل والمدينة المنورة وكذلك القرى المحيطة بها ومضارب البادية «البدو الرحل» للاستفادة من مواردها المائية ولاسيما أنها تشتهر بالعيون العذبة المتدفقة على مدار الساعة مما أكسبها أهمية استراتيجية، حيث المزارع والبساتين وأشجار النخيل الباسقات والأرض الخصبة الصالحة للزراعة. وتضاريس الحويط عبارة عن حرة تحيط بها من جميع الجهات وتكثر فيها القيعان والروضات الخصبة والكثبان الرملية والسهول المنبسطة ومناخ الحويط قاري حار صيفاً بارد الى معتدل شتاءً وتتراوح درجات الحرارة العظمى من 42ْ الى 26ْ تقريباً وترتفع عن سطح البحر بحوالي 1350م. أهم العيون بالبلدة عرفت الحويط بعيونها المتدفقة العذبة وأطلق عليها بلدة العيون والنخيل والمياه العذبة حيث انها تعتبر منطقة زراعية تكثر فيها العيون والينابيع التي يعود تاريخها الى 545 ق.م وما زالت قائمة فهي غنية بالموارد المائية السطحية ومن أهم العيون بالحويط ما يلي: 1- عين مبروكة: وهي من أهم عيون الحويط ويعتمد الأهالي على سقيا مزارعهم عن طريق الري بغمر المياه بواسطة مجرى يسمى «فرز العين» مبنى من الطلس والحجارة التي تحيط بالمجرى وكل مزرعة لها قناة خاصة ومحبس يستخدم لاغلاق المياه عند الانتهاء من الري. 2- عين السحمية: وتقع في الجنوب الغربي من البلدة وتتدفق بغزارة وتستخدم لسقيا المزارع القريبة. 3- عين الحنية: وتقع شرق عين السحمية. 4- عين الشهيب: وتستخدم لسقيا الأهالي والبدو الرحل والناقلات والمشاريع الخدمية بالبلدة. 5- عين الصبحية: وتقع في أرض طينية شمال عين الشهيب. ويتم ري المزارع عن طريق التناوب على مدار السنة بحيث يتم وضع جدول يومي من قبل معرف القرية يشمل كافة أسماء المزارعين لغرض المساواة وكل مزارع ملزم بالتقيد بتلك المواعيد وفي حالة نشوب خلاف يفض النزاع عن طريق المعرف بالقرية. آثار الحويط تعتبر بلدة الحويط من أهم المواقع الأثرية بمنطقة حائل وقد تم ادراج آثارها ضمن المواقع الأثرية بالمنطقة فهي عبارة عن منطقة مليئة بالأحجار الصوانية المختلفة الأشكال والأحجام ويوجد في معظم جبالها كتابات ثمودية ونبطية كما عثر على حجر من الصوان عليه كتابات كوفية تقرأ «وكتبه محمد شهوب يوم الأربعاء السابع عشر من شعبان في سنة تسع وثلاثمائة». وفي هذه البلدة خليط من التاريخ ويرجع الى الفترة المتأخرة السابقة على الاسلام وأوائل العصر الاسلامي. كما يوجد بها نقوش وكتابات اسلامية وصور لبعض الحيوانات والوعول التي كانت تعايش الانسان الجاهلي بالاضافة الى القلاع والحصون المتعددة الأحجام والأشكال ومن خلال النقوش والمخربشات التي رسمها الفنان البدائي ما زالت الصور باقية عبر عقود من الزمن تؤكد ماضيها العريق وتاريخها الموغل في القدم. هناك مواقع وأماكن تستحق الزيارة والبحث وتنتظر الباحثين وهواة الآثار لاكتشاف مواقع جديدة لم تكتشف بعد كما ان بعض الأماكن الأثرية يصعب الوصول اليها وذلك لوعورة الطرق التي تؤدي اليها فالأمر يتطلب من الجهات المعنية وخصوصاً وحدة الآثار بالمنطقة اعداد الخطط والدراسات اللازمة لشق الطرق وتسهيل تنقل الزوار والسياح بيسر وسهولة. التعليم لم يشغل التعليم بال الكثير من الأهالي بسبب الفقر وقلة ذات اليد آنذاك إلا ان الحضر يمارسون التعليم بأبسط أشكاله من خلال «الكتاتيب» وذلك عن طريق حلقات تنظم داخل الجوامع بالبلدة والذي يتولى مهمة التعليم في السابق أمام المسجد ويسمى «المطوع» حيث يتعلمون مبادىء القراءة والكتابة على ألواح خشب ويتم تخصيص مكافأة تقدر بحوالي 5 قروش لمن يحفظ جزء «عم» تشجيعاً للحافظ وحافزاً لزملائه وذلك من قبل شيخ البلدة وبعض الأهالي والموسرين أما البدو فكان التعليم لديهم بسيطا ولا يحضرون للقرية إلا أيام الخميس والجمعة وتخصص لهم حلقات خاصة في بعض المساجد. ومن أبرز كتاتيب القرية الشيخ حسين مصطفى المحتسب والذي يحضر من مدينة الحائط أيام الخميس والجمعة لغرض تعليم أبناء القرية مبادىء القرآن الكريم ويعطي العلوم الدينية وكذلك الشيخ محارب الحايطي وصالح السلامة وعدد من رجال العلم والدين. وفي عام 1391ه افتتحت أول مدرسة ابتدائية بالقرية في مبنى متواضع عبارة عن ثلاث غرف وصالة مقامة من القش والطين والحجر الأسود ومسقوفة بأعمدة خشبية من الأثل والنخيل ثم تواصلت مسيرة التعليم في ظل رعاية حكومتنا الرشيدة حتى تحقق للقرية العديد من المدارس بنين وبنات وبكافة المراحل الدراسية. المنتزهات البرية والسياحية في نهاية الأسبوع تشهد بلدة الحويط اقبالا منقطع النظير من الزوار وخاصة في الاجازات والعطل الرسمية ولاسيما أنها تقع في وسط الأودية والشعاب والجبال الشاهقة والواحات الخضراء حيث أشجار الطلح والسيال والروضات الفسيحة ومن أهم الأماكن السياحية بالقرية ما يلي: 1- جبل القور: ويقع غرب بلدة الحويط بمسافة 12كم بالقرب من بلدة بدع من خلف والذي يتميز بالآبار الجاهلية ذات السواني العجيبة والقلاع المثيرة التي تثير الدهشة بروعة التصميم الهندسي القديم. 2- جبل الراس الأبيض: وهو متنفس الأهالي ويقصده العديد من الزوار للاستمتاع بمقوماته السياحية والهواء الطلق الذي يميل للبرودة على مدار العام. 3- الضرس: وهو عبارة عن واد مليء بالطلح والسيال والكثبان الرملية والرمث والأعشاب الطبيعية والنباتات البرية. 4- عين مبروكة: وهي من أهم المواقع السياحية بالبلدة ويرتادها السياح من داخل المملكة ومن خارجها. 5- يديع: الحويط القديم حيث المباني القديمة المقامة من الحجر البركاني الأسود ذات التصميم الهندسي الفريد مما يجعل الزائر يقضي جل وقته داخل أروقتها العملاقة. التربة والإنتاج الزراعي تتميز بلدة الحويط بتربتها الصالحة للزراعة وهي عبارة عن أرض طينية وروضات وقيعان خصبة وخاصة المنطقة المحاذية للعيون والأودية والتي تتكون من سهول وفياض مستوية تميل للانحدار بعض الشيء وتمثل هذه الأماكن النطاق الذي قامت عليه النهضة الزراعية التي تشهدها بلدة الحويط وفي بعض المواقع تكثر التربة الرملية غير الصالحة للزراعة وهذه التربة يتم معالجتها بالردم والتسوية عن طريق التريلات والمعدات الحديثة وخاصة في الأودية القريبة من العيون لتسهيل عملية الري ووصول المياه بيسر وسهولة. ومن ناحية الانتاج الزراعي تعتبر الحويط من أهم قرى منطقة حائل انتاجاً للتمور وقد أطلق عليها بلدة العيون والنخيل والمياه العذبة حيث يبلغ عدد أشجار النخل بها أكثر من 000 ،30 نخلة تمد انتاجها الى كافة مناطق بلدنا المعطاء وتعتبر الحلوة من أهم أشجار النخيل بها حيث تنتج النخلة الواحدة ما يقارب 200كغم في الموسم الواحد بالاضافة الى الجسبة والمكتومي والخضيري والروثانة بالاضافة الى أشجار الفواكه والخضار والحمضيات بكافة أنواعها كما تمد الحويط القرى المجاورة بالأعلاف كالبرسيم والذرة والشعير ويعتمد أهالي الحويط اعتماداً كلياً على الانتاج الزراعي بنسبة 90%. وقد ساهمت فروع وزارة الزراعة بالمنطقة بتسهيل مهمة المزارعين من خلال تقديم القروض الميسرة والاعانات ومنها اعانات الفسائل وخرص التمور ومنح الأراضي البور الصالحة للزراعة مما جعل البلدة تشهد نهضة زراعية متطورة بفضل الدعم اللامحدود والاهتمام الدائم من قيادتنا الرشيدة التي لم تدخر أي جهد من أجل توفير متطلبات المواطنين في كافة مناطق بلدنا المعطاء. التوسع العمراني في الماضي كانت منازل الحويط عبارة عن مبان طينية مقامة من الحجر البركاني الأسود مجاورة لبعضها البعض ولا توجد بها شوارع سوى ممرات ضيقة تستخدم لعبور العربات والأفراد لا يتجاوز عرض تلك الممرات 50 ،1م حيث في السابق لا يوجد سيارات تحتاج لشوارع واسعة وتعتبر وسائل النقل لديهم الجمال والبغال، وتتكون منازل بعض الأهالي من دورين وذروة تسمى «روشن» فوق سطح المنزل في تصميم فريد ورائع لا يخلو من الشكل الهندسي ليؤكد حضارة باكرة في هذه المنطقة وبعد ان امتدت اليها يد التنمية الشاملة شهدت توسعا شاملاً وتطوراً سريعاً في مختلف المجالات وبدأ الأهالي في التوسع واحلال المباني الحديثة بدلاً من المباني الطينية السابقة على أحدث طراز معماري تتوسطها الشوارع الواسعة والمساجد والمدارس والأسواق التجارية بالاضافة الى ايصال كافة الخدمات لها ومنها الكهرباء العامة حيث تعتبر محطة مركزية لكافة القرى المحيطة بالحويط بالاضافة الى الخدمات البلدية والبريدية والزراعية والمياه والطرق وغيرها من المرافق الحيوية الهامة. المشاريع المعتمدة الجديدة أثناء تجولنا بالبلدة ولجنا لمعرِّف قرية الحويط الأستاذ سلامة بن معزي الصالح الذي استقبلنا بالبشر والترحاب وحسن الضيافة كعادته وقال ان البلدة من أقدم قرى منطقة حائل ويعود تاريخها الى ما قبل الميلاد فهي بلدة تاريخية تزخر بمعالمها السياحية والأثرية وعيونها المتدفقة على مدار الساعة مما جعلها تنمو وتشهد تطوراً ليس له مثيل حيث نالت نصيبا وافرا من المشاريع الخدمية التي تقدمها قيادتنا الرشيدة لكل مواطن أينما كان موقع سكنه وقد اشتهرت الحويط كبلدة زراعية عرفت منذ القدم بزراعة النخيل والفواكه والقمح والحمضيات المتنوعة وحظيت كسائر قرى منطقة حائل باهتمام دائم ومتواصل من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز حفظهما الله وقد تم ضم الحويط للجهود القائمة باعتبارها بلدة ذات موقع مميز وأثري وسياحي فريد. وعن المشاريع المعتمدة قال الأستاذ السلامة ان من أهم المشاريع التي اعتمدت بميزانية هذا العام طريق الحائط/ الحويط بمسافة 45كم وبتكلفة اجمالية تقدر بحوالي 13 مليون ريال ويعتبر طريق الحائط/ الحويط الشريان الذي يمد الحياة لكافة القرى والهجر المجاورة للحويط والواقعة على مسار الطريق ومنها بدع من خلف - بدائع البدع - وسيطا البدع - ابلة - حميضة - أبا الصبان - خفيج أبا الصبان - المحفر - حمة - ضليع الصوان - الحقلية بالاضافة الى رصف وانارة عدد من شوارع البلدة عن طريق المجمع القروي بالحائط.وتابع قائلا ان البلدة ما زالت بحاجة الى عدد من المشاريع الخدمية ومن أهم احتياجات البلدة المركز الصحي الذي طال انتظاره سنوات طويلة وقال نحن بشر كسائر البشر نحتاج الى رعاية صحية أسوة بأمثالنا من المواطنين وطالب بسرعة ايجاد مركز امارة ومخفر للشرطة ومركز للدفاع المدني كما ان البلدة تحتاج الى نظرة جادة من وزارة الزراعة والمياه لاقامة سدود على بعض الأودية لتغذية عيون وينابيع الحويط التي أصبحت الآن مهددة بالجفاف إذا لم تقم الوزارة بانشاء سدود على تلك الأودية. مطالب ولكن رغم عمقها التاريخي وتطورها السريع ما زالت الحويط تحلم بالحياة والعناية والاهتمام والدعم من بعض الأجهزة ذات المشاريع الخدمية. يرى المواطن سعود بن حدجان الصالح ان الحالة الصحية للأهالي في خطر وذلك لاكتشاف 5 حالات مصابة بالملاريا «البلهارسيا» بسبب افتقار البلدة للخدمات الصحية ناهيك عن الحالات الاسعافية الخطرة مثل الحوادث والحرائق وعسر الولادة ولدغات العقارب والثعابين والأمراض الأخرى فالى متى والأهالي على هذه الحال؟ إننا كمواطنين نرفع نداءنا لله العلي القدير ثم لحكومتنا الرشيدة آملين اجابة طلبنا في سرعة ايجاد مركز صحي يخدم الأهالي أسوة بالقرى الأخرى. أما المواطن عبدالعزيز مشعان المهيمزي فقال ان الأمن مطلب وهدف فالبلدة بحاجة الى مركز شرطة ولاسيما ان الحويط تعتبر من أهم القرى البعيدة عن المراكز الأخرى وطالب عبدالله مصلح الفراج بزيادة انارة الشوارع ورصف بعض الأحياء السكنية التي يلفها. ظلام الدامس ليلاً.