افتتح يوم الاثنين الماضي صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض المعرض الأول لجماعة ألوان للفنون التشكيلية بعد ترقب من الجميع وانتظار لما يمكن أن تقدمه هذه المجموعة من جديد على الساحة التشكيلية نظرا لوجود عدد من أعضائها من أصحاب الخبرات وممن يدرجون ضمن ريادة بدايات الفن التشكيلي السعودي ولهم باع طويل في دعم هذا الفن عبر المشاركات في المعارض المحلية والدولية التي تقيمها الجهات الرسمية أو من خلال القطاع الخاص. تضم المجموعة كلاً من الفنان عبدالجبار اليحيا والفنان سعد المسعري والفنان الدكتور يوسف العمود والفنان سعد العبيد والفنان الدكتور عوض اليامي والفنان محمد العمير والفنان إبراهيم الفصام والفنان خالد المرمش والفنانة شريفة السديري والفنانة حلوة العطوي والفنانة سارة كلكتاوي. تنوع في المضامين والأساليب المعرض بشكله العام اشتمل على عدد من الأعمال المتنوعة التقنيات بين نحت وخزف وتصوير زيتي ورسم وتصوير مائي وجرافيك، جاء تنظيم المعرض على شكل أجنحة متتابعة العرض كانت فيه مشاركة الفنان عبدالجبار اليحيا أحد الرواد التشكيليين السعوديين ومن أوائل من أقام المعارض في المملكة قبل مرحلة التنظيم الرسمي لهذا النشاط يمتلك ثقافة عالية في مجال الفنون التشكيلية والأدب له بصمة بارزة في الساحة وله حضور كبير ورأي في النقد التشكيلي بالإضافة لعلاقته بالأدب قصة ومقالة وترجمات ولهذا يعتبر ما يسترو المجموعة والرئيس الفخري لها عودا لخبراته ولحجم المساحة الإعلامية التي يتربع عليها بالإضافة للأسلوب الفني الذي حققه عبر تجاربه الطويلة ولا زال يساهم من خلاله باللوحات المستلهمة من الواقع ومن التراث بتقنيته المعهودة مع ميل أكثر لتبسيط اللون واختزاله والاكتفاء بدرجات اللون البني والتي حازت على تقدير النقاد كما شارك الفنان سعد العبيد بسبع لوحات تضمنت تجاربه التي تزاوجت فيها الانطباعية بالرمزية والسريالية وبألوانه المتفائلة والعبيد من الفنانيين ذوي الحضور البارز محليا ودوليا كما يشارك الفنان د. عوض اليامي بستة أعمال منها ثلاثة جرافيك والبقية تجربة بالتشكيل الحروفي أو الجملة التشكيلية حفر على الخشب والفنان اليامي له تجربة معروفة في توظيف الفن كعلاج نفسي أوضح ذلك في الكتاب المرافق للمعرض أما الفنان سعد المسعري أحد الأسماء البارزة في تأسيس الحركة التشكيلية وله بصمة بارزة في إبداعه وحضور محلي ودولي ومن أعمدة لجان التحكيم على المستوى العربي للمسابقات التشكيلية فقد توقع الكثير أن يتحفنا بتميزه بالخزفيات والتي حقق فيها ريادته على المستوى المحلي إلا أنه قدم غالبية أعماله تصويرا بألوان الزيتية والأكلرك مع ثلاثة أعمال ذات بعدين تشكيل بالخزف وواحد من أعماله الرائعة من الخزفية ذات الأبعاد الأربعة أخذت موقعها المناسب في وسط القاعة وكانت بالفعل فتنة المعرض وعروسه والتي يعرضها لأول مرة يأتي بعد ذلك الفنان إبراهيم الفصام بستة أعمال يراها المتابع جديدة ضمن تجاربة الأخيرة التي يمازج فيها بين الكلمة والإيقاع الزخرفي برمزية تقترب من التجريد استطاع خلالها تحديد هويته وشخصيته اللونية ويتابع البحث عن محطة التكوين العام للوحة التي بدأ يقترب منها كثيرا أما الفنان العمير صاحب البالتة المرهفة ذات الشفافية والرقة في مساحاته ولمساته اللونية وبخطوطه الراقصة بسريالية حالمة يقدم ثمانية أعمال بما عرف عنه من جمال وبحث في أعماق اللوحة ببعد أدبي الدكتور يوسف العمود صاحب التجربة المعروفة في مجال الجرافيك وقدرته على إخراج العمل بتقنيته اللونية مضفيا خبرات خاصة للمشاهد وثبات أولوية التواجد بهذا النمط في معارض سابقة كانت فيها أعماله مثار حوارات إيجابية فتحت آفاق هذا الإبداع عند طلبة الفنون ومحبي مثل هذا الاتجاه واجدا في الفرس أو الخيل بعموميتها مجالا للبحث والدراسة وبطل مكرر بتكرار غير ممل في جميع أعماله وهذا الأسلوب أو البحث في عنصر أو مفردة معينة تكشف للفنان مساحة من الحوار والنتائج الغنية ومن ضمن المجموعة يأتي الفنان خالد المرمش بتجربته وبأعماله الجديدة مساهما بها في دعم المجموعة وباحثا عن نافذة تطل منها الشمس كمتخصص في الفنون التشكيلية له تواجده الذي لا زال يتردد في ذاكرة المتابعين من المتلقين الذين سبق لهم التعرف على قديمه ويترقبون الجديد ومن جانب آخر يشارك في هذه المجموعة ثلاث فنانات كل منهن لها حضورها وتأثيرها ودورها المتميز في الساحة فالفنانة شريفة السديري من رائدات هذا الفن ومن أوائل من ساهم في مسيرة الفن التشكيلي عامة والنسائي بشكل خاص لها طابعها المعروف وأسلوبها المتجدد دائما استطاعت من خلاله أن تقدم مجموعة من الأعمال الوطنية كان أبرزها مجموعة فتح الرياض التي ساهمت بها في الاحتفال بمئوية التأسيس إضافة إلى العديد من الأعمال ومنها ما عبرت به عن القضية الفلسطينية بأسلوب راق وتكنيك عالمي وإخراج متميز أصبحت به الفنانة شريفة السديري ذات خصوصية من بين جميع الفنانات كما تشارك في المجموعة الفنانة حلوة العطوي وهي الأبرز من بين التشكيليات السعوديات في عالم النحت متجاوزة بذلك كل التحديات وان مثل هذا الفن لا يمكن للفنانة التشكيلية التعامل معه إلا أنها حققت بتجربتها نجاحا منقطع النظير وحصلت فيه على ثناء وإشادة من صاحبة السمو الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي حرم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب عند افتتاحه لمعرضها الأول ومن ضمن المشاركات أيضا الفنانة سارة كلكتاوي التي تتواجد بشكل متميز مع فنانات الرياض وفي غالبية المعارض التشكيلية الجماعية الرسمية أوما يتم إعداده من قبل التشكيليات ففي أعمالها ما يضيف جديدا على المعرض. المجموعة ومسؤولية قادم الأيام الفترة الأخيرة التي تحسب تقريبا بعام واحد كشفت لنا أن هناك توجها صادقا من الفنانين في الرياض للعودة إلى دورهم الحقيقي والوقوف مع ما تتمتع به هذه الأنشطة من دعم وللمشاركة مع البقية ممن سبقوهم في إيجاد سبل تنشيط الحركة التشكيلية السعودية وقوفا مع ما تحظى به من اهتمام ومن أعلى مستوى ممثلاً في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وفروعها ومكاتبها بعد مرحلة من الهدوء المطبق خصوصا في الرياض العاصمة رغم احتضانها لعدد كبير من الفنانين البارزين على مستوى المملكة والعالم العربي هذا التوجه من الفنانين تمخض عنه ولادة هذه الجماعة التي تحمل اسم ألوان مما يمكن تفسيره بتنوع واختلاف أساليب المشاركين إذ ان لكل مشارك منهم أسلوبه وخامته ومضامين أعماله وإذا كنا قد عشنا لحظات الولادة بافتتاح المعرض الأول للمجموعة فإن في سماء التشكيل في الرياض أيضا بارقة أخرى نتوقع أن تكون سحابتها حبلى بالمفاجآت من مجموعة الرياض التشكيلية وهناك أيضا مجموعة العارض ومجموعة طويق وفناني القرية ومجموعة التراث وكل منهما ينتظر دوره في المساهمة بخدمة هذا الوطن تحت المظلة الرسمية للاستفادة من كل مساحات الدعم والتشجيع الذي عهد من الجهات المسؤولة عن الثقافة والإبداع وبحرص شديد من صاحبي السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد وسمو نائبه بأن يؤخذ بيد كل مبدع في هذا الوطن ال1غالي والواقع أن في وجود مثل هذا النشاط وولادة مثل هذه المجموعات ما يجعل الفنانين في حركة دائبة ودائمة تشعل فيهم روح الحماس شأنهم شأن الأندية الرياضية كما لا ننسى أيضا دور القطاع الخاص ووقفته مع مثل هذه العطاءات ولا ننسى في هذا السياق دور المؤسسات الثقافية الرسمية والخاصة ومنها مكتبة الملك فهد التي تساهم دائما في الأخذ بكل ما فيه خدمة للفن التشكيلي وفنانيه ومنها هذا المعرض كما لها من سابق دعم ولاحق. السؤال الذي يطرح نفسه ويأتي بعد مواقف متعددة لمثل هذه الخطوة المتمثلة في تشكيل المجموعات هل هناك بناء مكتمل أم أن الأمر مبني على نتائج القادم من الأيام وهل هناك توافق بين الأعضاء ولا أعني بهم أعضاء هذه المجموعة ولكنها قضية أزلية أدت إلى تراجع الكثير وتوقف الكثير من المحاولات. ونحن حينما نطرح مثل هذا التوقع إيجابيا كان أو سلبيا فإننا نتمنى أن تكون البداية أكثر التحاما وتمازجا وتوازيا وتساويا في الحقوق والواجبات لا أن يأخذ أحدنا حقه على حساب الآخرين. هل تأتي المجموعات التشكيلية بجديد؟ قبل الختام نود أن نضع الاستفهام الكبير أمام قيام أي مجموعة لنتساءل عن أهدافها وهل فيها جديد للساحة من قبل المشاركين؟ ثم ماذا ستقدم أي مجموعة وهل ستأتي الأسماء الجديدة فيها والتي كانت غائبة عن الساحة بما يجعل لهم صدى أمام من سبقوهم وماذا قدم أصحاب الخبرات السابقة أم أن الأمر تحصيل حاصل وكسب للصوت والصورة الإعلامية على حساب كل ما تم القيام به من دعم ومواقف من قبل الآخرين؟ هذه الأسئلة ليست لهذا المعرض بل لكل المعارض لمجموعات سوف تولد مستقبلا وان كان الأمر كما كان فلن يتغير واقع الساحة ولن نتقدم بها إلى ميادين المنافسة أعني ساحة الفن التشكيلي في الرياض. ******** لقطات من المعرض: * ساهمت مكتبة الملك فهد بدور كبير لإنجاح المعرض ودعمه ابتداء من تكاليف الكتاب مرورا بالافتتاح وختاما بالكم الكبير من الحضور من الفنانين والمثقفين مما يعني أن هناك أفقا واسعا من العلاقات بين المكتبة وبين أفراد المجتمع ومنهم المثقفون والفنانون. * نسبة كبيرة من الحضور من طلبة أقسام التربية الفنية بكليات المعلمين ومن جامعة الملك سعود وهذا أمر يبشر بالخير. * منسوبو التربية الفنية في وزارة المعارف وإدارة تعليم الرياض كانوا من الحضور وفي غالب المعارض. * انشغال الزملاء الفنانين أعضاء المجموعة مع ضيوفهم تسبب في وقوف أكثر من خمسة عشر فنانا خارج المعرض ينتظرون الإذن بالدخول وحملونا عتبهم للزملاء.