يقال: إن زمن العبقريات انتهى. وتلك مقولة يثيرها الممتلئون بالانبهار. لا يمكن لأي مرحلة زمنية أن تحتكر التميز، قد تكون أكثر تألقًا، وقد يخدمها الإعلام، حتى المشاهير قد لا يكونون الأفضل، ولكن المريدين ينفخون فيهم حتى يسدوا الآفاق. العبقريات تتفاوت في تنوعاتها، واهتماماتها، ما أود تناوله في زاويتي التقاء عبقريتين على متن يخت ملكي. الملك عبد العزيز عند زيارته لمصر. وعباس محمود العقاد المكلّف من ملك مصر لمرافقة الملك. بعض الجهلة، أو المغرضين يتصور أن الملك عبد العزيز أمي أعرابي. وما هو كذلك، إنه ملم بالتاريخ السياسي، والحضاري، وعلوم الشريعة التي تقرأ في مجالسه، بل إنه كان يوصي من يشتري أمات الكتب، ويزوّد بها العلماء، والمكتبات العامة. لقد قام ممثّلوه في مصر، والشام بشراء الموسوعات التراثية، وإرسالها إليه. (العقاد) ممتلئ إعجاباً، وإكباراً للملك عبدالعزيز، لما شاهده فيه من كرم، وبعد نظر، وحسن محادثة، وعمق ثقافة، وسعة معرفة. لقد كتب مقالات، وأبدع قصائد تجسد إعجابه، وإكباره. (العقاد) شخصية مستقلّة لا يقول إلا ما يعتقد، لا مكان للمجاملة عنده. بعد وفاته قام ابن أخيه (عامر العقاد) بجمع ما كتب، وأبدع وطبعها في كتاب. حفظت في وقت مبكر قصيدته الرائعة في الملك عبد العزيز: (يا بحر راضك قاهر الصحراء). وكانت لي دراسات عن العقاد، أشرت إلى شيء من ذلك. يقع الكتاب في ثمانين صفحة إضافة إلى مجموعة من الصور المختارة، جامع الكتاب خلط الأقوال ببعضها، أقوال الملك، والعقاد، وجامع الكتاب من روائع العقاد قوله: (جمع المهابة في العيون وفي النهى وسما بمجد أبوة وإباء يرعاه بارئه ويحرس ركبه في كل أرض تحت كل سماء) ومما قاله في بعض مقالاته: (إن جلالته يصدر عن سليقة ديموقراطية دستورية) حدثني أبوهشام محمد الربيع عن إصدار مهم عن رحلة الملك لمصر في مجلدين، من إصدارات الدارة، ووعدني بنسخة منها. أتمنى سرعة وصولها، لأنها كما أشار إضافة مهمة. سيكون لي حديث أدق، وأوفى، لمكانة العبقريتين عندي. رحمهما الله...!