الشيخ عبدالرحمن بن محمد السحيباني رحمه الله شهيد الوطن وفقيد الأمة.. الذي اغتالته الأيدي الآثمة.. من أين أبدأ في الحديث عنه فشهادتي فيه مجروحة لكن أحسبه والله حسيبه من خيرة الرجال الذين خدموا دينهم وأخلصوا في عملهم، لقد كان رحمه الله شعلة من شعل الخير في منطقة الجوف لم يقتصر على عمله الرسمي في المحكمة المستعجلة بل بذل كل ما يستطيع من وقت ومال وجهد وجاه لخدمة الضعفاء والأرامل والمحتاجين والسعي في الخير لهم فقد رأس رحمه الله الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الجوف.. وهذه بحد ذاتها من أشرف الأعمال وأجلِّها وأصدق دليل على صدق نيته أنه يقوم بهذا العمل الجليل بإخلاص.. فليس هناك مهنة أشرف من تحفيظ كتاب الله والسعي إلى تعليمه وتدبره للناشئة.. وإضافة الى ذلك قام هذا الرجل برئاسة المبرة الخيرية التي تنفق على المحتاجين والضعفاء والارامل.. وهذا عمل خير من اعظم الاعمال وأجلها.. ولم يكتف رحمه الله بذلك بل رأس لجنة إعمار المساجد بمنطقة الجوف.. وخلال فترة قصيرة تمكن رحمه الله من بناء حوالي 40 مسجدا منها مسجد الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فطوبى لمن كان له قصب السبق في هذه الاعمال.. وطوبى لمن كانت خاتمته على هذه الشاكلة وهو في اوج أعماله الخيرية.. ومن النادر ان تجد رجلاً يجمع كل هذه الاعمال الخيرية ويشرف عليها ويسعى فيها.. وطوبى لمن كان همه خدمة الضعفاء وجمع الأموال من أهل الخير خدمة لهم.. فهذا هو رجل الخير الذي لا يأتي إلا بخير.. رجل تجاوز كل عوامل الضغناء والحقد والقيل والقال وكرَّس كل وقته خدمة لدينه ووطنه.. أخلص في عمله الرسمي وتفرَّغ لأعمال الخير وأهالي الجوف هم خير من يشهد بذلك.. لقد كانت الخسارة بفقده عظيمة.. ولكن: في السماء نجوم لا عداد لها وليس يكسف إلا الشمس والقمر..!! لقد كان هذا الرجل قمرا من أقمار الخير مميزاً بين الآلاف.. هذا الرجل كتب الله له القبول في الأرض فأحبَّه الناس لأعماله الخيرة.. خير دليل على ذلك هذه الألوف المؤلَّفة التي نعته والتي بكته يوم جنازته والتي اتت من جميع أنحاء المملكة وعلى رأس هؤلاء سمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله الذي حضر الى البدائع خصيصا للصلاة عليه وتقديم العزاء فيه.. وهذه بادرة رائعة من سموه تعوَّدنا عليها وكذلك من سمو أمير منطقة القصيم وهذا دليل اهتمام ولاة أمرنا بالمشايخ وطلبة العلم. هذا الرجل قُتل وهو متوضىء متطهِّر متوجِّه لإلقاء خطبة الجمعة وأداء صلاة الجمعة في جامع محمد بن عبدالعزيز بسكاكا يوم 6/7/1423ه.. وكان كل وقته مكرَّساً لأعمال الخير فلم يجد قاتله فرصة يقتله خارجها.. فأحسن بها من خاتمة إن شاء الله أما اليد الغادرة الجبانة التي اغتالته وهو متوجه لصلاة الجمعة فهي يد آثمة لا تعرف للعلماء قيمة ولا للمشايخ وقاراً.. من الذي يقدم على قتل رجل متوجِّه إلى ربِّه آمن مطمئن؟!.. إلا رجل ملأ الحقد والحسد قلبه فنسي ربَّه وآذى عباده.. فتبّاً له.. وويل له مما ارتكبت يده هذه الرصاصات الغادرة قطعت نهراً جارياً من انهار الخير في منطقة الجوف.. اما هذه اليد الغادرة فلن ينسى التاريخ فعلتها.. وحتى قبل الاعتداء على هذا الشيخ بيوم كان ذاهباً إلى جدَّة للسعي في مظلمة امرأة عند ولاة الأمر حفظهم الله وهذا دليل أكيد على اخلاصه ونقائه وابتعاده عن ظلم الناس.. لقد عرفت هذا الشيخ هاشاً باشاً طلق المحيَّا ودوداً عطوفا كريما جمع كل خصال الخير فأحبَّه الناس وخصوصا أهالي الجوف الذين جاءوا جماعات للصلاة عليه لقد كان عالي الهمَّة في حياته ومماته. علوُّ في الحياة وفي الممات لعمري تلك إحدى المكرمات..!! ستبقى أعماله الخيرة وسيرته الوضَّاءة ذكرا عطرا له ولأفعاله.. أما قتل مثل هذا الرجل في بلد يجل العلم والعلماء ويوقِّرهم فهي سابقة خطيرة جداً وغريبة على مجتمعنا المسلم الأبي الذي يأبى الغدر وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق وإنني على ثقة من أن العيون اليقظة ستصل إلى هذه اليد المجرمة الجبانة لتقطع دابر شرِّها.. فأي جرم ارتكبت.. وأي فظيعة جاءت بها.. إنها جريمة فظيعة ومروِّعة فهل جزاء الإحسان بالإساءة.. ولكن عزاؤنا في يقظة رجال الأمن لدينا واهتمام ولاة أمرنا..