كان لافتاً تعليق المتحدث باسم الرئاسة الروسية «ديمتري بيسكوف» على مقابلة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي أجراها بمناسبة الذكرى الخامسة لإطلاق برنامج رؤية 2030، وتأكيده على تأييد بلاده أطروحة ولي العهد حول العلاقات الدولية؛ وأن تصريحات سموه «تستحق أسمى آيات الثناء»، خاصة أن المقابلة لم تتطرق للجانب الروسي ما يمكن أن يحمل «الكرملين» على التعليق. مواقف دولية وبيانات رسمية ظهرت تباعا بعد بث المقابلة ما يعكس أهمية الضيف وحديثه الذي تناول فيه تطورات رؤية 2030 خلال الأعوام الخمسة الماضية، ومستهدفاتها المستقبلية، ورؤيته للمنطقة وللعلاقات الدولية عموماً. من خلال متابعة ردود الأفعال نجد أن الاهتمام الكبير بحديث ولي العهد كان حاضرا بكل تفاصيله، على جانبي المواقف الدولية الرسمية، والإعلامية التي بدأت بعواجل الأخبار، والتغطية المكثفة لوسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية، إضافة للمتابعة الشعبية الواسعة التي لم تقتصر على مواطني المملكة ومقيميها، بل تجاوزتهم لشعوب الدول الإقليمية التي ربما كانت ردود أفعالهم الإيجابية حيال المقابلة واكتشافهم التحول التنموي الكبير سببا في تحريك حسابات منصات التواصل الاجتماعي المستترة، ومرتزقة الإعلام للتأثير السلبي ومحاولة الحد من المقارنات المؤثرة والمطالبة بالاقتداء. تحركات إقليمية ودولية ربما ارتبطت بمخرجات اللقاء، وملفات إقليمية تم تحريكها ما يؤكد ثقل المملكة الدولي، والتأثير الكبير الذي يحدثه ولي العهد في مقابلاته وكلماته الموجهة للخارج، وقدرته على صناعة الأحداث ودفع القضايا العالقة ومعالجتها وبما يحقق مصلحة المملكة، والمنطقة. فمشروع الأمير محمد بن سلمان التنموي غير مرتبط بالمملكة فحسب بل بالمنطقة بشكل عام، وهو مشروع شامل يجمع بين التنمية الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والبيئية. فالمملكة هي محور التنمية والمستهدفة برؤية 2030، إلا أن البعد الإقليمي بات جزءاً مهماً من الرؤية الإقليمية الأعم. رؤية 2030 هي النموذج التنموي المثالي الذي حقق نجاحات مهمة خلال الأعوام الماضية. خمس سنوات من الإصلاحات الهيكلية شكلت قاعدة انطلاقة الرؤية من مرحلة تأسيس أركانها ومعالجة التحديات ووضع الاستراتيجيات إلى مرحلة التنفيذ التي ستسهم في رسم مخرجاتها التنموية الشاملة. أجزم أن الإصلاحات الحكومية عموما، وإعادة الهيكلة، والتحول الرقمي من أهم إنجازات الرؤية في سنواتها الخمس الأولى، ولولا توفيق الله، ثم تلك الإصلاحات الهيكلية لما تمكنت الرؤية من المضي قدما نحو أهم مراحلها التنفيذية، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية ومنها تنمية قطاعات اقتصادية واعدة، وإطلاق مشروعات عملاقة وتحقيق كفاءة الإنفاق ورفع حجم الإيرادات غير النفطية. إضافة إلى ذلك فإن تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، أسهم في تحقيق أهداف مختلفة ومن أهمها ترسيخ ثقافة المحاسبة في الأجهزة الحكومية ما ساعد على تحقيق جودة العمل الحكومي وكفاءته، واسترداد 247 مليار لخزينة الدولة ريال في الأعوام الثلاثة الماضية. خمسة أعوام مبشرة بالخير غرست فيها بذور التنمية الاقتصادية والتحول المستقبلي وفق رؤية مباركة أطلقها سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ويقودها بكفاءة عالية وإصرار لتحقيق مستهدفاتها، وبما يعزز من اقتصاد المملكة ومكانتها العالمية ويحقق الرفاهية للمواطنين والازدهار للاقتصاد والحماية التامة للبيئة والاستثمار الأمثل للمقومات المتاحة ورفع جودة الحياة في جميع مناطق المملكة وفق برامج ومشروعات بيئية واقتصادية عالمية. مشروع محمد بن سلمان التنموي وضع خارطة الطريق لمستقبل السعودية الجديدة، وأعاد لها شبابها الزاهي، واستثمر إمكانياتها البشرية والمالية والاقتصادية؛ بتوجيه ومباركة ودعم من خادم الحرمين الشريفين، في مرحلة مهمة وحساسة كانت الدولة في أمس الحاجة لها. وهي مرحلة تطوير من أجل البقاء والنماء والاستدامة. ولعلي استعير قول شاعر العرضة عبد الرحمن الحوطي، رحمه الله، في وصف مرحلة التحول الكبرى التي نشهدها اليوم: