حالة شعورية وجدانية يصاحبها انفعال نفسي وبدني ينتاب الإنسان عندما يتسبب مؤثر خارجي في إحساسه بالخطر، وقد ينبعث هذا المؤثر من داخل الإنسان. ويعد الخوف واحداً من أهم الحيل الدفاعية «ميكانيزمات» للحفاظ على الذات، وبقائها لدى الإنسان، والخوف أيضاً هو وظيفة للحفاظ على البقاء والحياة لدى الكائنات الأخرى. وتعد المخاوف المرضية ضمن الاضطرابات العصابية، وتتميز بوجود خوف شديد من أشياء ومواقف خارجية، وهنا يعلم المريض أنه لا يوجد خطر عليه من تعرضه لهذه الأشياء والمواقف وأنه لا جدوى ولا مبرر لهذا الخوف، وعلى الرغم من معرفة المريض التامة لذلك إلا أنه لا يستطيع التحكم أو السيطرة على هذا الخوف والذي يمثل خوفاً من شيء آخر داخل المريض يعبر عنه بهذا الخوف الخارجي ومن ثم لا يواجه الصراع الداخلي بنفسه ويحوله إلى مواقف خارجية رمزية. ويفسر الخوف أنه حدث نتيجة المرور بمواقف مؤلمة سابقة وبالتالي تعلم الفرد تجنب تلك المواقف. مثل ذلك الطفل الذي تعرض في الصغر للعلاج من أسنانه وشعوره بالألم من جراء خلع أحد الأسنان يتعلم الخوف من جميع الأطباء ويستمر هذا الخوف مع الكبر. ويمكن تعريف المخاوف المرضية كالتالي: الخوف غير متناسب مع المؤثر أو الموقف الخارجي. لا يمكن تفسير هذا الخوف منطقياً. لا يستطيع الفرد التحكم في مخاوفه إرادياً. يؤدي الخوف إلى الهروب وتجنب المواقف المخيفة. إذا تجاوز الخوف حداً معيناً تبدو عنده الحياة مهددة بالخطر والخطر يمكن أن يكون غير حقيقي إذ يكفي الانطباع الشخصي أنه موجود. والخوف عبء غير عادي على الجهاز العصبي لأنه يقلل من قوة هذا الجهاز عندما يستمر لفترة طويلة ولأنه يثير الجهاز العصبي بقوة وباستمرار فإنه يؤدي إلى الطبع العصبي، وأخيراً يؤدي إلى ما يسمى بالانهيار العصبي. ومن أهم أعراض المخاوف عندما يتعرض الشخص للمؤثرات الخارجية والمواقف المخيفة يعاني من أعراض حادة مؤلمة مثل: الاجهاد، الإغماء، العرق الغزير، الغثيان والقيء وسرعة ضربات القلب وارتجاف الأطراف والشعور بغصة في الحلق وصعوبة في البلع وإحساس بفراغ في المعدة والخوف الشديد الذي يمنعه من تجنب الموقف. أنواع الخوف تعتري الفرد حالات من الخوف الطبيعي الذي يتكون نتيجة لتعرضه إلى مواقف تثير الخوف لديه، ويحدث هذا للجميع من وقت لآخر تمر تلك الحالات بشكل اعتيادي ولا تترك أثراً أو لا تسبب حالات مرضية. ومن أنواع المخاوف المرضية مخاوف ثانوية: حيث يكون الخوف عرضاً لمرض أو اضطراب آخر مثل القلق النفسي. في اضطراب الهستيريا . مخاوف أولية: وهنا يكون مرضاً مستقلاً وليس عرضاً لمرض آخر وهذا النوع ما نحن بصدده في هذا الموضوع. وتختلف الفوبيا عن الخوف العادي بأن الخوف في الفوبيا يكون ناتجاً عن تطور الخوف الاعتيادي من حيث الشدة والتطرف بحيث يصبح حالة مرضية. ويكون الخوف في «الفوبيا» عادة رمزياً، كما أنه يعبر عن انفعالات مقنعة ومكبوتة لدى الفرد كالشعور بالذنب. وتكون المخاوف غير معقولة بحيث لا يتمكن الفرد من تفسيرها. ويستمر خوف الفرد من المواقف بالرغم من أنه يعرف بأنها لا تجلب الضرر عليه، ولا يستند هذا النوع من الخوف إلى ركائز قوية وهي مخاوف غير منطقية وغير واقعية، ويؤدي هذا الموقف إلى شعور المصاب بالخجل من نفسه، والشعور بالوحدة وكثيراً ما يشكو من ضعف الثقة بالنفس، وتردي واضمحلال في الشخصية. المواقف التي يخاف منها المريض هي ما يلي: الخوف من الأماكن المرتفعة والمفتوحة والمغلقة والواسعة والممرات الضيقة والساحات الفسيحة والأماكن المظلمة. الخوف من ركوب الطائرة والمصاعد وغيرها. الخوف من الثعابين والفئران والحشرات والقطط وغيرها. الخوف من الظواهر الطبيعية كالمطر والبرق والرعد والفيضان ورؤية النار. الخوف من الموت والدم، ولمس الأشياء، والقذارة والتسمم. قد يخاف المريض من الخروج منفرداً، أو يتوقع حصول حادث مؤلم. قد يسيطر على الفرد أحياناً خوف شديد عند الاتصال الاجتماعي والالتقاء بالناس مما يحدث الارتباك وعدم القدرة على الكلام ويحمر وجهه ويصاب بالتعرق والتلعثم. وتدفع تلك الحالات المريض إلى الهروب من الاجتماعات ويؤدي به الأمر إلى الانطواء النفسي. الأسباب التي تؤدي إلى «الفوبيا» ينتج هذا الخوف عن صراع أو إحباط شديد يسيطر على المريض. عدم الشعور بالأمان و كبت الفرد لما يشعر به. خبرات الفرد السلبية التي عانى منها في مرحلة من مراحل الطفولة ويكون لها علاقة لا شعورية بينها وبين الشيء الذي يخافه. تحدث بسبب القلق والاضطراب النفسي. كيف تستدل على مظاهر الفوبيا لدى الفرد المصاب: الشعور بضيق التنفس وتصبب العرق و الارتجاف، وسرعة ضربات القلب و برودة الأطراف. الشعور بالدوار الشديد وإذا اشتدت تلك الحالات تؤدي أحياناً إلى الإغماء. يصعب على الفرد التأقلم مع مواقف الحياة ويؤدي إلى تعطيله عن الحركة والنشاط في مختلف النواحي الاجتماعية والعملية. الهروب والابتعاد عن المواقف التي تثير لديه تلك الحالات. العلاج من خلال الجلسات النفسية العلاجية، تبدأ بمعرفة السبب والمشاعر المكبوتة المتعلقة بالموقف الذي يخاف منه الفرد، وإجراء بعض المقاييس النفسية. الاسترخاء لإزالة القلق والتوتر. التدريب التدريجي لمواجهة الخوف وهو التقرب التدريجي إلى الموقف الذي يثير الخوف المراد علاجه ويصبح الربط بين رد الفعل «الخوف» وبين ما يثير الخوف ضعيفاً وبالتالي ينقطع الارتباط ويختفي الخوف. وهي بما تعرف بالتحصين التدريجي وإبعاد الحساسية السلبية Desensitization. والعلاج بواسطة علم البرمجة اللغوية العصبية، «NLP» والعلاج الجماعي والمجموعة في حد ذاتها تخفف من حدة الخوف، ففيها يشعر المريض بالانضمام الجماعي. خاتمة مجتمع بدون خوف.. هذا يقع في مجال التفكير.. وقد يرغب البعض أو الكثيرون فيه. ولكن أليس الخوف عنصراً أساسياً في الوجود الإنساني؟ فالخوف نواجهه مرات متكررة وانتشاره في جميع الأمكنة شيء بديهي، متوقع وواقعي، إن المواقف المخيفة تجعل الفرد يشعر بالتقرب إلى الآخر. هلال أحمد الغامدي أخصائي نفسي