أسست أول كلية أهلية غير ربحية عام 1998م، تلاها التوسع في الكليات والجامعات غير الربحية والتجارية أو الربحية. وبعد هذه السنوات هناك أسئلة؛ أين تذهب أرباح الجامعة غير الربحية، طالما لا يوجد ملاّك يتوزعون أرباحها وبنيتها التحتية تم بناؤها عبر متبرعين لها؟ هل جميعها تذهب للتشغيل كما يوحي الوضع الحالي؟ كم هي الاحتياطات التي تملكها الجامعة؟ كم هو حجم الأوقاف التي تملكها الجامعة وكم دخلها واستثمارها السنوي؟ كم هي مواردها السنوية والتي تبيّن كفاءة قياداتها في تنمية مواردها؟ لست أنشد معلومات سرية، هارفارد وييل تنشر تقاريرها المالية، ونعرف عنها أكثر مما نعرفه عن كلياتنا. هو حق للمتبرعين الذين دعموها والخريجين والطلاب وأولياء الأمور والمحبين الذين يهمهم معرفة أوضاعها، نجاحها، سمعتها وكفاءتها التشغيلية والمالية المستدامة. الجامعات مؤسسات أعمال أو كيانات تجارية تؤدي مهام تعليمية وبحثية ومجتمعية، وأخشى أن تكون صناديق مغلقة على أسرار قد تنفجر يوماً ما فتغرق في مشاكلها. الأسئلة تتعلَّق بجميع الجامعات والكليات الأهلية، الربحية وغير الربحية، ومختصرها البحث عن الشفافية والتعرّف على انضباطيتها المؤسسية المالية والتشغيلية والاستثمارية. اللوم لا تتحمّله وحدها فالأمر يتعلّق بالأنظمة التي تحكمها، وهي أنظمة أكاديمية لا تتعمّق في ضبطها ككيانات مؤسسية منتجة. يقلقني الأمر في الجامعات الربحية، حيث يختلط كيانها المؤسسي بكيانات تجارية أخرى بشكل يعوق استقلاليتها المالية والإدارية والتشغيلية. ليس معروفاً ميزانية الجامعة الأهلية بشكل منفصل عن الكيان التجاري، يتدخل المالك في إدراتها بشكل مباشر، ونجدها معرضة للسقوط في حال اهتز الكيان التجاري لمالكها أو للمؤسسة التي أسستها وتملكها. نريد دفع الجامعات الحكومية بما فيها تلك التي تقع في مناطق طرفية غير جاذبة استثمارياً ولم يزد عمرها عن سنوات معدودة، نحو الاستقلالية والاعتماد على مواردها وتكوين أوقافها، وهذا طموح كبير. لكن المنطق هنا أن نسأل عن تجربة الكليات الأهلية، وهل استطاعت الوصول إلى الاستقلالية المالية، هل أسست واستقرت أوقافها واحتياطياتها ومواردها التشغيلية طيلة عقود من الزمن، أم لا؟ نريد استقطاب الاستثمار الأجنبي في التعليم العالي، والمستثمر يبحث في التجارب المحلية، فكيف نقنعه بجدوى الاستثمار في هذا القطاع، إذا كنا لا نعرف حجم النجاح الاستثماري للجامعات الأهلية بأنواعها، ولا ننشر أية معلومات عنها؟ نحتاج إلى أنظمة تفرض على الجامعات الأهلية الشفافية في إعلان مواردها ونفقاتها وجهودها في زيادة احتياطاتها وأوقافها وموازنة مصروفاتها التشغيلية في مجال التدريس والبحث وخدمة المجتمع. نريد معرفة ميزانياتها التشغيلية وحجم احتياطاتها واستثماراتها وأوقافها ومساهماتها المختلفة. هي مؤسسات معنية بتعليم آلاف الطلاب وينتمي لها مئات الأساتذة والموظفين، فلا يجب أن تبقى مؤسسات الرجل الواحد، عرضة لمزاجيته وللتقلبات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والقانونية التي تمر بها أعماله ومؤسساته ومشاريعه الأخرى. لذا أقترح تسجيل الكليات والجامعات الأهلية - ربحية أو غير ربحية - كشركات تجارية تعليمية منفصلة عن أية مؤسسة أخرى وفق نظام الشركات المساهمة. نحن نحفز استقلالية المؤسسات الأكاديمية، لكننا نحتاج إلى إطار تشريعي يضمن لها الاستمرارية والاستدامة ويجنبها السقوط الذي قد يفاجئها بسبب الضعف المؤسسي التنظيمي والمالي لها ...