نحن في هذا المجتمع بحاجة ماسة إلى الإعلامي المخلص.. إلى المادة الهادفة البناءة.. إلى البرنامج المتميز والمفيد.. وحقيقة لا يخفى عليكم ما يعيشه تلفزيون القناة الأولى من نقلة رهيبة في البرامج الثقافية المباشرة والتي عملت إلى حد كبير على استعادة وجذب المشاهد السعودي من جديد. وموضوع مثل هذا بحاجة إلى مساحة أكبر ومجال أوسع إذا ما أردنا الإلمام بكل جوانبه،، ولكن أستأذنكم الآن للحديث عن برنامج واحد استطاع خلال الفترة الماضية كسب شريحة كبيرة من المجتمع السعودي وأجبر الكثير من الناس على انتظاره أمام الشاشة من الأسبوع للأسبوع. إنه برنامج «مستشارك» مع المبدع «جاسم العثمان» فيا ترى لماذا نجح جاسم في مستشارك ولماذا أحب الناس هذا البرنامج.. وكي أكون منصفاً لابد وأن أكون متحدثاً عن وجهة نظري الشخصية غير معتمداً بذلك على بحث أو دراسة أو حتى استبانة بسيطة، ولكن ما رأيته سوف أتحدث عنه.. ولكل منا رأيه الخاص الذي يعتز به.. فأقول وبالله التوفيق: «جاسم» لم يكن ليصل إلى هذا المستوى المتميز لولا توفيق الله تعالى ثم اعتماده على أشياء كثيرة وأهمها.. خروجه عن «البروتوكول» والروتين الذي تعودناه من بعض المذيعين.. حيث نراه أمام الكاميرا متقيداً جداً تطغى عليه الرسمية والحذر الشديد حتى في حركاته ونظراته.. ولكن جاسم كسر هذا الحاجز وأبدع في الخروج عن المألوف واضعاً لنفسه طريقة خاصة في التقديم يميزها عدم الخوف والحذر.. الانطلاق والحرية في حركة العين والأيدي كذلك..وأيضاً أبدع في طريقة السؤال، طريقة طرح الفكرة.. طرح محور النقاش، كل هذا كان لجاسم ذاتيته فيه، ومفهوم الإبداع «أصلاً» هو الإتيان بالشيء غير المألوف وغير الموجود، ومتى ما خرج المذيع عن أسلوب البقية «التقليدي» أبدع وشد الانتباه لبرنامجه. وحين أبدع جاسم وهو مقدم البرنامج، كان لابد من مواكبة هذا الإبداع في اختيار موضوعات البرنامج «الحيوية، المثيرة» التي يشعر كل واحد من المشاهدين أنها تعنية هو بذاته ولا تعني غيره.. حتى استطاع تحريك مشاعر وعقول الناس نحو موضوعاته الرائعة. ومهما يكن من أمر فإن اختيار الموضوع المثير والمتميز، لا يعني ضرورة استمرار النجاح، فالموضوع والمذيع المبدع بحاجة إلى شخصية رائعة تناقش الموضوع على الهواء بتميز وتلقائية، بعيدا عن الفلسفة المعقدة، بل مناقشة محاور الموضوع بالمستوى الذي يتناسب مع الصغير قبل الكبير ومع الجاهل قبل العالم.. وهذا بالضبط ما سعى إليه جاسم في مستشارك، حيث عرف واستطاع كيف يستقطب الضيوف المناسبين تماماً لموضوع كل حلقة.. ولعل آخرهم كما شاهد الجميع سعادة الدكتور المبدع «عبدالله الفوزان». إذاً برنامج مستشارك جمع «المذيع والموضوع والضيف» ومزجهم في بوتقة واحدة.. فأبدع مخرج البرنامج وأسرته جميعاً في إخراج برنامج اجتماعي ثقافي ديني رائع بمعنى الكلمة.. حتى وصل بهم الحال إلى تسجيل حلقات خاصة بالمشاركات التي وصلت من المشاهدين في أسابيع ماضية ولم يسمح الوقت لقراءتها.. وحقيقة نحن بحاجة شديدة لمثل «مستشارك» ولمثل «جاسم» للتعبير عن همومنا ومشاكل مجتمعنا بالطريقة التي تجذبنا وتريحنا، لا بطريقة تزيد الهمّ همّاً على صاحبه. ومثل «مستشارك» نريده بوقت أطول من هذا، ونريده يستقبل المزيدمن المشاهدين أصحاب الهموم والمشاركات التي تستحق العناية.. لأن هذا البرنامج وغيره، وضع لهم وليس لسواهم.. وختاماً لكم ولجاسم ولمستشارك كل الحب والتقدير.. وأسأل الله التوفيق للجميع في كل شؤون الحياة.