تكتسب قمة العُلا الخليجية أهمية بالغة لكونها تأتي في ظرف دقيق وحساس تواجه فيه المنطقة والعالم العديد من التحديات الطبية والاقتصادية والأمنية؛ ما يجعل من تعزيز التعاون بين دول منظومة المجلس أمرًا بالغ الأهمية أكثر من أي وقت مضى. وأظهرت استضافة المملكة للقمة الخليجية نهجها الذي بدأته منذ اليوم الأول لتجدد الأزمة الطارئة مع قطر في العام 2017 وقبلها في العام 2013، والمتمثل بإيمانها بأهمية الحل السياسي بوصفه السبيل لتجاوز كل المشكلات وتلافي كل التحديات، والتغلب على كافة المشاغل الأمنية التي تهدد دول المجلس. هذا الجهد السعودي تبلور نجاحا في القمة الخليجية في العلا التي تعد الأولى منذ العام 2017 التي تتوافق فيها جميع دول المجلس، في رسالة تعكس الدور المحوري الكبير الذي قامت به الرياض في إطار جهود إنهاء الأزمة القائمة، والثقة الكبيرة في قيادتها السياسية وحرصها على لم الشمل وتحييد الخلافات. وعكست استجابة دول مجلس التعاون الخليجي لدعوة أخيهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للتضامن ولم الشمل، ما يتمتع به - أيّده الله - من مكانة كبيرة لدى إخوته القادة الخليجيين، واستشعارهم حرصه الشديد في الحفاظ على تماسك المنظومة الخليجية. إلى جانب ذلك بيَّن انعقاد القمة الخليجية ال 41 على أرض المملكة العربية السعودية وتحديدًا في محافظة العُلا برئاسة سمو ولي العهد، الدور المحوري الذي تضطلع به الرياض، وتأكيدًا على مسؤولياتها التاريخية كشقيقة كبرى لدول المنظومة الخليجية. ويعد إعلان سمو ولي العهد عن توجيه خادم الحرمين الشريفين بإطلاق اسم الراحلَين السلطان قابوس والشيخ صباح الأحمد على قمة العُلا تقديرًا من المملكة العربية السعودية للجهود الكبيرة والأدوار البارزة للراحلين في تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك. وعكست إشادة الأمير محمد بن سلمان بجهود رأب الصدع التي بذلتها دولة الكويت ومساعيها الحميدة في إعادة الوئام للبيت الخليجي بدعم من الولاياتالمتحدةالأمريكية تقدير المملكة الكبير وتعاونها الكامل منذ اليوم الأول، وحرصها على تدعيم المنظومة الخليجية وتحصين دولها وإزالة كل ما من شأنه تعكير صفاء الإجماع الخليجي. وشددت دعوة سمو ولي العهد الدول الخليجية إلى النهوض بالتعاون فيما بينها لمواجهة مشاريع التخريب في المنطقة، وفي مقدمتها المشروع النووي الإيراني على أهمية استشعار المملكة أهمية توحيد الجهود كسبيل لتجاوز كل التحديات التي تعصف بالمنطقة. وجدد ولي العهد التأكيد على أن سياسة المملكة الثابتة والمستمرة وخططها المستقبلية ورؤيتها التنموية الطموحة 2030 تضع في مقدمة أولوياتها مجلس تعاون خليجي موحد وقوي، إضافة إلى تعزيز التعاون العربي والإسلامي بما يخدم أمن واستقرار وازدهار دولنا والمنطقة. ورغم تعقيدات أزمة العام 2017 وتشابكاتها إلا أن أمن ووحدة دول مجلس التعاون الخليجي يكبر أمام أي خلافات، وهو المنطلق الذي على أساسه انطلقت الاتصالات والمشاورات المتعلقة بحلها على مدار جولات عديدة بدأت منذ أواخر العام 2019، وتوّجت بإتمام المصالحة في قمة العُلا الخليجية. كما أن تأكيد سمو ولي العهد في تصريحه الاستباقي للقمة على سياسة المملكة ونهجها الراسخ في تحقيق المصالح العليا للمنظومة الخليجية، يعكس ريادة الدور السعودي التاريخي تجاه مجلس التعاون والحرص الكامل على تعزيز المكتسبات لما فيه خير دول وشعوب المجلس. وتأتي استضافة المملكة لقمة لم الشمل الخليجي والعربي في إطار حرصها على قطع الطريق أمام الدول الإقليمية التي سعت لاستغلال الأزمة الطارئة الحالية لصالحها، وتفويت الفرصة عليها لتنفيذ مخططاتهم التوسعية في المنطقة. كما أن حفاوة استقبال سمو ولي العهد لقادة وممثلين دول مجلس التعاون الخليجي لحظة وصولهم لأرض المملكة وعند سلم الطائرة، أكدت تقدير سموه البالغ لهم ولاستجابتهم للجهود الحثيثة التي قادتها السعودية في إطار مسعاها للم الشمل الخليجي وتوحيد الصف ومواجهة التحديات المشتركة. ما سبق أكده توقيع الدول الخليجية على بيان العُلا دون تسجيل أي ملحوظات أو تحفظات، ما عكس نجاح قيادة المملكة لجهود عقد هذه القمة في إطار تعزيز التضامن الخليجي ولم الشمل وتوحيد الصف والنهوض بالتعاون إلى مجالات أرحب.