من العجب انه لم ينبس التراثيون بأي كلمة في تلك الامسية للتعليق حول احتفالية نادي الرياض الادبي ب«موسوعة الادب العربي السعودي» حيث أبدى المحافظون امتعاضهم وقلقهم من تلك الموسوعة التي قام الحداثيون على حد تعبير الشيخ عبد الله بن ادريس بتحريرها وصياغتها من ألفها الى يائها، والتعتيم الاعلامي الذي صاحب هذا المشروع فقد اقام النادي الادبي بالرياض مساء الاحد الماضي ندوة تكريمية تعريفية بمناسبة «صدور موسوعة الادب السعودي الحديث» وكان ضيوف اللقاء في هذه الامسية الدكتور منصور الحازمي المشرف العلمي على الموسوعة والدكتور عزت عبد المجيد خطاب والدكتور سعد البازعي والدكتور معجب الزهراني وهم اعضاء في اللجنة العلمية للموسوعة. وألقى الدكتور منصور الحازمي المشرف العلمي على الموسوعة كلمة تعريفية بالموسوعة وسلَّط الضوء على المراحل التاريخية التي مر بها الادب السعودي، ورأى المحاضر ان مرحلة التأسيس في عهد الملك عبد العزيز تمثل البداية الحقيقية لنشوء الادب حيث شهدت تلك المرحلة الظهور الحقيقي للتعليم والابتعاث وظهور الصحافة بمفهومها الحقيقي. ثم سلَّط المحاضر الضوء على المراحل اللاحقة من ظهور التيار الواقعي ومرحلة التحديث التي مر بها الادب السعودي بالاضافة الى ظهور تياري الحداثة والادب الاسلامي في المرحلة الرابعة. واكد على ان النماذج الادبية المختارة في الموسوعة روعي فيها قدر الامكان ان تكون من مشارب فكرية وفنية مختلفة. ورأى الدكتور معجب الزهراني ان الخطاب الادبي هو الذي يهيمن في الساحة، وقال انه قد قرأ في المراجع الفرنسية عن مصطلح «الموسوعة» ومراحلها التاريخية وكيفية تكوين الجماعات الموسوعية في تلك الادبيات وقد لامسها المحاضر وهو يقوم بإعداد تلك المتون والمقدمات لفني القصة والسيرة الذاتية في تلك الموسوعة المحتفى بها. وأوجز الدكتور سعد البازعي ملاحظاته حول الموسوعة في نقاط على النحو الآتي: أولا: المصطلحات: 1- سيلاحظ القارىء اولا استخدام مصطلح «موسوعة» الذي ادرك واضعو العمل اشكاليته، فأشار د. الحازمي في تصديره الى سبب اختياره على الرغم مما قد يثيره من جدل قائلا ان اللجنة العلمية «كانت تدرك.. ان كلمة موسوعة قد لا تنطبق اصلا على مجموعة من المختارات والمقدمات، ولكنها تبنت هذا المصطلح للتعبير عن مختلف الافكار والثقافات والاتجاهات التي عاشتها بلادنا خلال مئة عام «مج 1، ص 15»، ويعني هذا ان اللجنة لم تجد تعبيرا اقرب الى التعبير عن تلك الاتجاهات المتعددة والمتضاربة احيانا من مصطلح «موسوعة» ناقلة ذلك المصطلح كما يبدو، الى افق مختلف عما اعتدنا استعماله له، لأن الموسوعة في معناها الاصلي، وهو معنى اوروبي كما هو معروف، تعني «الثقافة العامة» او التعليم العام، وبالطبع فان مصطلح الموسوعة نفسه لم يقف عند تلك الدلالة وانما استعمل كثيرا لوصف اعمال ذات طابع شمولي وإن كانت محصورة في مجال ضيق او متخصص واقصد بذلك «الموسوعات المتخصصة». فهل موسوعة الادب السعودي موسوعة متخصصة؟ ام هي «مختارات» تتلبس مسمى «الموسوعة»؟ في اعتقادي ان استخدام المصطلح لم يكن دقيقا بشكل كاف، وان تبريره لم يكن كافيا، ولا ادري إن كان الدافع الى الاسم شيئاً من الرغبة في الحصول على ما يحمله من هيبة الضخامة وجلالها، او المجاراة للاتجاه العام في اصدار الموسوعات، وفي اعتقادي ان العمل من الاهمية بحيث لم يكن بحاجة الى صفة ترفعه او اتجاه يساعد على انتشاره. 2- من المصطلحات الاخرى التي تستعملها الموسوعة والتي ستثير بعض الاشكال او الخلاف مصطلحيا «التجديد» و«التحديث»، وهذا اشكال لا ارى سبيلا لتجاوزه بمعنى ان من الصعب العثور على حل له، ذلك انه جزء من اشكال عام نجده في مصطلح الحداثة نفسه وما ينطوي عليه من نسبية تتضح بشكل قوي في استعمال مصطلح «ما بعد الحداثة». وعلى أية حال فمما يساعد على تجاوز مشكلات المصطلح منحه الدلالة التي استعمل لها، على ان ذلك يستلزم تبريرا مقنعا. أما من حيث المعايير والتقسيمات التي صنفت بها الموسوعة فأبدى الدكتور البازعي ملاحظاته عليها في نقاط: * من الملاحظات العامة تخصيص مجلدين للنقد الادبي، بينما لم تحظ الانواع الادبية بأكثر من مجلد واحد. وفي تقديري ان جزءا من ذلك الاهتمام بالنقد يعود الى كون المحررين انفسهم نقادا، لكن جزءا منه ربما يعود الى ملاحظة سبق ان ذكرها بعض الباحثين والصحفيين العرب، وهي ان تطور النقد الادبي في المملكة في السنوات الاخيرة فاق تطور بعض الفنون الادبية، بغض النظر عما يمكن ان يعنيه التطور هنا، هل هو في المستوى ام في الحجم. * من المعايير التي اتكأت عليها الموسوعة في تحديد انتماء الكاتب معيار لا يخلو من خلاف، وهو ربط الكاتب بجيل معين حسب العمر، وليس حسب الانتاج. التعليقات: * الدكتور صالح المالك اعترض على الدكتور الحازمي في انتقاده للدكتور عبد الرحمن الانصاري ونعته بالتمرد الاكاديمي عندما قام الانصاري بتغيير تخصصه في مرحلة الماجستير ورأى الدكتور المالك انه لا يصح وصفه بالتمرد او الانحراف الاكاديمي وانما يقترح تسميته بالتخصص الافقي حيث يحلق صاحبه في علوم متنوعة. * تساءل الشيخ عبد الله بن ادريس عن التعتيم الاعلامي الذي ساد الموسوعة منذ خطواتها الاولى، كما ابدى استغرابه من سيادة تيار الحداثة في تحرير موادها. * الدكتور عائض الردادي تمنى تعريفا موسعا وأكثر شمولية للموسوعة وقال ان التعريف الذي قدمه الدكتور الحازمي يعد تعريفا محددا. * الدكتور محمد خير البقاعي تساءل عن جدوى تكرار مسمى «الثامن» في الجزءين المخصصين للنقد.. ولماذا لا يكون بالتسلسل الجزء الثامن والجزء التاسع مثلا. لقطات: * يكثر استخدام ضمير «الأنا» في خطاب بعض المحاضرين. * دعا الدكتور صالح المالك الى فرض رسوم مادية على الامسيات الادبية على غرار ما رآه في المؤسسات الثقافية بشيكاغو، حيث انه يضطر الى دفع عشرين دولار لحضور كل امسية. * يلاحظ امتعاض التيار الكلاسيكي من خروج هذه الموسوعة حيث التزموا الصمت المطبق. * المداخلات كانت ضعيفة جدا ولا ترتقي الى مستوى وحجم الموسوعة. * دعا الدكتور البازعي الى وضع الموسوعة على شبكة المعلومات «الانترنت» وطبعها مضغوطة في مجلد واحد او مجلدين بدلا من تسعة مجلدات مثلا. * هل تم اختيار النصوص دون اعتبار لحقوق النشر ودون استئذان للمؤلفين او حتى إشعار لهم .. هذا ما جاء في استفسار احد المحاضرين.