التعامل بالذوق الرفيع والأخلاق الحسنة مع الآخرين دليل على رقي الإنسان ورفعة أخلاقه وسمة من سمات إيمانه، الإسلام وبشكل صريح حث على التخلق بالخلق الحسن سواء بطلاقة الوجه أو ببذل المعروف أو بكف الأذى عن الآخرين، وكما أن التعامل بالأخلاق الإنسانية الكريمة دليل وانعكاس لطيبة النفس، أيضا التعامل بالأخلاق الذميمة دليل على خبثها ومكرها، التعامل مع الآخرين بصفة عامة هو انعكاس النفس على صاحبها. إن سلوك الفرد يشمل كل ما يصدر عنه من عمل أو كلام أو تفكير أو شعور أو انفعالات، وجميعها لا تأتي من فراغ بل هي نتيجة تراكمات مراحل حياة الفرد منذ ولادته حتى مماته، وبناء على ذلك ال «بعض» يستطيع أن يميز الشخص صالحا أو طالحا ومعرفة إلى أي بيئة ينتمي من سلوكه وتعامله. من أعظم السلوكيات فتكاً بأصحابها والمحيطين بهم هي آفة الغرور، آفة الغرور مفسدة أخلاقية يبتلى بها من خسر مناعته الإيمانية، الغرور يعصف بالفرد والمجتمع على حد سواء، ولهذا السبب لجأت المجتمعات المتقدمة إلى إدراج دورات تدريبية ضمن برامجها التعليمية تهدف إلى تهذيب سلوك الطلبة وتنمية قدراتهم وتخليصهم من شوائب السلوكيات السلبية. التواضع خلق جميل يتمتع به الإنسان المؤمن السوي، بالتواضع يستطيع الشخص جذب من حوله ويكسب قلوبهم، وعلى العكس فإن الغرور سلوك منبوذ يتقنه أصحاب النفوس المعتلة وممارسته تنفر الناس من حولهم، آفة الغرور من أمراض النفس المعنوية المزعجة ليس لمن ابتلي به فحسب، بل مزعجة لكل من يتعامل معهم أيضا، آفة الغرور نبتة فاسدة تولد لدى الشخص حينما يرتدي عنوة ثوب التكبر والغطرسة ظناً منه أنه يستطيع عبر هذه السلوكيات الرخيصة في التعامل إخفاء شعوره بالنقص والدونية. المال والجمال والسلطة من نعم الخالق على عبيده ولكن قد تتحول إلى نقمة على صاحبها حينما تجره إلى براثن الغرور والتكبر، رصيدك البنكي وجمالك وسلطتك ملك لك ولا تعني المجتمع من حولك، الناس يعنيهم سلوكك وكيفية تعاملك معهم، إن عاملتهم بخلق جميل كسبتهم وإن عاملتهم بغرورك وتكبرك خسرتهم، وكل غرور نهايته الندم والانكسار فما رفع الله شيئا إلا وضعه ودوام الحال من المحال. الغرور مفسدة أخلاقية تنتهي بصاحبها إلى التكبر والتعالي على الآخرين بما في ذلك أهله، كما أنها تجره خلف شهوات النفس الزائلة حتى يقع في سخط الخالق بسبب جهله التعيس، قال تعالى في محكم كتابه (يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)، صدقت ربي (الانفطار). ما أجمل التواضع في التعامل والخضوع للحق والانقياد له وقبوله، التواضع خير علاج للأمراض الأخلاقية والنفسية، التواضع هو الرفعة في الدنيا والآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.