«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في زمننا «صغار» يفتون ويعترضون ويكفِّرون
صالح بن غانم السدلان ل واجهة ومواجهة :
نشر في الجزيرة يوم 25 - 05 - 2002

* النقطة الأولى التي نود إثارتها هنا فضيلة الشيخ هي التخوف أحياناً مما يسمى فقه التيسير.. فلماذا؟
كلمة التيسير كلمة محبوبة ومألوفة ويأنس الإنسان بسماعها لأنها كلمة تفاؤل.. وديننا الإسلامي يضم التيسير كأصل من أصوله وحكم من أحكامه وقاعدة من قواعده الكبيرة.. وفي ذلك نصوص من القرآن والسنة وكلام أهل العلم حول التيسير وأن هذه الشريعة شريعة ميسرة.. قال الله تعالى (يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفا) ويقول جل وعلا: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)..
فالتيسير محبوب ومألوف والذي يريد أن يخفي جانب التيسير في هذه الشريعة فهو جاهل.. والذي يريد أن يخفي ويغطي جانب التيسير ويسلك بالناس مسلك التشديد هذا يهضم حق الشريعة والواجب أن نقدم الاسلام بأسلوبه الذي أنزله به الله جل وعلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث التيسير والمسامحة والعفو..
ففي باب الاتلاف وارتكاب الأخطاء يقول الله جل وعلا: (ولكن ما تعمدت قلوبكم) بمعنى أن الله لا يؤاخذكم في الخطأ ولكن يؤاخذكم بما تعمدت قلوبكم.. ويقول جل وعلا في جانب الإكراه: (إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالايمان).. فلو أكره الإنسان على الكفر وقالها دفعا للأذى عنه من قتل أو غيره وقال إنه كافر بالله وقلبه مطمئن بالإيمان فإنه لا يكون كافرا.. وانما يكفر من استجاب وكفر بالله اعتقادا وتسليما..
إخفاء
* اذن ماذا عن إخفاء هذا الجانب؟
إخفاء جانب التيسير.. يجعلنا نتساءل: من الذي يخفي جانب التيسير في الشريعة.. فهذا إمامنا وقدوتنا النبي صلى الله عليه وسلم يعامل الناس بالتيسير والعفو والصفح ويعاملهم بتحمل أذاهم.. وها هم الخلفاء الراشدون والصحابة كانوا يتعاملون بالتيسير والمسامحة.. وكذلك أئمة الإسلام والتابعون والأئمة المشهورون كأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم. فجميع مذاهب هؤلاء كانت تتسم بالتيسير والمسامحة والعفو.. فالتخوف من اظهار جانب التيسير أعتبره غمطاً لهذه الشريعة وإخفاء لحقيقة من حقائقها..
خلاف
* فضيلة الشيخ: من هذا المنطلق لعلنا نتناول موضوعات تمثل أهمية أمام الفرد المسلم كمعاملات البنوك.. الموسيقى.. غطاء الوجه.. قيادة المرأة للسيارة وغيرها من الأمور حيث نجد أنها موضوعات خلافية يفترق فيها رأي العلماء بين الِحلِّ والمطلق والحرمة القاطعة ومن ثم يتيه المسلم العادي.. فبرأيكم لِمَ هذه الحديَّة في الرأي .. وما موقف المسلم إذا أراد متابعة مشايخ التحليل أو من ينسب إليهم التيسير ممن يحسب أن لديهم دراية في العلم الشرعي؟
في الحقيقة علينا ان نقسم التقسيم التالي فهناك مسائل لا يمكن ان يكون فيها خلاف.. وهي المعروفة من ثوابت هذا الدين كأركان الاسلام وفرائضه وواجباته فهذه لا مجال للخلاف فيها.. ولم يختلف فيها احد من اهل العلم..
الثاني: نصوص صريحة أيضا لا مجال للمناقشة فيها مثل أنصباء الفرائض كقول الله جل وعلا: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد) فلا يمكن ان يكون هناك خلاف على هذا النص.. فهذا نص قاطع في القرآن الكريم فلا مجال لأحد ان يختلف فيه.. الأمر الثالث النصوص القابلة للاجتهاد.. لأحدهم رأي وللآخر رأي.. فباب الاجتهاد مفتوح الى يوم القيامة.. ولا نقول كما يقول بعض أهل العلم بأن باب الاجتهاد اغلق وبأن الأصول بدأت بالشافعي وختمت بالشاطبي.. فهذا غير صحيح، فالله جل وعلا أذن لعلماء المسلمين ان يجتهدوا فيما لهم فيه مجال للاجتهاد فلا ننكر ونمنع باب الاجتهاد.. فهذه المسائل التي ذكرتم كمعاملات البنوك.. نجد ان هناك من يقول انه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية مطلقا.. وهناك من يجيز التعامل معها دون التعامل بالربا.. كتعامل البيع والشراء.. أو التحويل او غير ذلك وتجنب التعاملات الربوية.. وهذا القول هو الصحيح.. لكن لا نحجب اقوال الآخرين ونمنع وجهة نظرهم ونقول ليس لكم قول.. لأن باب الاجتهاد مفتوح.. فقد يقول أحدهم وهو يتوسط في الحكم إنه لا يحرم جميع صور التعاملات مع البنوك ولا يبيح جميعها ولكن يحرم ما يجرُّ إلى التعاملات الربوية.. وما فيه مصلحة للانسان ويجد نفسه بحاجة إليه فإنه يتعامل مع البنوك.. والنبي صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة ليهودي.. واليهود يأكلون الربا كما هو مذكور في القرآن.. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يمتنع التعامل معه.. لكنه لم يتعامل مع الربا.
حاجة
* إذن فهي الحاجة، شيخ صالح.
نعم قد تدعو الحاجة إلى التعامل مع البنوك فيما أباحه الله، فلا مانع من التعامل معها وبخاصة إذا كان الانسان محتاجا إلى ذلك.. كمن يسافر للخارج ولا يجد إلا البنوك الربوية، ألا يجوز له أن يتعامل معها؟ بلى يجوز له التعامل معها بدلا من أن يحتفظ بماله في حوزته ويكون عرضة للسرقة أو الاعتداء.. وعندما يكون باستطاعته التعامل مع البنوك الاسلامية إن توافرت فلا ينبغي أن يتعامل مع البنوك الربوية.. أو عندما يكون مستغنياً عن التعامل مع البنوك الربوية لا يجوز له التعامل مع البنوك وهو في غنى عنها.. إذاً نجد أن للاجتهاد دوراً كبيراً في هذه المسائل وعلينا الأخذ بأقوال من نثق به من أهل العلم ومَنْ قولُه أقرب إلى الدليل.
فوائد
* وماذا عن إنفاق الفوائد العائدة من التعاملات البنكية في أعمال خيرية؟
أخذ الفائدة والتخلص منها.. إذا كنا نقول إن الفائدة محرمة.. نحكم بأنه لا يجوز ويجب تركها والاكتفاء برأس المال.. يأتي آخر يقول إن ترك الفائدة يؤدي إلى انتفاع الكفار بها وربما لا يستفيد البنك منها وانما قد تصرف لمن قد يحارب بها المسلمين.. فالجواب هنا: قيل إن هناك أمراً اسمه «التخلص» «وآخر» يدعى «الصدقة».. فالفوائد الربوية لا يجوز التصدق بها، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.. فلا يصلح للفوائد الربوية إلا التخلص منها.. كتسليمها لمضطر لها.. مثل المضطر لأكل الميتة.. فالمضطر للفوائد الربوية يأخذها.. كمضطر لاجراء عملية جراحية ان ترك نفسه تطور المرض وإن أراد اجراءها لن يتمكن من ذلك لعدم توفر مال لديه.. هنا يأتي صاحب الفائدة الربوية ويعطي ذلك المضطر تلك الفوائد ليدفع الضررعن نفسه.. فهذا هو طريق التخلص من هذه الأموال وغيرها..
موسيقى
نقطة أخرى؛ ماذا عن سماع الموسيقى وهناك من أفتى بحلِّها بل استحبابها «أحياناً» إذا اشتملت على نص يدعو إلى الفضائل مقابل من قال بحرمتها المطلقة؟
الموسيقى فيها نص صريح وفيها نص مجمل.. أما النص المجمل فهو قول الله جل وعلا «ومن الناس من يشتري لهو الحديث» ومن اللهو الموسيقى.. ولكن جاء في الحديث الصريح الصحيح في البخاري أنه في آخر الزمان يستحل الناس «الحِرّ» أي الفروج والحرير، أي لبس الحرير والمعازف أي الموسيقى... وجاء بأنهم يسمونها بغير اسمها.. فقال بعض أهل العلم إن الاستحلال يختلف عن الاستعمال.. فقد يستعمل الانسان الموسيقى ويعتقد أنها محرمة.. وآخر يستعملها ويعتقد أنها حلال.. فالذي يعتقد أنها حلال فهذا يعرض نفسه لخطر عظيم لأن الحديث صحيح وصريح في تحريمها.. ومن فعلها ويعتقد أنها حرام فإنه مرتكب لهذه المعصية ومن تاب تاب الله عليه.
غطاء
* نصل إلى غطاء الوجه وهو قضية خلافية كذلك؟
غطاء الوجه مسألة الخلاف فيها من عهد السلف.. من عهد الصحابة.. بين ابن عباس وابن مسعود.. وسبب الخلاف هو قول الله جل وعلا: «ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» فقول «إلا ما ظهر منها» فسره البعض بما جرت العادة بكشفه.. وهو الوجه والكفان.. فيباح لها كشف ما جرت العادة بكشفه في البيت أو في العمل ونحو ذلك.. وأخذ في ذلك معنى الاستثناء بقوله تعالى «إلا ما ظهر منها»..
أما البعض الآخر فقال «إلا ما ظهر منها»: ما لا يمكن ستره وهو الطول والعرض ولون الخمار.. فلا يمكن للمرأة أن تستر هذا، فهذا هو المعفو عنه.. وأما الكفان والوجه فإنه يتعين سترها.. فإذا عرفنا أن هذا الخلاف قديم من عهد الصحابة إلى يومنا هذا.. وأن هناك فئة من العلماء يجيزون كشف الوجه والكفين وفئة أخرى منهم لايجيزون ذلك فهذا له دليل ولهذا دليل.. ولكل مرجحات.. ولكن العلماء الذين أباحوا كشف الوجه واليدين متفقون على ان الافضل تغطيتها فيتفقون مع القول الثاني الذي يوجب تغطيتها.. كما انهم اشترطوا الا تكون المرأة فاتنة.. فان كانت فاتنة فانهم يستثنون هذه الحالة بوجوب تغطية وجهها وكفيها.. كما ان هناك أمرا آخر وهو أننا في هذا الزمان وجدت لدينا وسائل التجميل الجراحية والأصباغ وغيرها فتلك الوسائل القبيحة تجعل من النساء جميلات ولافتات للنظر.. فهنا نعود الى قول العلماء الذين اشترطوا غطاء الوجه اذا كانت المرأة فاتنة.. وبما ان وسائل اظهار المرأة فاتنة باستخدام وسائل التجميل متوافرة فنقول: يجب تغطية الوجه.. كما ان اهل العلم اشترطوا لإجازة كشف المرأة لوجهها الا تتعرض لما يفتنها.. ولكننا في هذا الزمان نجد ان المرأة تتعرض لما يفتنها ويؤذيها حتى لو كانت متحجبة «مغطية لوجهها».. فما بالك اذا كشفت وجهها وأبدت زينتها وكانت فاتنة؟!!
خلاصة
* وخلاصة القول شيخ صالح؟
- الذي يظهر ان الواجب على المرأة تغطية وجهها فان كانت جميلة خلقة فقد نص العلماء المجيزون لكشف الوجه واليدين على أنها يجب عليها تغطيتها وان كانت غير جميلة فان وسائل التجميل الحديثة تحولها الى امرأة فاتنة قد تكون أشد فتنة من الجميلة خلقة.. وعلى هذا ينبغي تغطية الوجه واليدين للمرأة.. وأريد تأكيد ان تغطية الوجه واليدين أصبحت أمرا مألوفا في الدول الغربية.. فما بال المسلمين يضيقون بذلك ذرعا.. وأذكر على سبيل المثال هنا بأن احد المسلمين من الأمريكيين يقول ان زوجته رغبت في زيارة الدول الاسلامية .. «لكني منعتها من ذلك لأنها لو رأت بعض النساء في بعض البلدان العربية لارتدَّت ربما عن الاسلام.. فقد علمنا النساء المسلمات لدينا في الولايات المتحدة على التستر الكامل فرضين به ووجدن به راحة وطمأنينة.
قيادة
* أيضا فضيلة الشيخ؛ تأتي قضية قيادة المرأة للسيارة ضمن مجمل القضايا الخلافية فهل من رأي يوازن بين الآراء المتعددة؟
- قيادة المرأة للسيارة تختلف من موقع إلى آخر.. فقد يقال ان المرأة تقود السيارة في بلد ما ولا تقودها في بلد آخر.. فمثلا في البلاد المحافظة كما هو عندنا المرأة لا تسافر دون محرم لها.. ولا تخلو بأجنبي عنها.. لا تخالط الرجال.. كما أنها متحجبة .. وتكون غالبا في بيتها لتربية أولادها.. ولا تستطيع ان تكافح او تدافع وتنافح اذا حصل عليها تعدٍ او غير ذلك.. المرأة لدينا تعودت على ان تكون تبعا للرجل وهي مقتنعة بذلك.. كما قال الله تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض».. والمرأة لدينا مؤمنة ايمانا كاملا بأن المرأة خير لها الا ترى الرجال وألا يروها.. وتؤمن ايمانا كاملا بأنه لا ينبغي ان يراها سوى زوجها ومحارمها.. فإذا كانت هناك رغبة في قيادة المرأة للسيارة في بلادنا مع هذه الأحكام التي تجعل المرأة محافظة متقيدة وملتزمة.. فذلك غير وارد.
فقيادة المرأة للسيارة في بلادنا تتنافى مع هذا كله.. ويلزم قيادتها للسيارة عدة لوازم كمخالطة الرجال.. او دخول دور الشرطة.. او الذهاب الى مكان بعيد دون محرم.. او يتعرض لها احد الى آخر ما هنالك.
فلم يأت تحريم او منع قيادة المرأة للسيارة في بلادنا للقيادة ذاتها.. لا.. فلو أننا في وسط الصحراء فلا مانع من قيادتها في ذلك المكان.. لكن ان تأتي المرأة الى مدينة مكتظة بالسكان وتقود السيارة.. فهذا غير جائز.
فقيادة المرأة للسيارة في بلادنا لا تجوز الا بترك الامور التي ذكرتها آنفا والتحلل منها.. وهذا امر لا يقره ديننا.. ثم نقول ان الرجل كفيل بأن يقوم على المرأة.. فالمرأة إما ان تكون بنتا عند والدها وإما أن تكون زوجة عند زوجها.. وإما أن تكون أماً عند ولدها.. فهؤلاء هم المعنيون بها.. وهم ملزمون بها شرعا.. سواء بنقلها او غير ذلك. ولعلي استشهد هنا بمثل يقول «اذا رأيت النساء يعملن عمل الرجال فهذا دليل على عجز الرجال».
ولهذا نجد الدول التي أتاحت للمرأة دخول كل مجال ومشاركة الرجل في عمله.. انتشرت فيها البطالة واصبح الرجال لا يجدون عملا لمزاحمة النساء لهم.. فالمرأة نصف المجتمع او ربما ثلث المجتمع في كل مكان.. فإذا أخذت نصف الوظائف أو ثلثها في اي مجتمع فما الذي سيبقى للرجل؟ واذا بقي الرجل في وظائفه واعماله من قيادة السيارة وغيرها فإنه يستطيع ان يقول للمرأة أنت مصونة مكرمة كما قال الله تعالى: «وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى».
تأمين
* أيضا من الامور التي اضطر إليها الناس في هذا الوقت سواء في المملكة او الدول الاخرى.. موضوع التأمين.. سواء تأمين السيارات، المنازل.. او التأمين الصحي والتقاعدي.. فما رأي فضيلتكم في هذا الأمر؟
- من عادتي ان لديَّ اقتناعا بأن المسائل التي تمس عامة الناس لا ينبغي للأفراد ان يتكلموا فيها.. لماذا؟ ليس لأن الحكم قد يخفى.. فقد يجيب المسؤول عن جانب من القضية ولا يظهر الجانب الآخر.. ولكن القضية تستدعي جمع معلومات وافية واشتراك عدة تخصصات في هذا المجال.. فلو قلت رأيي وصاحب التخصص قال ما ينافيه .. وقال فلان رأيه على انفراد.. فلا بد من اجتماع التخصصات وعرض الايجابيات والسلبيات وبيان الدليل الذي يقول لي قل هذا حلال ام حرام.. فهذه القضية من القضايا التي تدرس ولله الحمد في المجامع الفقهية والهيئات العلمية المتخصصة التي يجتمع عليها اكثر من خمسين رأيا.. فما بالك برأي واحد امام خمسين.. فأطالب هنا رجال الاعلام بتوجيه الاسئلة العامة للمجامع العلمية.. لاننا نتأذى حقيقة عندما نسمع ان فلانا افتى بكذا في قضية تمس عامة الناس وآخر افتى بكذا.. فهذه من الاخطاء.
تفجيرات
* هل يشمل هذا القضايا التي تمس الأمة بشكل عام كما في الاحداث الاخيرة؟
- نعم وعلى سبيل المثال فنحن نسمع بأن شخصا اصدر فتوى بأن التفجيرات التي تعرضت لها الولايات المتحدة من الجهاد ومن الأعمال المشروعة.. مما أحدث بلبلة للشباب في الداخل والخارج.. فلماذا لم ينضم هذا الذي اصدر الفتوى الى اهل العلم.. اما ان كان مقتنعا برأيه هذا فعليه السكوت وعدم اعلانه على اقل تقدير.. لأنه في بعض الاحيان أرى أن هذا الشيء حلال لكن لو قلت به لأدى الى فتنة.. فلماذا لا اسكت.
فأقول ان مثل هذه الأسئلة تكون مربوطة بالهيئات العلمية والهيئات الشرعية المتخصصة.
استشهاد
* الشيخ صالح؛ يبدو أنكم أجبتم عن سؤال وددت طرحه.. وهو الخلاف الذي تردد حول العمليات الاستشهادية التي يقوم بها المجاهدون في فلسطين.. والسؤال هو: هل من مصلحة الأمة الخلاف حول موضوع حيوي كهذا.. ولِمَ لا توكل مثل هذه الفتاوى للمجامع الفقهية وبشكل حاسم وجازم ودائم بحيث لا تؤدي الى شيء من البلبلة والافتراق؟
* هذا صحيح.. هذه المسألة من المسائل التي بها مسرح لتعدد الرأي ولكن مثل هذه المسألة ينبغي الا يفتي فيها الا مجمع فقهي يتناول جميع الآراء ويستعرض سلبيات وايجابيات تلك القضية.. ويدرس القضية ويحللها ثم يصدر رأيا ليس به بلبلة او اثارة وفيه حفظ لماء الوجه.. وكف الألسن التي تنهش في اعراض العلماء.. فما أوردتم في السؤال هو عين الصواب بأن تكون هذه القضية وشبيهاتها متروكة لأهل العلم .. فالانسان لا يلزمه ان يفتي منفردا في مثل هذه القضايا.. وتترك القضية لأهل البيئة التي يعيشونها.. وعلى سبيل المثال فالاعمال الفدائية التي تقوم في الارض الفلسطينية لا يجوز ان يفتي بها من لم يذهب له بها كبش او عنز.. وانما ينبغي ان يفتي بها من ذهبت اموالهم وارواحهم وبلادهم .. فهم الذين يكتوون بنار هذه الحرب.. وهم من سيقولون القول الصحيح..
مصدر
* أيضا فضيلة الشيخ.. يقال إن العلم الشرعي لا ينبغي أخذه الا من هذه البلاد «المملكة» فهل هناك أسباب وجيهة خلف هذا الموقف؟
- هذه المقولة نشكر قائلها لحسن ثقته بالعلماء في المملكة.. ولكن من جانب آخر ان كان يقصد منها الغمط من علماء المسلمين في الدول الاخرى.. فهذا خطأ.. واذا كان اعترافا وتقديرا لعلماء المملكة بما لهم من تمسك بالكتاب والسنة مع انه لا ينفي ذلك عن غيرهم فهذا حقيقة.. لأن علماء هذا البلد ولله الحمد عرفوا بالمنهج السلفي وبالاعتدال والالتزام بالدليل.. لكن لا ننفي هذا عن علمائنا الآخرين في البلاد العربية والاسلامية واغلب العلماء في هذه البلاد «المملكة» متقاربون في الرأي لأن منهجهم واحد.. بينما في تلك البلدان تجد العالم السلفي.. وتجد العالم المبتدع المخرف.
ولذلك يثق الناس بعلماء المملكة لهذه الاسباب ولأنهم علماء الحرمين.
مرجعية
* فضيلة الشيخ.. هناك قضية اخرى ربما تواجهكم شخصيا وتواجه كثيرا من المشايخ.. وهي مرجعية آراء بعض العلماء.. فحين ورودِ قضية خلافية نجد البعض يتحفظ لأن الشيخ الفلاني قال بهذا الكلام.. فهل هناك نصوص تفرض الالتزام او متابعة شيخ معين؟
- اعيدك يا إبراهيم الى المقولة المعروفة إذ «يعرف الرجال بالحق.. ولا يعرف الحق بالرجال».. فاذا كان هذا القول حقاً وقال به عالم اخذنا به لأن قوله حق، واذا كان هذا العالم قوله خطأ مخالفاً للحق فلا نأخذ برأيه ولو كان عالما ذا مكانة.
وعلى سبيل المثال نستشهد بأئمة الدعوة.. كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله .. فلدينا اقتناع لا يوصف بشيخ الاسلام ابن تيمية وبتلميذه ابن القيم وبمشايخ الدعوة.. وبمشايخنا الموجودين .. لكن لا يمنع ذلك من ان نخطئهم في امر ما.. فهناك اقوال لابن تيمية في الحِلَق ومجالس اهل العلم التي نلقيها على الطلاب نقول مثلا هذا الرأي لشيخ الاسلام مرجوح.. وهذا رأي ابن القيم مخالف للدليل.. هذا الرأي للامام احمد مخالف للدليل.. ولا تنقص مخالفة هؤلاء من مكانتهم.. وحتى العلماء المعاصرون في زماننا.. فاذا كان احدهم معروفا بالرزانة والفقه والعلم والورع وقال قولاً خطأ.. فمخالفته لا تنقص من قدره.
مواصفات
* تحدثتم فضيلتكم .. عن أن باب الاجتهاد لا يزال مفتوحا.. فهل هناك مواصفات معينة يجب ان تكون في المجتهد وهل هي موجودة في هذا الزمن؟
- بالاصل.. الشروط التي اشترطها اهل العلم للمجتهد ليست مستحيلة او غير ممكنة.. وقد يكون تطبيق الشروط مستبعدا.. فاذا توافرت في المجتهد شروط معينة سمي «مجتهدا مطلقا» واذا توافرت شروط اخرى محددة سمي «مجتهد مسألة».. وبتوافر شروط اخرى يسمى« مجتهد مذهب».
فأما المجتهد المطلق فوجوده قليل الآن لكن ليس مستحيلا.. وكذلك مجتهد المذهب يندر لكنه موجود.. اما مجتهد المسألة فهم كثير ومعظم علمائنا على هذا.. يجتهدون في مسألة ويحققون فيها ويديرون فيها النظر ويتدارسونها ثم يتوصلون الى قول صواب بإذن الله.
فرق
* الخلاف بين الفرق والمذاهب الاسلامية لمصلحة من؟
- هناك خلاف مذموم.. وخلاف غير مذموم.. فأما الخلاف المذموم فهو ذلك الذي يؤدي الى التفرق والتباغض والتناكر.. وأما الخلاف الذي يؤلف القلوب ويجمع بين المسلمين ويكون فقط لإظهار الرأي مع البقاء على التقارب والالفة فهذا هو الخلاف الموجود في عهد الصحابة.. فكانوا يختلفون في بعض المسائل ولم يكن بين ألفتهم خلاف مذموم.
محددات
* فضيلة الشيخ.. كثيرون يتصورون انهم ينتمون إلى الفرقة الناجية التي كان عليها الرسول «صلى الله عليه وسلم» واصحابه.. فما المحددات التي يمكن على ضوئها تحديد تلك الفرقة الناجية؟
- النبي صلى الله عليه وسلم بين ان اليهود يفترقون على احدى وسبعين فرقة والنصارى يفترقون على اثنتين وسبعين فرقة والمسلمين على ثلاث وسبعين فرقة.. وقال عنهم كلها في النار الا واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال من كان على مثل ما انا عليه واصحابي.. فمثلا.. النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه كانوا على الكتاب والسنة فمعرفة الكتاب والسنة هل هي بعيدة عنا؟ الا نستطيع معرفة ان كنا على حق ام باطل؟ ام ان ذلك ممكن فالجواب نعم ممكن.. فلماذا نختلف..
اذا اختلفنا في مسألة ما نعرض امرنا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله جل وعلا يقول : «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم».
أمثلة
هل من امثلة لهذا الامر؟
نعم مسألة الاذكار عقب الصلاة.. فتلك من المسائل التي فيها خلاف وفيها بدع.. وفيها اوراد .. فهل الحق على هذا الخلاف وهذه البدع في الاذكار والاذكار التي وردت عقب الصلاة موجودة في صحيح البخاري ومسلم وفي كتب السنة وغيرها.
فاذا اختلفنا على الاذكار عقب كل صلاة.. كالجهر بها او عدمه او عددها.. هل لنا مرجعية؟ نعم كتاب الله وسنة نبيه ونرد بذلك كل ماهو محدث في تلك الاذكار الى السنة، كل ما هو غير موجود في كتب الحديث نسقطه.. وبذلك نسقط جانب البدع.. وبذلك حسمت القضية.. فاذا اردنا معرفة الفرقة الناجية فمرجعنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ونأخذ به.
يهود
* الصلح أو السلام أو الهدنة.. بمسمياتها المختلفة مع «يهود» ... كيف تقف منها؟
أقف منها موقف ما جاءت به السنة .. فالنبي صلى الله عليه وسلم لما قدم إلى المدينة المنورة كان بها طوائف من اليهود .. بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع .. وكانوا يتحكمون في الاقتصاد في ذلك الوقت .. فعمل معهم الرسول معاهدة .. ولو بقوا على هذا العهد لبقوا في المدينة المنورة إلى يوم القيامة.
فعاهدهم النبي صلى اللّه عليه وسلم على العيش مع المسلمين فمن أراد منهم الدخول في الإسلام فله ومن أراد أن يبقى على دينه فيبقى .. لكنهم نقضوا العهد .. حتى أدى بهم هذا إلى ترحيلهم وإجلائهم وقتلهم .. فالهدنة بين المسلمين وغيرهم متى تكون؟؟ إذا خاف المسلمون على بيضتهم أي دولتهم .. اليهود متسلطون فلنا معهم هدنة نعترف بهم وبدولتهم.. ولهم الكف عنا وعن أرضنا.. وإذا كنا أقوياء وبيننا وبينهم حرب لا نتركهم حتى ننهيهم ونقضي عليهم إذا كنا نستطيع ذلك.
أما إذا كان لدينا شك في ذلك فلنا معهم الهدنة.. فالهدنة مع الكفار الحربيين جائزة اذا خاف المسلمون على مكانتهم وأرضهم ومحارمهم.
وفي حال عدم الحاجة إلى الهدنة فلا يجوز أن نتعاهد معهم بل يجب محاربتهم حتى يدخلوا في دين اللّه أفواجا.
معارضة
يرى ثلة من الناس أن معارضة عالم الدين أو عالم الشرع هي معارضة للدين بحد ذاته .. مما يحدث لديه تخوفا من عملية إبداء الرأي المختلف.. فما رأيكم؟
البلاد الإسلامية محددة بها مسؤوليات الناس .. فهذا مفت .. وهذا قاض وذلك وزير أو مدير ولعل له اختصاصاً معيناً .. فإذا كان للمفتي رأي في قضية معينة .. وأنت لك رأي آخر فهل يجوز لك مخالفة رأي المفتي مع أن المسألة مسألة اجتهاد .. الجواب لا .. فيجب عليك التحفظ على رأيك .. إذا كانت المسألة اجتهادية .. فالاجتهاد لا ينقض باجتهاد .. واجتهاد المفتي نافذ لأنه قد فوض إليه الأمر بالإفتاء للناس وأن يجتهد لهم .. وأنت أيها العالم المجتهد لم يوجه إليك الأمر .. فلا يجوز في هذه الحال أن تقول رأيك لتوجد انشقاقاً في الرأي واعتراضاً على المفتي وانتقاداً لرأيه أو على الأقل إحداث تشويش وبلبلة .. أما لو قدر أن المفتي خالف نصاً شرعياً لا مجال للخلاف فيه فعليك اخطاره بذلك فإن استجاب وإلا ترفع الأمر إلى ولي الأمر .. ويُجمع له العلماء بعد ذلك لتبيين وجهة النظر لأن ذلك نص صريح ليس به مجال للخلاف .. لكني أقول هنا إن العلماء في البلاد الإسلامية غالباً لا يصل بهم الحال إلى هذا الحد.. أو يخالف أحدهم النص الصريح .. واللّه الذي يعصم ويوفق.
زكاة
* فيما يتعلق بزكاة الحلي المعدة للاستعمال واختلاف علماء المسلمين في هذا الأمر؟
زكاة الحلي من المعلوم أن فيها عدة أقوال لأهل العلم.. فمنها أنها لا تزكى ومنها أنها تزكى مطلقاً.. ومنها أنها تزكى عاماً واحداً .. والخلاف له سبب معين.. وهو أن الأحاديث التي توجب زكاة الحلي صحيحة غير صريحة .. والأحاديث التي لا توجب زكاة الحلي صريحة غير صحيحة .. لكن المرجح هو أن الحلي المستعملة استعمالاً يومياً أو في مناسبات متفاوتة لا زكاة فيها .. ونعتمد في ذلك على ما جاء في حديث «ليس على العبد في فرسه ولا عبده صدقة» وأن مبدأ القنية والاستعمال ولو كان كبيراً فلا زكاة فيه .
فالإنسان قد يملك قصراً يساوي ملايين .. ولا يوجب أحد من أهل العلم الزكاة على هذا القصر.. فما بالك ببعض الحلي التي تتزين بها المرأة بأن يوجب الزكاة فيها!! أما الأحاديث لو كانت صريحة في إيجاب الزكاة عليها فلا تردد في ذلك.
حسبة
* مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ارتبط لدى العامة بأمور معتادة .. لكن هل يمكن إدخال الحسبة في إطار الرقابة على أداء الوظيفة العامة ، الكسب المادي المشروع أو المحرم؟
الناس دائماً يفسرون الأمور بواقعهم .. نعرف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا البلد مرتبط بالنسبة إلى الصلاة وملاحقة أهل الفواحش إذا ظهرت منهم .. ونحو ذلك .. لكن الحقيقة أن عمل الحسبة أشمل وأعظم مما نتعامل به الآن. مثلا الغش .. يجب أن يكون هناك تعاون بين الهيئة ووزارة التجارة لمكافحة ذلك .. كذلك مراقبة الشباب .. ومراقبة مداخل المملكة وإن كانت هناك جهات مخصصة لذلك لكنه ينبغي أن تدخل جهات أخرى في هذا الموضوع .. أو أن يعتبر من خُصصوا لهذه الأعمال ما يقومون به أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.. فأجهزة مكافحة المخدرات يعد عملها أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.. أعمال حرس الحدود كذلك .. أعمال طائرات المراقبة كذلك أمر بالمعروف ونهي عن المنكر .. إضافة إلى الاستخبارات والمباحث ورجال الأمن.
مفهوم
* فضيلة الشيخ .. فيما يتعلق بالمفهوم الشرعي للآيتين «لا إكراه في الدين ...» و«عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم»..
هل لفضيلتكم تسليط الضوء على مفهوم هاتين الآيتين؟
أما الآية الأولى قوله سبحانه وتعالى «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» فإنه يُرجع في هذه الآية إلى سبب نزولها حيث انها نزلت في شخصين من النصارى أراد أهلهما أن يكرهوهما على الإسلام .. ولكن الآية عامة لجميع من فهم هذا الدين وكان من أهل الكتاب وأحب البقاء على ديانته فإنه يبقى ولا يكره وتؤخذ منه الجزية.. كما قال سبحانه وتعالى «حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون» وذلك أن المسلم في حالة نشر الإسلام ورفع راية الجهاد أمامه إما مشرك وثني يعبد الأوثان وإما كتابي يهودي أو نصراني أو مجوسي إذا ألحق بأهل الكتاب.
فأما الوثني فأمامه أمران .. الأول أن يؤمر بالإسلام فإن رفض فليس له إلا السيف أي القتل أو الدخول في الإسلام لأن الشرك في اللّه لا يقره أحد .. وأما أهل الكتاب فيطلب منهم ثلاثة أمور .. الأول الدخول في الإسلام .. فإن رفض يطلب منه دفع الجزية .. فإن رفض قُتل ..
ومعنى الآية أنهم لا يكرهون ويقال لهم إما أن تسلموا وإلا نقتلكم.. فيتركون .. وكذلك تتناول الآية كل من فهم هذا الدين وأعرض عنه .. وليس لنا عليه سلطة .. فعلينا أن نبين له الحق ولا نكرهه على دين الإسلام ما دام أنه لا يقبله وهو فاهم له ..
آية
* وماذا عن الآية الكريمة الثانية؟
الآية الثانية وهي قوله جل وعلا «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم » فهذه الآية سأل أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم عن معناها .. فقال النبي: إن هذه الآية لم يأت تفسيرها بعد .. وإنما تفسيرها يكون إذا ظهرت الأمور التالية .. وهي شح مطاع، وهوى متبع ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه .. فعليك بخاصة نفسك ودع عنك الناس .. فإذا ظهرت هذه الأمور في آخر الزمان وانتشرت فعليك بنفسك والكف عن الآخرين .. وقيل معناها إذا ظهرت الفتن وكثر الهرج والمرج والقتل فعلى الإنسان أن يدخل بيته ويكسر سيفه ولا يدخل في الفتن.
أوضاع
* هل ينطبق هذا على أوضاع أمتنا الإسلامية؟
نعم ينطبق ذلك على زمننا هذا في اتباع الهوى وإعجاب كل ذي رأي برأيه .. حيث أصبح حدثاء يفتون الناس ويعلمون الناس ويعترضون على أهل العلم الراسخين .. وأصبحوا يحكمون على الناس هذا كافر وهذا ليس بكافر وغير ذلك.
ولعلي استشهد هنا بما نراه في «الانترنت» نجد أشخاصاً وفئات ينسب إليهم الكفر من قبل صغار لا يتجاوزون العشرين عاماً .. ويحكمون في القضايا .. ولا شك أن هذا جزء من معنى الآية حين ذلك يقول الإنسان علي بنفسي ويدع مثل هؤلاء.
صحابة
* من الكتابات الحديثة وهي كتابات ذات طابع إسلامي وتصدر من إسلاميين وتتصل بمفهوم الصحابة وفيه يحاولون اجتهادا أن يُدخلوا فيه من آمن مع الرسول صلى اللّه عليه وسلم ويخرجون منه الطلقاء باعتبار أنهم آمنوا تحت حد السيف فما تعليق فضيلتكم؟
تعريف الصحابي معروف عند أهل العلم .. وأحسن تعريف هو من التقى النبي صلى اللّه عليه وسلم وآمن به ومات وهو مؤمن .. هذا هو الصحابي .. فهؤلاء إن انطبق عليهم هذا التعريف المعتمد فهم صحابة .. وعلى ذلك فالطلقاء صحابة وكونهم دخلوا في الإسلام على ما يقول هؤلاء مكرهين فهذا ليس صحيحاً أن كلهم مكرهون .. وإنما حصل الإكراه لبعضهم وليس إكراهاً بدرجته المعروفة وإنما إكراه كان به استجابة .. وهذا هو الذي حصل من الطلقاء رضي اللّه عنهم جميعاً.
الجماعة
* صلاة الجماعة .. موقف خلافي يتبع بعض المسلمين قول من رأى أنها سنة مؤكدة أو فرض كفاية .. هل يأثم الآخذ بهذا الحكم وهو يعود في موقفه إلى عدد من الأئمة أو العلماء؟
إذا كان من أهل العلم أو مقلدا لهم ويأخذ بحكم أنها فرض كفاية .. فلا عليه .. إذا أخذه عن إيمان وتصديق لا عن هوى وطلب للراحة .. اما إن تخير هذا القول على أنه الأسهل والأنفع له ويقول إنها يرى أنها فرض كفاية دون الاستناد إلى دليل فهذا لا يجوز له.. ولا بد أن يكون على علم بالدليل .. أو يكون مقلدا بشكل كامل وقلد عالما معتبراً يقول بهذا القول.
العمرة
* أيضا من المسائل المحدثة حاليا أداء العمرة في شهر رمضان المبارك الذي يشهد إقبالاً نادراً وازدحاماً يشبه موسم الحج .. فهل هي مشروعة كل عام .. وماذا عمن يأخذ إجازة من عمله لأدائها .. وهل يمكن مقارنتها بمن يحج كل عام؟
لا شك أن أداء العمرة في شهر رمضان المبارك والإقبال عليها بشكل متزايد عمل خير ومظهر جميل من مظاهر هذا الدين .. لكن العمرة ليست مطلوبة كل عام وليست فريضة على المسلمين في رمضان .. ولا بد أن يراعي الإنسان ماذا يترك من العمل الأهم ... وماذا يترتب عن أدائه للعمرة .. وهل أداؤه لها بترك ما هو أوجب وألزم جائز!!
مثلا .. الذي ينفقه في أداء العمرة .. هل هو بحاجة إليه في أمر ألزم وأهم .. كوفاء دين .. أو حقوق أخرى.. أو يترتب على أدائه العمرة إخلاله بواجب.. فهذا كله يمثل تصرفاً في غير محله .. وهذا الذي عمل هذا العمل لم يوفق في إصابة السنة ..
أما إنسان ليس لديه التزامات أو تضييع مسؤولية ما أو واجبات فهذا ليس عليه شيء في أدائها .. والذي يأخذ إجازة اضطرارية لأداء العمرة فهذا كذب لأنه ليس مضطراً .. وكذلك من يترك مسجده إن كان إماماً أو مؤذناً أو غير ذلك ويحتال لأداء العمرة فهذا غير جائز .
آثار
* من التساؤلات المطروحة أيضا قضية إتاحة الآثار الإسلامية للزيارات المنظمة بهدف الاقتفاء والاعتبار كغار حراء أو غار ثور .. وماذا عن مدائن صالح والنهي عن زيارتها؟
نعلم نحن المسلمين أنه يتعين حماية العقيدة وحماية حمى العقيدة ونسد كل ذريعة تؤدي إلى خدش هذه العقيدة .. الآثار في العالم كالقبور والمقامات ترتب عليها أمور تقدح في العقيدة .. وقد تصل إلى البدع العظيمة أو الأقل منها وربما يصل ذلك إلى الشرك .. فإذا أحيينا هذه الآثار كمسجد بلال وغار حراء وغار ثور والحديبية وغيرها .. فإننا لا نملك عقائد الناس ولا أعمالهم وتصرفاتهم عند ذهابهم لهذه الأماكن .. فربما تكون الزيارات الأولى للتدبر والتفكير والاعتبار وبعد زمان يأتي ما هو أعظم كالتفكير في إقامة مقام في غار حراء .. أو الشروع في الصلاة عنده .. رأيناهم أيام الحج يصلون في غار حراء وغار ثور مع أنه غير مشروع.
الحديبية كان بها شجرة وهي التي تمت تحتها بيعة الرضوان وقد ذهب بعض الصحابة يصلون تحتها .. فأمر عمر بن الخطاب بقطعها وإزالة أثرها .. وعبد اللّه بن عمر يسأل عن المساجد والمصليات التي صلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه من المدينة إلى مكة .. فأمر بإزالتها لأن الناس أحدثت أموراً بها.
فهذه الآثار تؤدي إلى العبادة .. وأذكر أن وزارة الحج أقامت مسجداً في الحديبية وكان فاخراً وصرفت عليه مبالغ ضخمة وقامت الجهات المسؤولة عن هذا بالمطالبة بإزالة هذا المسجد في أيام الشيخ عبد اللّه بن حميد أو ابن باز فتمت إزالته.
ففتح باب الآثار الإسلامية لا ينفع .. لكن في مثل مسجد قباء نذهب إليه ونصلي به لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي به كل سبت ركعتين .. وقبر النبي صلى اللّه عليه وسلم متاح زيارته .. وزيارة مقابر الشهداء في أحد جائزة .. أما الآثار التي تترتب عليها بدع أو شرك فإنها لا يجوز إحياؤها وفتح بابها .. وكما نعلم حصلت أمور كثيرة عند قبر أم النبي صلى اللّه عليه وسلم وولاة الأمر جزاهم اللّه خيرا بكتابة من العلماء واطلاعهم على ما يحدث هناك أمروا بإزالة القبر.
نقد
* هناك انتقادات توجه إلى علماء المملكة وخصوصا علماء نجد .. وصدرت منشورات وما إلى ذلك بهذا الخصوص .. بينها ما يعرفه الكثيرون عن حديث الشيخ محمد الغزالي رحمه اللّه حول الفقه البدوي ولعل آخرها كتاب للشيخ يوسف السيد هاشم الرفاعي .. وقدم له الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي وعنوانه نصيحة إلى إخواننا علماء نجد .. فما تعليقكم؟.
- أقول إن هؤلاء العلماء الذين كتبوا وألفوا سامحهم الله لهم رؤية خاصة حول علماء نجد.. لأنك تعلم أن الدعوة السلفية تمنع أشياء كثيرة
يجيزها من لا يحمل هذه الدعوة.. ودعوتنا هي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
ومشايخ الدعوة الذين جاؤوا من بعده ومن قبلهم الامام أحمد ثم امامنا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن قبلهم جميعاً كلام النبي «صلى الله عليه وسلم» لما قال: تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هم يا رسول الله قال من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
وبعض العلماء هداهم الله عندهم لبس وغبش.. ولكن لا نقدح فيهم القدح الذي يجعلنا نرد علمهم أو ننتقده.. أو نتكلم في أعراضهم.. إنما نسأل الله لهم التوفيق.. وهناك علماء من بلدان كتبوا وانتقدوا يؤيدون علماء نجد ويقفون معهم.. وكتاباتهم طافحة بذلك التأييد.. فما ذكرت من هذه المؤلفات التي تنتقد علماء نجد لاشك أنها زلة من هؤلاء.. وإلا كان الواجب عليهم حماية العقيدة السلفية بحيث لا يأخذهم ما عاشوا عليه وما كانوا فيه من بعض الأمور.. وأكرر أننا لا نقدح في علم هؤلاء.. لكننا لا نقبل مقالاتهم هذه بالذات وكلماتهم الجارحة ومؤلفاتهم غير الموفقة في هذا المجال.
خطبة
* يطرح الكثيرون تساؤلات حول ملامسة خطبة الجمعة الهم الإسلامي وتحدثها عن قضايا الأمة الملحة بحيث تخرج من الاطار الذي يراه فيها الكثيرون وهو الاطار الانشائي المعمم الذي هي عليه الآن؟
- لا شك أننا ندرك أهمية خطبة الجمعة.. ولها وقع.. فمن الممكن أن نعرف وقع خطبة الجمعة عند خروج الناس من محاضرة في وسط الأسبوع وعندما يخرجون بعد الجمعة عن خطبتها.. فنجد المصلين على اختلاف طبقاتهم.. المثقف ومن دونه.. والعامي كل أخذ بنصيب من التأثر في الخطبة.. وخطبة الجمعة لها وقع عظيم ويتعين العناية والاهتمام بها.. وأن تلامس الناس وتحل مشكلاتهم... والمسلمون الذين حضروا هذه الصلاة لديهم من المشكلات الكثير.. تحتاج إلى معالجة.. منها المشكلات الفردية والأسرية والعقدية وغيرها.. ومنها ما يتعلق بالشكل العام كظهور محنة أو فتنة في المسلمين.. فيتحدث الخطيب عنها..
ويشترط فيمن أراد الخطبة عن موضوع ما ألا يكون موضوعاً خفياً لا يعرفه إلا هو.. ألا يكون معصية غير ظاهرة.. كأن يخطب عن معصية لا يعلمها إلا هو أو قام بها شخص أو شخصان فهذا خطأ.. وهذا من اشاعة الفواحش.. إنما إذا تناول ظاهرة فهذا هو المطلوب.. كتناول ما يتعلق بالارهاب خلال هذه الأيام..
وأقترح على وزارة الشؤون الإسلامية أن توجه ببعض الخطب لبعض الأفراد.. وليس جميعهم.. لأن الناس إذا عمم عليهم طلب خطبة في موضوع ما ظنوا أنه منع من خطب أخرى.. فخطبة الجمعة مهمة وعظيمة وينبغي أن تعالج المشكلات الخاصة والعامة للمجتمع.. لكن احذر من بعض ما يسلكه بعض الخطباء كأن يتناول مشكلات موجودة خارج مجتمعنا.. أو يتحدث عن أخطاء أفراد مجتمعنا خارج بلادهم.. أو كما فعل بعض المجتهدين من حصر أعمال تقوم بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من القبض على مرتكبي بعض الفواحش ونشرها في الجوامع وإلقاء خطبة عنها.. فذلك يعد تشهيراً.. وقال من يعش في بلاد أخرى أن تلك الأمور لا توجد في بلادنا.. فلا يجوز للانسان أن يتكلم في شيء فيه تشهير ولا فيه ذكر أسماء ولا ذكر المعاصي ولا الفتن..أيضاً أنتقد حقيقة بعض الصحف المحلية التي تنشر أخباراً لا تعود بفائدة على المجتمع كخبر شخص زنى بأمه أو بنته.. فذلك يهون الأمور على الناس..
استنساخ
* قضية نقل الأعضاء وزراعتها.. عملية الاستنساخ وما يدور في فلك هذه الأمور.. ألا ترون فضيلتكم أن المجامع والمؤسسات العلمية الإسلامية تتأخر في اصدار الفتوى حول مثل هذه الأمور؟
- القضايا الملحة والتي بُحثت في المجامع الفقهية معظمها أُصدر فيها قرارات مفصلة ومطولة وموجودة في متناول الجميع.. كالفتوى في طفل الأنابيب أو نقل الأعضاء وغيرها فتم تفصيلها وايضاحها.. وأصبحت المسألة منتهية تماماً عارض فيها من عارض ولكن الأغلبية وصلوا إلى رأي.. وهذه الآراء موجودة في متناول الجميع وتم تزويد الجهات الصحية بها.. فمثلاً شخص بعين واحدة يريد نقل عين إلى كفيف.. ويصبح هو أعمى فهذا غير جائز.. ولكن شخص بكليتين لا مانع أن يتبرع بواحدة.. فهناك تفصيلات كثيرة في هذه الأمور مزودة بها المستشفيات جميعها..
فردية
* إذن وجود فتاوى فردية من بعض العلماء والمشايخ ترون عدم اللجوء إليها في مثل هذه القضايا؟
- نعم.. الفتاوى الفردية لا ينبغي أن ينظر إليها في مثل هذه القضايا التي حسمت والتي من طبيعتها أن يكون لها مجامع وعلماء ومختصون.. كذلك في القضايا التي لم تحسم بعد.. أيضاً لا يجوز الأخذ بفتاوى فردية تجاهها.
ونحن في الحقيقة نشكو من وجود هذه الفتاوى الفردية.. قد ينسخ أحدهم فتوى من كتاب لأحد المشايخ وينشر الفتوى.. فهذا لا يجوز..
وعندنا في المملكة الفتوى المكتوبة مختصة بالعلماء الذين لهم الحق في الفتوى وكتابتها.. أما الفتوى الخاصة والشفوية فهذه لمن هو مؤهل لها وعنده القدرة عليها.
دعوة
* نعرف أن لكم باعاً طويلاً في مشاركاتكم الخارجية الدعوية.. فماذا عن أبرزها؟
- نعم.. مجال الدعوة وفيما يتعلق بالدورات والندوات والمؤتمرات الإسلامية داخل المملكة وخارجها والزيارات، لي اسهامات بها ولي بحوث تتعلق بالمؤتمرات الإسلامية.. مثلاً قدمت بحثاً عن حماية البيئة.. وأخطاء الأطباء والصيادلة وما يتصل بذلك ساهمت في هذه القضايا.. كذلك مؤتمرات أخرى كاقامة سوق إسلامية مشتركة، فهذه المشاركات لها في نظري أثر في وقتها وأثر محتفظ به، وأقول هنا: إن كل بلد في هذه الأرض يحتاج إلى الدعوة، ومعظم البلاد بها أثر للمملكة في كل مجال اسلامي من مساجد ومراكز اسلامية ومشاريع خيرية ودعاة وغيرها وجميع تلك الأمور إما أن تكون من الدولة وإما أن تكون من الأفراد الخيرين..
وأقول هنا إن المملكة في بادئ أمرها كانت تنشئ المساجد في بلاد كثيرة وتتركها لمن يتولاها فتولتها فئات قد يكون منهجها غير مرض.. أما الآن فإن المراكز الإسلامية والمساجد الكثيرة أصبحت تشرف عليها جهات ذات مناهج سليمة.. ونجد ملتقيات خادم الحرمين الشريفين التي تقام في كل عام.. وغيرها كثير من هذه الأمور الطيبة التي تركت للمملكة أثراً بالغاً في الدعوة.
ولدينا أيضاً الجامعة الإسلامية التي تضم أكثر من 280 جنسية من مختلف أنحاء العالم.. نجدهم يتخرجون منها وينفعون بلادهم.. كذلك جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وفروعها الستة في الشرق والغرب.. كذلك وزارة الشؤون الإسلامية التي لها مناشط عظيمة ومكاتب في أنحاء العالم وملحقية دينية في سفارات المملكة.. والدعاة الكثيرون الذين ينتشرون في الخارج.. كذلك رابطة العالم الإسلامي لها دور عظيم.. فزياراتي ومشاركاتي الخارجية التمست بها جهود المملكة الجبارة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين.. وأتمنى أن يطلع عليها كل مثقف وكل متعلم وكل من يتهم المملكة باتهامات لا معنى لها.
الانجليزية
* هل ترون فضيلتكم أن اللغة الانجليزية أصبحت مهمة لكثير من الأمور ومن بينها الدعوة والدعاة؟
- لا شك أن اللغة من أهم الوسائل للدعوة.. ونحن نعاني من هذا الجانب.. فالمترجمون لا يترجمون ما في نفوسنا ويخطئون في الترجمة ولا يؤدون المعنى.. كثيراً ما نوقفهم إذا رأيناهم يتكلمون كثيراً مع أن ما قلناه أقل وأحياناً نسمعهم يوردون آيات وأحاديث لم نذكرها.. فالداعية إذا كان يجيد اللغة فهذا أثره عظيم.. وكما نعلم فإن وزارة الشؤون الإسلامية لديها اهتمام كبير في هذا الجانب.. وجامعة الإمام لديها قسم للترجمة لكثير من اللغات كما لدى الجامعات الأخرى أيضاً.. ولدينا دعاة متخصصون باللغة الفارسية والأوردية.. غير أن اللغة الانجليزية هي أشمل وأعظم اللغات شيوعاً وشمولاً في العالم.. لكننا بحاجة إلى تعلم اللغات الأخرى إلى جانب اللغة العربية..
كتاب
* الكتاب الذي تقرأ فيه الآن ما هو؟
- في الحقيقة أحبذ القراءة في كتب العقيدة.. وأركز على كتب الفقه المتخصص به.. وبعد هاتين المادتين أهتم بتفسير القرآن الكريم وشروح الأحاديث.
مزيد
* بعد هذه التجربة والخبرة والممارسة هل تشعرون فضيلتكم أنكم مازلتم بحاجة إلى مزيد من القراءة؟
- في كل مرة أقرأ بها أعرف أنني أحتاج إلى الشيء الكثير ويجهلني كثير من الأمور.. وأركز على قراءة الأمور المستجدة والنوازل في العبادات والمعاملات.. وأدرس بها أيضاً.. وحالياً أقوم بتدريس للدكتوراه النوازل في أمور الأسرة.. والجينات وطفل الأنبوب.. وغيرها.
خلوة
* متى تخلو إلى نفسك؟
- لا أجد الوقت.. لكن إذا يسر الله لي آخر الليل وهو قليل والله المستعان..
نوم
* متى تنام؟
- متأخراً.. وأنا من الناس الذين لا يقومون الليل إلا نادراً.. ولا أنام إلا في حدود 12 ليلاً .. وأتمنى أن أنام مبكراً.. وأعرف مشايخ وزملاء لنا منطوين عن الناس وينامون مبكراً جداً «بعد العشاء» لكني أرى أن الانفتاح مع اخواننا وزملائنا العلماء ومخالطة الناس أكثر فائدة..
ظهر
* هل تنام ظهراً؟
- غالباً.
واو
* ما رأيكم في الواسطة أو الشفاعة؟
- الواسطة قسمان.. واسطة يراد بها وجه الله ونفع الشخص من غير ضرر للآخرين فهذه محمودة.. وواسطة مذمومة وهي الجناية على حق الآخرين وأخذ الرشوة عليها..
مستقبل
* هل يقلقكم مستقبل الشباب الذين هم بلا دراسة بعد المرحلة الثانوية أو بلا عمل بعد الجامعة؟
- جداً.. وألقي اللوم على وسائل الإعلام.. فالشباب ليسوا بحاجة إلى مسلسلات أو مقاه.. أتمنى أن تكون وسائل الإعلام لدينا تربوية وخاصة التلفزة منها.. وأن يكون في اليوم الواحد ما لا يقل عن خمسة برامج تعالج قضايا الأسرة والشباب بأسلوب محبب ومن قبل مثقفين لديهم خبرة ولباقة.. بدلاً من عرض مسلسلات ليست من عاداتنا وتقاليدنا ولغتنا.. تعلمنا الحلف بغير الله وتجرؤ جلوس المرأة سافرة مع الرجال.. وتضرنا في عقيدتنا وفي سلوكنا.. وفي الحقيقة ألح على أن يتوجه معالي وزير الإعلام وهو مجتهد إلى تكثيف البرامج التوجيهية والمسلكية التربوية والتي تعنى بكافة أفراد المجتمع..
ويجب استغلال الثقافات المتاحة في مجتمعنا فهذا في الفقه وهذا في النحو وهذا في التربية.. وإلى غير ذلك.. وتقدم جميع المغريات للاشتراك في هذه البرامج.. ولنقارن بين المغريات التي تمنح للفنانين الذين أصبحوا أغنياء العالم والواجب أن يعتبروا فقراء العالم..
أخبار
*كيف تتابعون الأخبار؟
- النشرة الأخيرة للقناة الأولى إذا تيسر لي ذلك.. والنشرة الأخيرة لإذاعة الكويت.. وأحياناً إذاعة لندن.. وكنت مركزاً عليها في السابق لكنني كرهتها لتصرفاتهم ضد المسلمين..
فضائيات
* هل تتابعون القنوات الفضائية؟
- قليل.. فليس لدي وقت.. لكن القنوات الفضائية منها ما هو سلاح مدمر للمسلمين وللكفار. ومنها ما هو نافع ولكن في الغالب أقل من الضرر.. ولهذا ينبغي حجب ما يمكن من القنوات الضارة.
بكاء
* بخلاف الخشية والعبادة.. هل بكيت في حياتك؟
- هذا قليل.. ولكن ليس أمراً مستبعداً.
سعادة
* هل أنت سعيد؟
- الحمد لله.. ولا أعتبر السعادة في مال أو ولد.. وإنما في طاعة الله جل وعلا ونفعي للمسلمين والاخلاص لهذا الدين.. وأن يفكر الانسان فيما عمل للإسلام.. ومما يريح الانسان بالطبع عدم الفقر وتوفر المال الذي يعد من مكملات السعادة.
منصب
* كيف ترون فضيلتكم أصدقاء المنصب أو طلاب المصلحة؟
- يجب أن نفرق بين أصدقاء المنصب فمنهم من بينهم تعاون على نفع المسلمين وأداء المسؤولية المنوطة بكل مسلم تولى منصباً فهذه الصداقة على هذا الأمر وطرح القضايا التي تتعلق ببعض المشكلات يعتبر جهاداً.. أما الصداقة التي تبنى على حساب مصلحة الآخرين فهذه صداقة سيئة..
صحافة
* هل تتابعون الصحف السعودية؟
- أحياناً.. ولكني أعتمد على الاذاعة في الغالب.
انترنت
* هل تتطلعون على «الانترنت»؟
- حتى الآن لا استخدمها بنفسي لكن هناك من يطلعني على ما يدور بها.. ويؤسفني أن أسمع عن نشر أمور بها لا تليق بالمسلمين.. كالوقوع في أعراض العلماء والتقليل من شأنهم.. وبكل أسف أن تصدر مثل هذه الأمور من مسلمين فأقول لهؤلاء يا اخوان انتم مسلمون وستأتون يوم القيامة حاملين على ظهوركم هذه الأمور.. فلا يجوز أن تتكلموا في أعراض العلماء والمشايخ والحكم عليهم.. فمن أنتم الذين تحكمون على العالم وأنتم من أولاد أولاده.. بأنه عالم أو غير عالم أو بأنه مخلص أو مراءٍ.. أو بأنه مفتي أمريكا.. هذا غير جائز.. وما يفعلون من تشويه لا يضر العلماء ولا يضر المشايخ ولا الحكام.. بل سيزيدهم عزة وتمكيناً.
حاجة
* متى تقابلون أصحاب الحاجة؟
- غالباً في المسجد أوفي مكتبتي يومياً بعد كل صلاة.
لقب
* تفضلون لقب الشيخ أو الدكتور؟
- كلها ألقاب متساوية عندي وأفضل أن أنادى باسمي.
أنا
* من أنت؟
- انسان ضعيف محتاج إلى عفو الله ورحمته وتوفيقه.. وأسأل الله جل وعلا أن يربط على قلبي ويثبته على قوله الثابت.. كما أسأله سبحانه أن يعافينا من موت الفجأة وألا يأتينا الأجل إلا ونحن مستعدون له.. مؤمنون بالله راغبين فيما عند الله خائفين مما عنده.
ملل
* هل مللت من الأسئلة؟
- لا أبداً.
أشياء
* هل بقي شيء؟
- كثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.