1. صار بعض الفلاسفة أنبياء لأحزاب سياسية.. وتحول أعضاء ذلك الحزب إلى ما يشبه القساوسة وحولوا أفكارهم إلى عقائد.. حتى تجاوزوا جور القساوسة في العصور الوسطى الأوروبية.. فأعظم المذابح في العصر الحديث اقترفت باسم الثورتين الفرنسية والبلشفية الروسية وكلاهما قام على عقائد فلسفية.. وهم بذلك استبدلوا الفكر الغيبي المرتبط بالدين بفكر تخيلي طوباوي مرتبط بالفلسفة. 2. استخدم أتباع وحواريو الفلاسفة كل وسائل وآليات القساوسة في حروبهم ضد المختلف.. من فرض انتشار فكرهم بالقوة والتأليب والحرب على المختلف معهم.. وهنا تشابه أتباع الفلاسفة مع القساوسة في تسييسهم للدين والفلسفة والتحزب للأفكار والتسلط على الخصوم.. وتحولوا من دعاة للتنوير إلى ظلاميين ساروا خلف من كانوا ينتقدونهم من القساوسة حذو القذة بالقذة. 3. يرى ابن خلدون أن الفرد من العامة أكثر حظاً في النجاح في الحياة من المفكر والفيلسوف.. وذلك أن العامي يكيّف نفسه مع الواقع كما هو دون اللجوء إلى قياسات منطقية أو نظامية.. ونظرة ابن خلدون تلك يثبت التاريخ صحتها.. فكل المفكرين والفلاسفة القدماء كانوا فاشلين في حياتهم.. لا يختلف عنهم كثيراً المعاصرون من المفكرين.. مما يثبت أن هناك فرقاً كبيراً بين منطق الفكر ومنطق الواقع.. فقد صعد فكر المفكر إلى برج عاجي بينما بقي جسده يعيش على أرض الواقع.. فأصبحوا مزدوجي الشخصية.. ففشلت حياتهم. 4. وحتى يستطيع الفلاسفة العيش أصبحوا أصحاب شخصيتين.. يتقمصون إحداهما عندما يفكرون.. ويتقمصون الأخرى حينما يعملون.. وغفلوا عن التناقض والمفارقات التي تَصْدُر عنهم.. فقد اعتادوا على ذلك منذ طفولتهم وأصبحوا ذوي شخصية مزدوجة من حيث لا يعلمون.. وأصبحت تجد منهم من يسرقون ويتصدقون ويفسقون ويتعبدون.. كل ذلك يقترفونه دون أن يشعروا بفارق كبير. 5. الفيلسوف في مسيرة حياته إما أنه يهتم بطرح السؤال ويمعن في التساؤل ويترك البحث عن الإجابة على الفلاسفة الآخرين.. وإما أنه ينشغل بمحاولة الإجابة عن سؤال طرحه فيلسوف آخر. 6. الفلاسفة غير متشابهين ولا مقلدين ولا متفقين مع بعضهم.. ولن نجد فيلسوفين اثنين متفقين.. بل نجد فيلسوفاً أثار سؤالاً ويتبعه آخر بإثارة أسئلة حول ذلك السؤال.. أو يفنّد منطقية ذلك السؤال أو إجابات الفلاسفة عنه.. فلا هم يتفقون على الأسئلة ولا على الإجابات ولا على زاوية الرؤية للموضوع.