1. البداهة هي أول الشيء.. وهي ما يفاجئ من الأمر.. وتُعَرَّف في اللغة على أنها السداد في الرأي عند المفاجأة.. وتُعَرَّف في البلاغة على أنها الكتابة بدون أدنى تمهل وتسمى ارتجالاً. 2. الأمر البديهي هو ما يتبادر إلى الذهن لأول وهلة.. وحاضر البديهة هو سريع الرد عند المفاجأة.. وعلى البداهة تعني الارتجال.. وعلى البديهة تعني الإجابة دون طول تفكير أو من غير تفكير.. وذو البديهة هو الذي يفهم ما يُطْرح أمامه من أول وهلة.. ومن البديهي تعني من المعروف أو المتوقع. 3. عَرَّف المدائني سرعة البديهة بأنها: ما كان حاضراً مع إصابة المعنى وإيجاز اللفظ وبلوغ الحجة.. وهي معرفة يجدها الإنسان في نفسه من غير إعمال للفكر. 4. يجب التأكيد على أن البديهة ليست الإجابة الفورية فقط بل الإجابة الدقيقة.. فهي سداد الرأي عند المفاجأة.. كما عَرَّفتها اللغة.. والبديهة ليست فقط بسرعة الرد بل يمكن أن تكون بالسكوت أو الوقوف أو الانصراف أو الضحك أو البكاء. 5. روى أبو حيان التوحيدي عن شيخه الساجستاني قوله: الكلام ينبعث في أول مبادئه إما عفو البديهة أو من كد الروية أو يكون مركباً منهما.. وفضيلة عفو البديهة أنه أصفى.. وفضيلة كد الروية أنه أشفى.. وفضيلة المركب منهما أنه أوفى.. أما عيب عفو البديهة أن تكون صورة العقل فيه أقل.. وعيب كد الروية أن تكون صورة الحِسِّ فيه أقل. 6. البديهة عكس الروية.. فإذا كانت البديهة هي الجواب السريع التلقائي الحاضر فإن الروية هي الجواب بعد تفكير وتمعن.. فالروية هي إشباع الرأي والاستقصاء في تأمله.. أو كما يصفها مجمع اللغة العربية: مرحلة من مراحل العمل الإرادي تقوم على التفكير والأناة قبل اتخاذ القرار. 7. البديهة تختلف عن الارتجال.. فالبديهة فكرة فورية صائبة بليغة مباغتة.. تبلغ المعنى بأقصر الطرق وتكون مفحمة لا تعقيب عليها.. بينما الارتجال انهمار وتدفق ووصف وإطالة. 8. سرعة البديهة من البلاغة.. وهي في كل العصور مهارة محمودة.. والعرب كانت ترى أن أبلغ الناس هو أسهلهم لفظاً وأحسنهم بديهة.. وسريع البديهة يمتاز باليقظة والانتباه التام وسرعة الإجابة.. وحضور الألفاظ المناسبة للجواب الملجم.. إنه الذي يجيب فلا يبطئ ويقول فلا يخطئ.. كما تصفه العرب. 9. أما عناصر سرعة البديهة فهي: الانتباه، والإدراك، والتذكر، والتفكر، والذكاء، والإبداع. 10. البداهة لا توجد إلا في قلة من الناس في كل بيئة.. وهي مسألة مرتبطة بالدماغ البشري وقدرته على الربط السريع بين المعلومات والأفكار والمواقف.. إضافة إلى القدرة على التذكر للمواقف والأحداث والتواريخ والأشخاص.