في جريدة «يديعوت أحرونوت»، وتحت عنوان: «القائد الفاشل»، انتقد الكاتب «ران أدليست»، سياسة رئيس الأركان الإسرائيلي المنصرف «شاؤل موفاز»، بمناسبة انتهاء فترة خدمته. حيث قال: كانت نهاية الأسبوع المنصرم مشحونة بالتقارير الإخبارية حول توديع رئيس الأركان المنصرف «شاؤل موفاز»، وكما هو متوقع من شعب في حالة حرب ويودع قائده. فقد أفرط الجميع في الثناء عليه وعلى «وطنيته»، والمشكلة أن هذه ليست حربا في الجيش يستخدمون مصطلح «مواجهة محدودة»، حتى لو كان «موفاز»، يصف الوضع بأنه «حرب من أجل الوطن»، وأن موفاز ليس قائدا. إن القائد هو الشخص الذي تتجسد في شخصيته روح الجيش كله ويحول روح الوحدة العسكرية إلى روح قتالية. ويقود خلفه كل الجنود لكن «موفاز»، كان رئيس أركان قطاع من الجيش وقطاع من الشعب وقد أضر خلال فترة شغله للمنصب بروح الوحدة العسكرية وبالروح القتالية نظرا لكونه قد عبر بشكل فاضح عن جانب آيديولوجى معين له تمثيل سياسي وأدى إلى حدوث فرقة في الجيش وفي الشعب . واستطرد الكاتب يقول: كانت الكنية الرائجة ل «موفاز»، أنه «رئيس أركان سياسي»، لكن هذه الكلمات لا تكفي لوصف المغزى النابع من سلوكه فالروح العسكرية مبنية على وحدة الهدف وليس على وحدة الآراء وعندما توجد خلافات في الرأي كما في حرب لبنان أو الحرب الحالية فإن فعل المشاركة في القتال يكون مبنيا عندئذعلى الامتثال الديمقراطي حيث يكون واضحا أن القائد العسكري الأعلى هو ذراع الهيئة الديمقراطية وليس ممثل هذا الحزب أو ذاك فرئيس الأركان الذي يرسل جنوده للقتال عليه أن يكون خارج الصراع الآيديولوجى وطوال فترة شغله للمنصب عاد «موفاز»، وأوضح أن: رئيس الأركان ينبغي أن يعبر عن رأيه لكنه أوضح بذلك وبقوة بأنه لا يفهم تأثير الخلافات في الرأي على القدرة القتالية للجندي الفرد وأيضا على القدرة القتالية للجيش. إن دور الجيش ضمن أمورأخرى هو إعطاء النسق السياسي فترة زمنية من الهدوء من أجل التقدم في المسيرة السياسية وجيش «الدفاع»، الإسرائيلي يضغط الفلسطينيين اليوم وهكذا يسود هدوء شكلي وهذا هو الوقت الذي ينبغى فيه على رئيس الأركان الذي يعبر عن رأيه أن يقول: بأن الوقت قد حان للدخول في مفاوضات سياسية وعدم انتظار العملية التفجيرية التالية ولكن بحسب رأي «موفاز»، فإنه من أجل أن يطرأ تغيير في الوضع للأفضل فلابد من طرد عرفات. وهذا تقدير موقف إعلامي يقارب الديماجوجية السياسية ويستهدف صرف الأنظار عن فشل جيش «الدفاع»، الإسرائيلي الكبير والرهيب الخاص ب «موفاز»، في التغلب طوال عام ونصف العام على الانتفاضة. ليس فقط أنه فشل وإنما تسبب بدافع من الإهمال والانغلاق في إذكاء النيران واختتم الكاتب مقاله بالقول: إن رئيس الأركان لا يعيش خلافا لجنود وضباط الجيش في الوحدة العسكرية أو في الشارع المعادي أو في قمرة البلدوزر وإنما في دهاليز القوة التي يتم فيها تحديد مستوى اللهيب الذي يشعله جيش «الدفاع»، الإسرائيلي. في هذه الأماكن يجب حساب نتائج الحرب ضد الفلسطينيين: ينبغي أن نأخذ في الحسبان ليس فقط الانتصارات اللحظية وإنما أيضا رواسب الإصرار واليأس الآخذين في التنامي والتي تندلع في نهاية الأمر في صورة «إرهاب»، مهووس. وقد فشل «شاؤل موفاز»، تماما في إجراء هذا الحساب وثمةأمور عجيبة لا يستطيع العقل فهمها حسب طريقة تفكير «شاؤل موفاز»، فهو لا يخدع نفسه فقط بأن «الإرهاب»، قد انخفض مثلما قال وإنما يعتقد بأن «جيش الدفاع»، الإسرائيلي قد استعاد قدرته على الردع بعد عملية «السور الواقي»، ولكن إذا لم يكن الإرهاب قد صُفّي فما جدوى قدرة الردع التي تم ترميمها؟. إنها لوقاحة لا نهائية أن يتم التعامل مع الجمهور وكأنه قطيع أبله وإلقامه فوق ذلك شعارات في الوقت الذي يثبت فيه الأحياء «والأموات»، أن الأمر يتعلق بأكاذيب فظة. فقط الشعب الحائر والمسمم الذي يؤيد رئيس حكومة يدمر دولة إسرائيل هو القادر على الاقتناع بمثل هذا الهراء. الذي يثبت أن «موفاز»، هو إجمالا سياسي صغير تصادف وجوده في منصبه في لحظة صعبة عمل في الجيش كسياسي وليس كقائد. مؤتمر قيسارية وفى جريدة «هاآرتس»، وتحت عنوان «بشارة مؤتمر قيسارية»، كتب «عوزي بنزيمان»، يقول: لم تكن البشارة الحقيقية «لمؤتمر قيسارية»، «مؤتمر اقتصادي، الذي اختتم أعماله في القدس هي بيان رئيس الحكومة حول التفاهم السري الذي توصل إليه مع الإدارة الأمريكية بشأن مبادىء التسوية السياسية مع الفلسطينيين لكنها كانت في الإجماع العام من قبل المشاركين في المؤتمر بأنه إذا لم يحدث تغيير دراماتيكي في الوضع السياسي والأمني فليس ثمة فرصة لإنقاذ الاقتصاد من الأزمة الخطيرة التي يعيشها. ويكمن في هذا التشخيص وللوهلة الأولى مفتاح كسر الدائرة المفرغة من العنف التي تتخبط فيها علاقات إسرائيل والفلسطينيين منذ 22 شهرا وتخيم فوق البشارة السياسية لشارون في أفضل الأحوال علامةاستفهام: هل حقا بلور شارون خطة عمل سياسية جديدة توجد بها فرصة لأن تكون مقبولة من الفلسطينيين؟ وهل هو يدقق عندما يقول إن إدارة بوش قد تتبنى هذه الخطة؟ وهل توجد بها حيوية كافية لتسوية بعيدة المدى أم أنها ليست سوى خداع سيوفر على الأكثر هدوءا لفترة زمنية قصيرة؟ وهل الإنسان الذي يعلن أن حكم «نتساريم»، «مستوطنة معزولة في قطاع غزة»، كحكم «تل أبيب»، قادر على طرح اقتراح يأخذ بعين الاعتبار الأماني فلسطينية ويضمن بذلك قابليته للتنفيذ. وأضاف الكاتب يقول: في مقابل ذلك فإن اتفاق جميع المشاركين في المؤتمر في الرأي _ وزير المالية ومحافظ بنك إسرائيل ورؤساء الصناعة والبنوك وأساتذة الاقتصاد على أنه بدون حدوث تحول حاد في المواجهة مع الفلسطينيين فلن تقوم للاقتصاد الإسرائيلي قائمة كان حقيقة راسخة. ليس الكلام عن تفاهمات سرية أو تلميحات عن خطط خفية وإنما درس عملي محدد وواضح من عامين تقريبا من الانتفاضة التي تسببت في خسارة الاقتصاد 36 مليار «شيكل»، وفي الغرق في ركود اقتصادي عميق وليس من قبيل المصادفة أن الوحيد من بين المشاركين في المؤتمر الذي كفر بالتوقعات المتشائمة كان رئيس الحكومة. فقد اقترح على الحضور ترديد أغنية «نحن نتطلع إلى الشمس المشرقة»، والتصديق بأن الأمور على ما يرام فقد زعم بأن الاقتصاد بعافية في أساسه وبأن ثمة خطرا في أن تحقق النبوءات السوداوية ذاتها. ولذا فقد طالب الحاضرين بالتحرر من القتامة التي يغرقون فيها. إن شارون رئيس حكومة سعيد ففترة حكمه رحلة تعويض لذيذة عن الظلم الذي حدث له «حسب رؤيته»، في الماضي. وهو يبدو راضيا ومعتدا بنفسه وسعيدا بالإنجازات التكتيكية التي يحققها ويتجاهل فشله الرئيسي والمتواصل لإخراج الدولة من محنتها وعندما يؤكد أنه مطلوب بالفعل هدوء أمني من أجل إعادة جذب مستثمرين وسياح فإن ثمة خوفا من أنه يسعى مرة أخرى إلى إنجاز تكتيكي: وقف إطلاق نار وليس حلا جذريا وإخضاع التمرد الفلسطيني بالقوة وليس تسوية متماسكة ومثل هذه النتائج حتى لو تحققت ستبقى العناصرالأساسية التي تحول دون نمو الاقتصاد قائمة كما هي. واختتم الكاتب مقاله بالقول: لم تكن التشخيصات الخطيرة للوضع الاقتصادي غريبة على رئيس الحكومة ووزير المالية فقد خبراها خلال الأسابيع الماضية في النقاشات الداخلية بما في ذلك في جلسة المجلس الوزاري الاقتصادي الاجتماعي فقد عرفا أن نفقات الأمن الجاري زادت العام الماضي بمقدار 6 مليارات «شيكل»، وأن 3 مليارات «شيكل»، أخرى مطلوبة لهذا البند في العام القادم وأن المواجهة مع الفلسطينيين عنصر يسبب ضياع إمكانية النمو لعقد كامل. قبل خمسة أسابيع لم يعبأ شارون بإجراء نقاش داخل الحكومة حول الوضع الاقتصادي وقبل ثلاثة أسابيع غير رأيه عندما أدرك حقيقة الخطر الكامن في الأزمة المالية وفي المواقف الفاضحة ل «دافيد كلاين»، «محافظ بنك إسرائيل»، كما تخلى «سيلفان شالوم»، «وزير المالية»، عن الوضع الهادىء «فقد قال في الماضي: إن تحذيرات الاقتصاديين سلوك مهذب»، وتلك تطورات إيجابية وتدل على أن كلاً من «آرئيل شارون»، و«سيلفان شالوم»، يدركان الآن أنه ثمة ضرورة اقتصادية ملحة لإحداث تحول في الوضع الأمني والسياسي. وهذا الاعتراف لا يضمن بالضرورة تغييرا فوريا في الموقف تجاه الفلسطينيين. ولكن توجد به فرصة لأن ينجح تأثير الدافع الاقتصادي حيث فشلت الفطنة والأخلاق.