تلقيت قبل أسبوع إهداءً قيماً من صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، عبارة عن كتاب (الأمان الثاني) وليس هناك في نظري أهم من إهداء الكتب، كيف لا، والكتاب أعز جليس، ولا سيما إذا كان طرفا القضية من الوزن الثقيل: الكتاب، ومؤلفه، يأتي هذا المؤلف القيم في إطار الممارسة الثقافية، إذ سمو الأمير متخصص في العلوم السياسية، وهذا الكتاب محسوب على أكثر من حقل ديني، استعرضت الكتاب، ولم أضعه في حقله بمكتبتي على أمل العودة إليه، من خلال قراءة تدبر، وتقويم. الكتاب انطلق في منهجه، ومادته من آية غاية في الأهمية، والكثافة الدلالية: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (33) سورة الأنفال. رؤية المؤلف تقوم على غياب الأمان الأول المتمثل في غياب الرسول صلى الله عليه وسلم بالموت. وفي تصوري أن الرسول موجود بسنته، ويتفق وجوده بتمثل سنته. وعلى ضوء هذه الرؤية يكون الأمانان موجودين، تماماً مثلما وجود صوته، فالمخالف للرسول صلى الله عليه وسلم كمن رفع صوته عند حجرات الرسول. العبرة في عموم اللفظ لا في خصوص السبب. رؤيتي، ورؤية سموه احتماليتان قابلتان للمراجعة. حسم الموضوع برؤية أحدنا تقزيم للنص، وإنهاء لتدفق عطائه، الإعجاز البياني للقرآن مرده لانفتاح النص. والقرآن حمال أوجه. إضافة سموه مهمة، ولمّا تزل مفتوحة لمزيد من الإضافات. قلت إنني لما أزل على موعد مع استقراء النص، وأحسب أن في الكتاب بقايا، بودي لو اعتورته أقلام الباحثين الأكاديميين المتخصصين في بحوث الترقية الأدق منهجية، والأعمق دراسة. إذ كل الصيد في جوف الفراء. شكراً سمو الأمير على إهدائك القيم، ومزيداً من الإضافات المتميزة..!