تعد مدينة الحائط، أو (فَدَك) كما كانت تعرف قديماً، من أهم المواقع الثقافية والحضرية في المملكة، حيث كانت مركز استقرار حضري قديم. وتقع المدينة شرق حرة خيبر، على بعد 240 كيلومتراً جنوب غرب حائل، وتقع إلى الجنوب منها بلدة شهيرة أخرى تسمى الحويِّط أو (يديع)، وهي أيضاً ضاربة في القدم. وتقع المدينتان فيما كان يعرف قديماً باسم حرّة فدك، التي تجاورها حرارٍ أخرى، منها حرة ضرغط وحرة ليلى وحرّة اثنان وحرّة النار. ويعود تاريخ ونشأة مدينة الحائط إلى ما قبل الميلاد، واحتلها الملك البابلي نيونبذ الذي حكم في القرن السادس قبل الميلاد. كما وردت أخبارها في عصر الملك البابلي نابونيدس. ولها شهرة واسعة في التاريخ العربي الإسلامي، وكانت قاعدة مهمة في قلب بلاد غطفان، وارتبط كثير من حوادثها بشعر أولئك القوم ووقائعهم. كما كان لها ذكر في سرايا الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث افتتحها المسلمون صلحاً بعد فتح خيبر، وكان داعية المسلمين للصلح وقتها هو مُحيصة بن مسعود الغطفاني. وقد حُوّل اسمها للحائط بعد القرن الثالث الهجري نسبة لساكنيها خلال تلك الفترة، وهم من فخذ الحائط بعد ترحيل قبائل بني قيس العدنانية. ويعد الموقع الأثري في فدك الحائط أحد أهم المواقع الثقافية والسياحية في المملكة العربية السعودية؛ وذلك لمقوماته الثقافية والتراثية والبيئية، حيث عثر فيه على آثار قيّمة لا يزال بعضها سليماً، كالقصور والقلاع المبنية من حجر الحرة السوداء. كما عثر على كتابات كوفية على بعض القطع الصخرية هناك. وبحسب محمد الجابر، أحد أعيان مدينة الحائط، فإن الحائط تلي مدينة حائل من ناحية المساحة ب 24 ألف كيلومتر مربع، وكذلك السكان الذين يصل عددهم إلى أكثر من 86 ألف نسمة، يعملون في مجالات التجارة والزراعة، والبعض الآخر في المرافق الحكومية، وذلك بحكم موقعها المميز كحاضرة المنطقة منذ القدم، حيث تتركز فيها وحولها مظاهر الحياة، مشيراً إلى أن المدنية ترتبط بها إدارياً أكثر من 121 قرية وهجرة. ولفت الجابر إلى أن هناك عدة جهات حكومية وأهلية تعمل حالياً على تحويل الحائط لواجهة سياحية متكاملة، وذلك لمقوماتها الثقافية والتراثية والبيئية والطبيعية والبشرية التي تؤهلها لذلك، حيث تقوم الهيئة العليا للسياحة والآثار حالياً بتنفيذ مشروع ترميم أحد المنازل الأثرية، وتهيئة الموقع، مع إيجاد مركز لاستقبال الزوار.