تثير معركة حامية الوطيس في قمة هرم الادارة الأمريكية حول السياسة الواجب اتباعها في الشرق الأوسط ضيقا واستياء داخل الجهاز الدبلوماسي في البلاد على ما يقر مسؤولون أمريكيون. فإلى المنافسة التقليدية بين وزارة الدفاع «البنتاغون» ووزارة الخارجية لفرض كل طرف وجهة نظره لدى البيت الأبيض، تأتي الازمة الاسرائيلية الفلسطينية لتزيد من حدة هذا الصراع والتنافس الشديد. وفي هذا الصدد قال مسؤول في الخارجية طلب عدم ذكر اسمه «هناك شعور بغياب التوجيه الواجب اتباعه ما يثير الكثير من الضغينة واحيانا الغضب». ويقر دبلوماسيون بأن الاجواء «قاتمة» خصوصا بسبب غياب النجاح عمليا في مهمة وزير الخارجية كولن باول الاخيرة في الشرق الأوسط حيث لم يتوصل إلى ارساء وقف اطلاق النار ولا إلى انسحاب اسرائيل من الاراضي الفلسطينية ولا إلى بدء عملية سياسية. وقد برزت الصراعات داخل الادارة الأمريكية إلى العلن الجمعة مع مقالة لصحيفة واشنطن بوست تحدث فيها عدد من الدبلوماسيين طالبين عدم كشف اسمائهم عن ضعف المعنويات وفقدان العزيمة. ويكمن السبب الرئيسي في النزاع الذي تشتد حدته بين باول ووزير الدفاع دونالد رامسفلد لتحديد السياسة الواجب اتباعها في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة التي اعتبرت ان هذه الخلافات ساهمت إلى حد كبير في فشل مهمة وزير الخارجية. وما غذى بشكل خاص التعليقات بشأن الصراع بين الوزارتين مشاركة المسؤول الثاني في البنتاغون بول ولفوفيتز التي لفتت الانظار في تظاهرة تضامن مع اسرائيل جرت في واشنطن في اوج مهمة باول الصعبة في الشرق الأوسط. ففي حين يؤيد باول ممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لسحب قواته من الضفة الغربية والتفاوض مع الفلسطينيين، يريد رامسفلد ومستشاروه اعطاء شارون هامشا اكبر للمناورة ويعتبرون عملياته العسكرية بمثابة حرب مشروعة ضد الارهاب. ولفتت صحيفة واشنطن بوست إلى ان وزير الدفاع، الذي بات لوزارته تأثير اكبر على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مما كانت عليه في الماضي، لا يرى مع فريقه ايضا اي فائدة من محاولة ادخال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في عملية التفاوض. واشار مسؤولون في الخارجية الجمعة إلى ان بعض العناصر الواردة في المقالة صحيحة لكنهم رفضوا المبالغة التي عبر عنها الدبلوماسيون الأمريكيون. واكد احد الدبلوماسيين الأمريكيين لوكالة فرانس برس «ان التخوف من رؤية قطاعات مختلفة في الادارة (الأمريكية) تتصادم قد تزايد منذ تلك الرحلة (باول)». مضيفا «لا يسعني القول ما إذا كان وزير الخارجية يعتقد انهم قطعوا عليه الطريق لكن كثيرين منا يعتقدون ذلك». وعمد مسؤول آخر إلى التخفيف من الفكرة القائلة بأن الامر يتعلق بنزاع شخصي بين رامسفلد الذي يمثل «الصقور» وباول الذي يمثل «الحمائم». وقال: «انها مجرد امر تافه بالنسبة للعالم السياسي الصغير». وخلص إلى القول ان «السؤال الحقيقي يكمن في معرفة اي سياسة نعتمدها في هذه المنطقة، ان موظفي ادارة الشرق الأوسط (في الخارجية) يئسوا وهم الذين فقدوا معنوياتهم».