أكد القاضي الشيخ اسماعيل الأكوع رئيس الهيئة العامة للآثار ودور الكتب السابق في الجمهورية اليمنية والمؤرخ الشهير، ان الكثير من الدراسات التي تناولت التراث اليمني هي - في الحقيقة - من خارج اليمن قام بها بعثات أجنبية وصلت الى القطر اليمني لأهداف محددة وفي أزمان مختلفة. جاء ذلك في محاضرته التي استمع اليها رواد منتدى حمد الجاسر الثقافي الأسبوع الماضي بالرياض حيث تطرق القاضي الأكوع الى صلته الشخصية بعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - والمراسلات العلميةالتي تمت بينهما في سبيل خدمة التراث اليمني خاصة وتراث الجزيرة العربية بوجه عام. في بداية المحاضرة تحدث القاضي الأكوع المؤرخ المعروف عن المدارس في القطر اليمني عبر التاريخ وقدم وصفا للمدن والهجر اليمنية من خلال رحلاته المتعددة كما وصف الأربطة العلمية التي اشتهرت بها بلاد اليمن عبر العصور التاريخية المختلفة. تساؤلات ومداخلات اتصفت مداخلات هذه المحاضرة بأنها لبست أثواب الأسئلة تقديرا لمكانة المحاضر العلمية فكانت المداخلات والأسئلة كالتالي: معالي الدكتور أحمد الضبيب عضو مجلس الشورى ورئيس تحرير مجلة العرب سأل القاضي الأكوع عن رأيه في حركة إحياء التراث في اليمن السعيد، هل ما زال التراث محورا من محاور اهتمام المثقفين هناك، أم ان القوم انشغلوا كغيرهم عن تراثهم؟ فأجاب القاضي الأكوع ان الحال - للأسف - هو الحال في الكثير من أقطار الوطن العربي ولكن جامعة صنعاء تتبنى مناقشة الرسائل العلمية لتحقيق التراث اليمني في كلية الآداب وهذه خدمة نأمل ان تحقق جزءا من الأمل والطموح المنشود. الدكتور عبدالعزيز الهلابي حصر مداخلته في سؤالين: الأول: أما زال في اليمن نقوش لم تكتشف بعد في اليمن؟ والثاني: هناك نقد يوجه الى طريقة نشر التراث في اليمن ألا وهو الفوضى المؤدية الى التكرار في تحقيق الكتب والمخطوطات التراثية، فهل هناك مشروع لضبط هذه المسألة حفظا لمستقبل التراث؟ فشرح المحاضر تاريخ النقوش في اليمن وذكر للحاضرين ان العديد من البعثات الأجنبية جاءت الى بعض المعابد والقصور لأهداف محددة، ومقاصد معروفة، لذا فإن هؤلاء ينقصهم الصدق، كما ذكر ان الكثير من الدراسات التي نشرتها تلك البعثات الأجنبية ما زالت باللغات الأجنبية، وذكر ان هناك مشاركة فاعلة من قبل الباحثين اليمنيين لهذه البعثات ليتم للتراث اليمني الاستقلالية المطلوبة. أ. محمد الأسمري كانت مداخلته عن امكانية اخراج الكنوز التراثية المتمثلة في المخطوطات في الجامع الكبير في صنعاء وغيرها من مراكز المخطوطات في القطر اليمني فأجابه القاضي الأكوع بأن المراكز العلمية في اليمن تسمح بالاطلاع والتصوير للدارسين الراغبين في التراث المخطوط باليمن. أ. سعد العليان سأل المحاضر عن تجربته الوزارية في بلاده وهل مكنته من البحث العلمي أم اشغلته؟ فقال المحاضر: عانيت مراراً من تبعات المنصب ولكنني استفدت منه في السفر والترحال الى المراكز العالمية المتخصصة في جمع التراث ودراسته في أوروبا وأمريكا. د. عبدالعزيز المانع الباحث المعروف كانت مداخلته محصورة في سؤالين هما: - ألا يمكن توحيد أماكن المخطوطات في القطر اليمني؟ - سمعت عن اكتشاف مصحف في اليمن يختلف عن بقية المصاحف المعروفة في العالم الاسلامي. فأجابه القاضي قائلا: توحيد المكتبات أمر صعب خاصة إذا وضعنا اعتبارنا واقع الأسر اليمنية التي تحتفظ بالكثير من تراث اليمن المخطوط ثم تحدث باسهاب عن ظاهرة بيع المخطوطات وما جرته على التراث اليمني من مشكلات أبرزها تسرب أوعية التراث الى خارج حدود القطر اليمني الى البلاد العربية وبعض بلدان الخليج العربي وكل ذلك أمام الاغراء المادي وحاجة بعض الأسر في اليمن وعدم وعيها لقيمة هذا التراث العظيم. أما المصحف الذي سمعت عنه فهو مجرد مخطوطة وجد فيها اختلاف في الخط فقط ولا يوجد اطلاقا مصحف في اليمن يختلف عن بقية مصاحف العالم الاسلامي فهذه مجرد فرية أطلقها بعض الصحفيين المغرضين. الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة عضو مجلس الشورى تحدث عن قيمة الوثائق في حفظ التراث ثم طرح سؤالا عن مدى اهتمام حكومة اليمن في الحفاظ على الوثائق التاريخية. الدكتور عزالدين موسى وصف محاضرة اليوم بأنها امتداد حقيقي لحياة شيخه حمد الجاسر - رحمه الله - وعلل ذلك بما لمسه من صدق المحاضر وصراحته وثقته العلمية التي ذكرته بعلامة الجزيرة - رحمه الله - في جلساته العلمية المعهودة في هذا المجلس العلمي المبارك. الدكتور محمد خير بقاعي سأل عن مجلة «الإكليل» التراثية المعروفة ما الجديد عنها؟ وقد بشر المحاضر الحضور بأن هذه المجلة الأثيرة لديه ستصدر قريبا في ثوب جديد. وأخيرا تحدث الأستاذ خالد المانع عن الهمداني ودوره في خدمة التراث اليمني خاصة وتراث الجزيرة عامة. بعد ذلك تناول الجميع طعام الغداء الذي أعده الأستاذ معن بن حمد الجاسر تقديرا واحتفاء بالقاضي الأكوع المؤرخ الشهير، ثم التقطت الصور التذكارية مع عدد من الباحثين والمهتمين وممن حضر هذه الجلسة: د. أحمد الزيلعي، د. عبدالله العثيمين، د. أحمد الضبيب، الشيخ فراج العسبلي، د. عائض الردادي، د. عبدالعزيز المانع، د. عبدالعزيز الهلابي، د. سليمان المحيا، د. محمد آل زلفة، أ. محمد الأسمري، د. سليمان الحربش، د. عبدالعزيز بن سلمه، أ. عبدالعزيز الأحيدب، د. خيري البقاعي، أ. ابراهيم السويلم، أ. علي بن رحمة وغيرهم من المهتمين بالدراسات التاريخية وتحقيق المخطوطات.