إن من نعم الله على هذه البلاد، ان وفقها الله بقيادة حكيمة، استطاعت هذه القيادة ان توفق بين مصالح شعبها والمصالح الدولية بكل حكمة واقتدار، والتي استحال على كثير من الدول تطبيقها الا من رحم ربي، وقد أثبتت الايام هذه الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان الا عن من ينظر الى الامور بمنظار ضيق لا يكاد يمرر خيط الإبرة، فالله نسأل ان يحفظ علينا هذه النعمة وان يمدهم بمنِّه وكرمه انه سميع مجيب. ان المتأمل لما حدث من خلال هذه الحملة الخيرة، يجد فيها الكثير والكثير من المعاني السامية: اولها: الحكمة التي تتصف بها قيادة هذه البلاد، فمنعها للمظاهرات لم يكن الا قرارا صائبا يقي البلاد والعباد شرورا كثيرة، فقد ناح العالم العربي والاسلامي وصاح وعبر بالطريقة التي يرونها صائبة من تجمهر في الشوارع والجامعات وامام السفارات ورميها بالحجارة وكل ما طالته ايديهم من مقذوفات إبان حرب الولاياتالمتحدةالامريكية على افغانستان، فهذا مثال حي لن يمحى من ذاكرتنا جميعا كمسلمين، ولم تقدم هذه المظاهرات ولم تؤخر بل صبت امريكا جام غضبها على الافغان على مرأى من الملأ ولم تأبه بالحناجر المبحوحة ولا الدماء التي سفكت او الأنفس التي اعتقلت بسبب حماسها او حتى أعلامها التي احرقت، فلم تأت بخير يذكر بل انها احدثت ثغرة كبيرة يصعب سدها بين الشعوب وقادتها. ثانيا: اكدت هذه الحملة التحام الشعب حول قيادته عندما امتنع عن الاقوال وهب بالتبرع والأفعال تجاوبا للنداء الذي وجهه خادم الحرمين. ثالثا: صحوة الضمير السعودي تجاه قضاياهم الاسلامية والعربية والذي هو ليس بغريب على هذه البلاد لا من شعبها ولا من قادتها، وقد جسدت هذه الصحوة بهذا التجاوب والبذل والعطاء. وعليه فإني اتقدم باقتراح لعله يجد الصدى الذي يستحقه وهو ان تعمم حملة اسلامية حتى يعرف العالم انها قضية اسلامية، بحيث تبث بثا حيا ومباشرا تنتقل فيه الكمرة بين جميع تلفزيونات الدول الاسلامية وفي وقت واحد لجمع التبرعات، فما من شك ان لهذه الخطوة اهمية عظيمة ومنها مثلا: أولا: زيادة في حجم التبرعات بسبب كثرة عدد المتبرعين. ثانيا: من الناحية الاعلامية سوف يكون لها صدى عالمي كبير لنشر قضيتنا وتعريفها امام العالم برمته، والتأكيد بأنها قضية عربية واسلامية وليست عربية فقط، وتؤكد للعالم اجمع بأن العالم الاسلامي يمكن ان يكون يدا واحدة في وقت الازمات ووقت الحاجة. ثالثا: تأكيد التلاحم والتآلف والتكاتف بين المسلمين، واعتمادهم على مقدرات شعوبهم وامكانياتهم الخاصة دون اللجوء الى الاجنبي. وجوب استمرارية هذه التبرعات ووجوب تقوية الشعب الفلسطيني حيث يجب ان يدعم بكل الوسائل التعليمية والغذائية والعسكرية والصحية، وإعادة اللاجئين الى ديارهم بل تسهيل وتشجيع التوطين ووضع المكافآت وتذليل جميع الصعوبات من سكن وتعليم وعلاج وغير ذلك من متطلبات الحياة والتي قد تكون بمثابة حجر عثرة امام استيطان العرب والمسلمين في فلسطين كما يفعل اليهود الان من أهودة لفلسطين من جانب اليهود، لماذا لايكون هناك أسلمة وتعريب لها؟، ولنقارع اليهود بالمثل ولاشك ان مشروعا جبارا مثل هذا يحتاج الى دعم متواصل ومكثف في آن واحد، لانه يبدو ان هذا الصراع لن ينتهي الا بنزول عيسى عليه السلام، ولذلك حتى لو مدت اسرائيل يد المصافحة للعرب يجب الا نأمن لهم فتاريخ اليهود مليء بالاحداث وهو خير شاهد على خيانتهم ونقضهم للعهود والوعود وسوف يعودوا الى إضعاف الشعب الفلسطيني وحربهم وتقتيلهم وطردهم عن ديارهم، لذلك يجب ان يبقى هذا الشعب قويا شامخا في جميع الميادين حتى لا يكون لقمة سائغة وسهلة المنال لليهود فهم الأمل الوحيد بعد الله لتضييق الخناق على اليهود ومنعهم من بسط نفوذهم. أحمد مشعل