كتب الاستاذ العزيز عبدالرحمن بن صالح العشماوي في جريدة الجزيرة الصادرة يوم الاربعاء الموافق 12/6/1423ه عبر عموده اليومي «دفق قلم» مقالاً تحت عنوان «التعامل الراقي» ولكن المصيبة يا استاذ عبدالرحمن انه أُبتلي بعض من الناس بمرض خطير استحوذ على قلوبهم وشرب عقولهم، ومن هؤلاء بعض من انعم الله عليهم بالمال وبعض من حباهم الله بمركز مرموق ومرتبة عالية في المجتمع وهذا المرض هو مرض الكبرياء والخيلاء وجرثومة البلاء والعياذ بالله، لقد مرضت قلوب هؤلاء واختلت شعورهم وعميت ابصارهم والمصيبة انك لتجد ان بعض هؤلاء يحمل شهادة علمية عالية وكما يقال «من ازداد علماً ازداد تواضعاً» ولكن هم عكس ذلك وكلما ازدادوا علماً ازدادوا كبرياءً وخيلاء وغطرسة ولم يشفع لهم علمهم ويصل تسفل إدراكهم الى مجرد سماع الالفاظ وعبارات التفخيم ويحسبون انهم سيرتفعون شأناً - ولتجد قلوب بعضهم تتوارى من الغيظ واعينهم تقدح شراراً عندما لا تلطف له الجو وتعوده على الكلمات الرنانة التي اعتاد سماعها. وكم من عبارات الاستفزاز سمعناها مراراً وتكراراً من اناس يراجعون الدوائر الحكومية انه يوجد اشخاص على مراتب عليا وعلى قدر كاف من حسن الاخلاق والتعامل لماذا لا تنعكس الآية ويستغرب اهل الكبر والغطرسة. يقال ان احد الحكماء سأل أبناءه وقال لأحدهم ماذا ترى الرجال فقال اراهم كمثل النمل قال الاب انهم يرونك كما تراهم، وسأل الآخر وقال له نفس السؤال فقال اني اراهم كمثل الجبال، قال فهم يرونك كما تراهم - ولو ان صاحب الكبرياء والغطرسة جرد نفسه من هواها ولو دقيقتين وتأمل وتفكر بحاله لوجد انه انسان ضعيف في خلقه وخلقته وانه خلق من ماء مهين من نطفة قذرة صغيرة - وكما هو معلوم ان الانسان العربي يعيش على هذه الكماليات ويحب الرفعة والشأن في أتفه الاسباب على مر العصور والازمان - ولكن الحال الآن اختلف وتغير إننا نعيش في زمن الحضارة والتطور والعلم الذي يمحو الجهل والغباوة واذا ارتفع الجهل تنور العقل - وبحكم ان هذه الارض التي نعيش عليها هي منبع الرسالة ومهبط الوحي وارض الحرمين الشريفين واننا قدوة للعالم الاسلامي وتتجه انظار المسلمين في بقاع العالم الينا لا بد ان نتحلى بالاخلاق الحسنة والتعامل الطيب الذي حثنا وامرنا به ديننا الحنيف وان نحسن التعامل سواء فيما بيننا او مع العمالة الوافدة التي حدت بها المعيشة الى هذا البلد بل ان اغلب مجتمعنا ينظر الى هذه العمالة نظرة استهزاء وحقارة وسخرية ويعاملهم كأنهم ليسوا بشراً مثلنا. واخيراً اسوق اقتراحا لعله يؤخذ بعين الاعتبار ان تقوم الوزارات والقطاعات الحكومية بتوعية موظفيها وعقد الدورات والندوات لهم في كيفية حسن التعامل سواء في مجال العمل او في الشارع او غير ذلك ويبين لهؤلاء اهمية التواضع والبشاشة والتحلي بالاخلاق الحسنة التي ترفع الامم للعز والمجد وتسمو بها الى الرفعة وعلو الشأن.. وكما قال الشاعر: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت وإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا