تستمر العلاقات بين بكين وواشنطن على النحو الذي تظهر به وكأنها رسم بياني في سوق البورصة يتأرجح ما بين الذروة والقاع. ومما لا يخفى على أحد أن آخر المشكلات العالقة هي مشكلة تايوان، فبالإمكان رؤية التقلبات التي تلف العلاقات بين أقوى دولة في العالم وبين الدولة الأكثر كثافة في السكان خلال السنة الماضية. فقد استثار تواني الصين عن تسليم 23 شخصا وهو طاقم الطائرة 3E EP التي أجبرت على الهبوط في قاعدة جوية صينية قبل اكثر من عام، استثار ذلك غضب إدارة بوش لدى مجيئها، لقد ساهمت هذه الحادثة في تشدد المفكرين الاستراتيجيين الجدد الذين أتت بهم إدارة بوش والذين يرون في الصين «تهديدا» محتملا لأمن أمريكا في المستقبل، إلا أن المسؤولين الصينيين أمضوا جل السنة الماضية محاولين من وراء الكواليس إصلاح الضرر في تلك العلاقات، وعلى الأخص بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد قامت الصين بالتعاون بشكل غير مسبوق مع المخابرات الأمريكية الموجودة في آسيا الوسطى، وعملت على تقوية العلاقات مع أمريكا، ذاك البلد الذي تقوم مؤسساته المالية بتمويل نسبة ضخمة مما حققته الصين من مكتسبات اقتصادية مذهلة. إن زيارة الرئيس بوش إلى الصين الشهر الماضي كان لها كبير الأثر في وسائل الإعلام الأمريكية حيث ظهرت عناوين كالتالي: «زيارة بوش مليئة بوعود من الشرق». وبالرغم من عدم التوصل إلى اتفاق أساسي، فإن من نتائج الوقت الذي أمضاه السيد بوش في بكين ما ظهر من ابتسامات ومصافحات حارة، لكن هذه الابتسامات في بكين قد تلاشت الآن، وانقلبت الصحافة قاسية بشكل كبير على المعاملة التي تتلقاها تايوان من الولاياتالمتحدة القضية التي تشكل الاهتمام الأول بالنسبة لقادة الصين. وتؤكد افتتاحية صحيفة China Daily اليومية التي تصدر باللغة الإنجليزية الأسبوع الماضي: «نحن على عتبة عقبة جديدة في العلاقات الأمريكيةالصينية». وفي تعليق لوكالة أنباء زينهوا Xinhua الرسمية: «ثمة رياح باردة تهب». إن الصين الشيوعية تدعي ملكيتها لتايوان، بالرغم من مواصلة الجزيرة التي يبلغ تعداد سكانها ال 23 مليونا مساعيها لتطوير شخصية ديموقراطية، وتشعرالصين بأن البيت الأبيض يقر بصمت تحرك تايوان نحو ما دعي ب«الاستقلال التدريجي». ولأول مرة منذ عام 1979 منحت الولاياتالمتحدة الشهر الماضي تأشيرة دخول لمسؤول تايواني وهو وزير الدفاع تانغ ياومينغ الذي قابل مسؤولين كبارا في إدارة الرئيس بوش خلال مؤتمر عقد في فلوريدا.وسيعقد المعهد الأمريكي للأعمال وهو مركز أمريكي للدراسات مؤتمرا حول الأمن الآسيوي سيحضره مسؤولون يابانيون وتايوانيون. كما سيحضره نواب في مجلس الشيوخ وأعضاء من الكونغرس الأمريكي. وقال مسؤولون أمريكيون إن السياسة الإيجابية تجاه الصين لا تعني تعليق قانون العلاقات مع تايوان الذي تزود الولاياتالمتحدة بموجبه تايوان بالسلاح. وقد أورد التقرير ثلاثة سيناريوهات حول توقيت استعمال تلك الأسلحة. أحد هذه الاحتمالات المواجهة العسكرية بين الصينوتايوان، إلا أن صحيفة تايوانية اقتطفت شيئا مما جاء في التقرير العسكري وقالت إن تايوان تعارض أي استخدام للأسلحة النووية من قبل الولاياتالمتحدة ضد الصين. وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن استخدام الأسلحة النووية في تسوية النزاع بين تايبيه وبكين سوف يهدد استقرار العلاقات بين تايوانوالصينوالولاياتالمتحدة، إلى ذلك دفع نبأ إدراج الصين على قائمة الدول المستهدفة نوويا نائب وزيرالخارجية الصيني (لي زاوكزينغ) إلى القول: إلى أين تريد الولاياتالمتحدةالأمريكية إيصال العلاقات الصينيةالأمريكية؟ لن يرضخ الشعب الصيني لأي تخويف خارجي بما في ذلك الابتزاز النووي. وبالرغم من تدني مستوى أسهم الولاياتالمتحدة في الصين إلا أنه لم يصل بعد إلى الحضيض. ففي الحقيقة لا يزال نائب الرئيس الصيني (هو جينتو) الذي يعتبره الكثيرون الوريث البارز للرئيس جيانغ زيمين يخطط لزيارة الولاياتالمتحدة نهاية الشهر الجاري. لقد بقي السيد (هو) الذي كان الشخص المفضل لدى الزعيم الصيني الراحل (دينغ زياوبنغ). قابعا في ظل السيد (جيانغ)، ولعله سيخلف السيد جيانغ نهاية العام الحالي. وستعتبر زيارته إلى الولاياتالمتحدة زيارة مهمة من أجل تحسين العلاقات الأمريكيةالصينية.