ولكننا لم نكن زغب الحواصل، ولم يكن أهله حطيئيين، حفظوا تاريخه، وأدبياته وملؤوه كرماً، وشهامة، وعصامية، ومجالس أنس تزيل الملل. يبشون، ويهشون، ويحكون مغامراتهم، وهجرتهم. في الكويت كان لهم حضور سياسي، واقتصادي. يميزهم الولاء لمراتع صباهم، ومسرح كهولتهم. وفاء، وعطاء. تجَمّعٌ أدبي حضره لفيف من أدباء المملكة ومفكريها، بدعوة كريمة من الأستاذ الدكتور صالح بن أحمد العليوي. ثلاثة أيام قضيناها بمنتجعه السياحي، جمال، وجلال، وراحة بال وجدل عنيف حول قضايا الأدب وفنونه، شعراء، ينشدون جميل الشعر، وجديده. ونقاد يفندون. سمعنا عيون الشعر من اللعبون، والعوض، ورشدان، والعمري، والدريهم، والقحطاني، وآخرين، وسمعنا النقد من السويلم، والمهيلب، والعمري، والدخيّل، والطامي، والرفاعي، والمشوح، والحيدري، والعتل، والعارف، والزهراني. كوكبة من الأدباء، والنقاد، خاضوا في قضايا الأدب، والشعر، واختلفت وجهات نظرهم، حول: الحداثة، والتجديد، والمحافظة، والتقليد. في مستهل كلمة المضيف، ترحم على الملك عبدالعزيز الذي أخمد الفتن، وجمع الصف، ووحد الكلمة، وجعلنا نجتمع بأمن وإيمان من شتى أنحاء المملكة ومختلف أناسيها، وقفنا في ساحة معركة حسم الفتن (السبلة) وترحمنا على الشهداء من أبناء الوطن. وكم كان بودي وضع سجل شرف، لمن شارك واستشهد، ومن شارك وبقي. رجال من أرجاء المملكة صنعوا مع الملك عبدالعزيز هذا الكيان. أجمل الزيارات عندي كانت لمكتبة الشيخ الدكتور عبد الله الطيار. مكتبة من أوسع المكتبات الخاصة، وأشملها للدكتور علي فضل كبير، لقد زين لي النقل من التعليم العام إلى فرع جامعة الإمام بالقصيم. واستمرت علاقتي به، تولى الإفتاء، والتدريس، والتأليف. نيفت مؤلفاته على المئة، ناقش، وأشرف على مئات الرسائل. ولما يزل يؤلف ويعلم، ويشرف، ويناقش، متعه الله بالصحة، وثبته. زيارة حافلة، أقمنا فيها علاقات، وصداقات. للمضيف الشكر والتقدير، وللزملاء المحبة وكم نود تكرر مثل هذه الزيارة بكل إيجابياتها..!