يعيش زكريا موسوي المحتجز في معتقل في مدينة الاسكندرية بولاية فرجينيا الامريكية في ظل ظروف غاية في الصعوبة، حيث تشكل قائمة المحظورات في زنزانته أقلام الرصاص والجاف وأكواب الشاي وفناجين القهوة الساخنة، ويصل الحد إلى حرمانه من الحصول على «مشط» لتسوية شعره، تطبيقا للمواد القانونية الصارمة التي تحظر ايضا استخدام التوابل والبهارات من أي نوع داخل الزنزانة، على اعتبار ان كل هذه الاشياء تدخل في إطار الاسلحة الإرهابية المحتمل ان يستخدمها النزلاء!!. إن المدعي العام الأمريكي «جون اشكروفت» وفي محاولة من جانبه لتطبيق مايسمى «المواد الإدارية الخاصة» على موسوي يريد التأكد من عدم حصول «المختطف رقم 20 » خلال فترة اعتقاله التي تسبق محاكمته على أي فرصة يُساعد من خلالها في شن حرب مقدسة في الولاياتالمتحدة. مؤيدون ومعارضون تحظى مسألة تطبيق الإجراءات الأمنية الخاصة مثل غيرها من القضايا بجدل بين مؤيد ومعارض لها، حيث يعتبرها المعارضون لها أمراً مبالغاً فيه وضاراً، لأنها لا تتيح فرصة حصول موسوي على محاكمة عادلة وفقاً للدستور الأمريكي. ويرى المؤيدون لها أن الولاياتالمتحدة في حالة حرب وان منع وقوع المزيد من الهجمات عليها في المستقبل يسبق الحريات المدنية في قائمة الاولويات.يقول ديفيد فتحي من مشروع السجن القومي التابع لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي «إن بعض هذه الاجراءات يصل إلى مستوى الاجراءات المعمول بها في أي سجن أو معتقل آخر، ومع ذلك فإن المواد القانونية التي تحول دون حصول موسوي على النصيحة القانونية، أو تمنعه من اجراء أي اتصال بوسائل الإعلام تعد اشد قسوة من لوائح السجون العادية» ويمضى ديفيد فتحي قائلا «انه يتم السماح في العادة للمسجونين بمقابلة من يريدون مقابلتهم والتحدث اليهم، وذلك بالنسبة لمن لم تتم محاكمتهم حيث يفترض انهم ابرياء». زنزانة موسوي ان القاء نظرة واحدة على زنزانة موسوي من خلال النافذة الصغيرة جدا المخصصة لتسليم الوجبات الغذائية بالباب تكشف مدى المعاناة بداخلها، فهي عبارة عن غرفة صغيرة مخصصة للحبس الانفرادي ذات ارضية اسمنتية عليها فراش وبها بالوعة مياه ودورة مياه من الصلب، ولا يوجد بها تلفزيون أو راديو، وفي ظل هذه الاجواء يعيش موسوي اثنتين وعشرين ساعة يوميا ولايغادرها إلا إلى الحمام او لاجراء تمرينات على مدى الساعتين الباقيتين من اليوم.وترى عائشة الوافي والدة موسوي ان حرمان ابنها من الاتصال بالعالم الخارجي على مدى عام تقريباً ترك اثره على صحته العقلية، بينما يقول راند الهامود، المحامي من سان دييجو عن موسوي «ان والدة موسوي تشعر ان ظروف احتجاز ابنها تسببت في تدهور حالته العقلية بشكل كبير».ويعلل بعض الخبراء فرض قيود خاصة بدقة في السجون بانها تهدف إلى حمايةالسجين، ويرى مايكل اونيل المساعد السابق للمدعي العام الأمريكي والذي يعمل حاليا أستاذاً مساعداً في القانون بجامعة جورج ارلينجتون بولاية فرجينيا «ان الارهابيين مثل موسوي يتم تصنيفهم في قائمة مختلفة عن المجرمين الآخرين.. وان اتخاذ الحكومة لمثل هذه الاجراءات هو من الامور العادية». لقد تم استخدام الاجراءات الامنية الخاصة على مدى سنوات عديدة لمحاربة الارهاب والتجسس، بهدف عزل المتهم ومنعه من استخدام شفرات سرية للاتصال بالآخرين خارج السجن الذين يحتمل ان يقوموا بتنفيذ عمليات ارهابية في المستقبل، وتهدف هذه الاجراءات إلى منع نشر معلومات سرية قد يعرفها المتهم أو المعلومات التي يتم الكشف عنها اثناء الاعداد للمحاكمة. زائرون عن بعد وبالنسبة لحالة زكريا موسوي، فإنه ممنوع من الاتصال بأي شخص باستثناء افراد اسرته المقربين جدا أو محامٍ معتمد مسبقاً من جانب رجال الادعاء الفيدراليين، كما يتعين ان تقتصر المحادثات التي يجريها مع محاميه على الموضوعات القانونية، وعلى النقيض من ذلك، فإن المحادثات التي يجريها مع افراد اسرته لا ينبغي لها ان تتطرق إلى مثل هذه الموضوعات.أما المحادثات التليفونية فإنها تثير قدراً اكبر من المشاكل على نحو خاص، حيث تقضي اللوائح بعدم سماع محادثات موسوي أو نقلها إلى طرف ثالث، إلا انه يتم مراقبة كل محادثة وتسجيلها وتحليلها من جانب رجال المخابرات لمعرفة ما إذا كانت تنطوى على كلمات شفرية محتملة. ويتم السماح لوالدة موسوي السيدة عائشة التي تقيم في جنوبفرنسا بزيارته، وهنا يقول هامود «عندما تلتقي عائشة بابنها فإنه يتم تسجيل كل المحادثات التي تجريها معه، ويحضر هذه الزيارات احد عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي».وتقضي اللوائح بأن تتم كل اللقاءات عن بعد حيث يفصل المشاركين فيها نوع من «الزجاج المضفور» ويتم الحديث في هذه الحالات من خلال التليفون، ولا يسمح بوجود الإمام أو الشيخ الذي يأتي للصلاة مع موسوي بمفرده معه، كمالايسمح له بالحديث معه، فضلا عن ان الزيارة في هذه الحالة لا تكون من خلال الاتصال المباشر وذلك لحماية الإمام من الخطر الذي قد يتعرض له من جانب المتهم وللحيلولة دون احتجازه له.ولا يقف الامر عند هذا الحد، بل ان المحادثات التليفونية التي يجريها موسوي مع محاميه بشأن المحاكمة تتم مراقبتها وتسجيلها ايضا، وتطبيقا لمبدأ حصانة المحامين ورجال الادعاء وحمايتهم، فإن اللوائح تقضي بإقامة «حاجز» لفصل العناصر التي تراقب محادثات المحامي عن رجال الادعاء المكلفين بقضية موسوي، وتسمح اللوائح للعناصر الفيدرالية بوضع ميكروفونات في الردهة خارج زنزانة موسوي للتأكد من انه لا يحاول التحدث مع الحراس أو النزلاء في الزنازين الاخرى.