نشّطت جماعتان هما ألوان للفنون التشكيلية ومجموعة الرياض التشكيلية الساحة الفنية في منطقة الرياض بعد ركود اقتصرت عروضه على معارض تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ضمن برنامجها السنوي، كمعرض الفن السعودي المعاصر، والمعرض العام لمقتنيات الفنون التشكيلية، في حين تنظم معرضاً آخر هو المعرض العام لمناطق المملكة في إحدى المدن أو المحافظات، كما وتشهد الرياض بين فترة وأخرى عروضاً متفرقة بعضها أقامته خلال الفترة السابقة قاعة شذا. جماعة ألوان أقامت أخيراً معرضها الثالث وتوجّهت فيه الى دعوة بعض الفنانين التشكيليين من مناطق السعودية للانضمام الى الجماعة، فاستجابت أسماء عدة أبرزها طه صبان وعبدالله حمّاس وعلي الطخيس ومفرح عسيري. بدأ ظهور الجماعات التشكيلية في السعودية بداية ثمانينات القرن الفائت عندما انطلق بعض فناني المدينةالمنورة بعروض تواصلت داخل المملكة حتى الآن. وخرجت في أعوام مضت الى الدوحةوالقاهرة وبيروت، وظهرت في محافظة الدوادمي جماعة تحمل اسم المدينة اقتصرت عروض هذه الجماعة على الدوادمي ومدينة الرياض، ويتحرك بعض أعضائها في شكل مشترك الى العرض في بعض المدن السعودية مثل علي الطخيس وابراهيم النغيثر، وفي القطيف ظهرت عام 1997 جماعة تابعة لمركز الخدمة الاجتماعية تنظم معرضاً سنوياً لأعضائها في القطيف، وخرجت بأحد معارضها الى العاصمة السورية دمشق قبل أعوام كما أقام سبعة من أعضاء الجماعة البارزين معرضاً مشتركاً العام الفائت في الرياض. تمثل الجماعات التشكيلية في السعودية لقاءات مدينية، فالجماعة غالباً تحمل اسم المدينة التي تنطلق منها، جامعة أعضاءها بمستويات مختلفة، متباينة أحياناً، لكنّا مع مجموعة هي أصدقاء الريشة تتسع دائرة الانضمام خارج نطاق مدينة محددة، وهو ما سعت إليه ألوان في عرضها الثالث هذا العام. يغيب في المملكة العربية السعودية وجود جمعية أو رابطة أو اتحاد للفنانين التشكيليين السعوديين مع أننا نجد أندية أدبية تختص - غالباً - بشؤون الشعر والقصة، والرواية. ترعى الرئاسة العامة لرعاية الشباب الحركة التشكيلية منذ النصف الثاني من سبعينات القرن العشرين، بينما تساهم الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في الحركة التشكيلية بتنظيم معارض جماعية وفردية من خلال مركزها الرئيسي في الرياض أو من خلال فروعها في بعض المدن السعودية. وبعد ضم الثقافة الى وزارة الإعلام ستشرف وزارة الثقافة والإعلام على ما يتعلق بالأنشطة والبرامج التشكيلية. تجد الجماعات التشكيلية في السعودية دعماً معنوياً يغيب معه الدعم المادي حيث يتكفل أعضاء كل مجموعة بالإنفاق على أنشطتهم، وهو ما يقلل من تحرك الجماعات ونشاطها، لكن ذلك لم يؤثر على بعضها، فنجد جماعة ألوان تقول انها "تواجه محدودية في الإمكانات وظروفاً مادية صعبة وكثيراً من المشكلات والعقبات لكنها تضع أمامها دائماً الإيمان بنبل رسالتها، والسعي الى تحقيق أهدافها، وهو ما يجعلها تواجه التحديات والسلبيات". تُعرّف جماعة ألوان نفسها بأنها جماعة فنية تشكيلية غير ربحية ذات نفع عام تسعى الى المساهمة في نشاظات الفن التشكيلي السعودي داخلياً وخارجياً للارتقاء بالقيم الجمالية والتذوق الفني مع مراعاة الأنظمة والأهداف الفنية والثقافية في المملكة العربية السعودية. أما أهم أهدافها فهي: المساهمة في فعاليات الحركة التشكيلية في المملكة، عموماً وفي منطقة الرياض خصوصاً، والمساهمة في تنمية الثقافة الفنية العامة من خلال الاطلاعات والقراءات والكتابات المتنوعة والمناقشات والحوارات الهادفة، وتوثيق الصلة بين أعضاء الجماعة والأفراد والجهات الحكومية والخاصة داخل المملكة. أسهمت الجماعة ببعض الإصدارات مثل كتاب مترجم بعنوان اللون وتقنياته للفنان عبدالجبار اليحيا - أحد أعضاء الجماعة - كما كرّمته وطبعت دليلاً عن مسيرته الفنية، وكذلك كرّمت هذا العام الفنانة شريفة السديري وطبعت دليلاً تعريفياً بمسيرتها، وببعض أعمالها، وضمنت الجماعة أدلتها الثلاثة مواضيع ودراسات وبحوث وتجارب شخصية ساهم بها أعضاء الجماعة. تتضمن الجماعة أكاديميين في مجال التربية الفنية د. يوسف العمود، د. عوض اليامي، د. خالد المرمش، سعد المسعري، بينما يحمل البعض الآخر شهادات معهد التربية الفنية بالرياض أو أقسام التربية الفنية من كليات أو جامعات سعودية: ابراهيم الفصّام، محمد العمير، علي الطخيس، عبدالله حمّاس، صالح المحيني، حمد المواشي، مفرح عسيري، وداد المنيع، أسماء الدخيل، وصالح الرميح. مع انضمام عدد من الفنانين والفنانات للجماعة في المعرض الأخير غابت عنه أسماء شاركت في العروض السابقة سعد المسعري، خالد حجاج المرمش، غادة بنت مساعد وعوض اليامي، ويبدو أنها مرونة في حال عدم توافر نتاج جديد يمكن عرضه، خصوصاً مع الحرص على عدم تكرار عرض الأعمال في معارض الجماعة. ترسم صورة المعرض الثالث خطاً متنوعاً برزت فيه مستويات وحافظت أسماء على مستوى ثابت، بينما لم تزل بعض المشاركات متواضعة. تمثل أعمال طه صبان اتجاهاً مغايراً، فالفنان يجرد بعض عناصره ويبعثها على مساحات - فضاءات - معها يحافظ على ايجاد رموز مباشرة، هيئات لشخوص، مراكب ووحدات زخرفية، وينشئ عبدالله حمّاس عمله وفق تقطيعات هندسية، مساحته مبسطة مكتفياً بالإيحاء في شكل آدمي، أو زخرفي، لكنه يباشر - كطه صبان - في بعض العناصر عندما يرسم مئذنة على سبيل المثال. هذا التوجه ذو المرجعية الهندسية نجده عند حمد المواش وفق معالجة لونية، وتوزيع مساحي مقنن، تتآلف المساحات لتشكل وحدة العمل معبراً عن مدينة إسلامية فيها المآذن والنوافذ والقباب، وتمثل لوحته من شواهد هذا العصر تعبيرية عن أحداث مأسوية دولية. أعمال هذا الفنان السابقة تحمل معالجة تعبيرية كان اللون واللمسة المفتعلة الأكثر بروزاً لكنه يهتم أخيراً بتكوين لوحته وهندستها وتصميمها. يشارك المواش في المعارض السعودية منذ السبعينات، وقدم ثلاثة معارض فردية في الأعوام 1971، 1999، 2001. يتجه محمد العمير لتجربة تتوارى معها العناصر المباشرة وهو المتأثر بصيغ السيرياليين. ظهرت في بعض أعماله المرأة على نحو مباشر، ثم ضمن حالة من التعبير اللوني حاملاً معها فكرة ما، أحياناً تكون مباشرة، لكنه في أعماله الأخيرة يجرب على معطيات المعالجة اللونية الراهنة حيث ضربة الفرشاة، والكشط، والحك، ومعها تظهر انفعالاته وتلقائيته. بدأ محمد العمير التواجد في العروض الجماعية داخل السعودية منذ سبعينات القرن الفائت، وتوقف لأكثر من عشرة أعوام عن المشاركات لكنه عاد نشطاً ومثّل حضوراً في عروض جماعية داخل السعودية وخارجها، وابتعثته الرئاسة العامة لرعاية الشباب لتمثيل السعودية في أكثر من مناسبة فنية خارجية. تنوعت مشاركة ابراهيم الفصّام بين أكثر من اتجاه. اهتم منذ أعوام بفكرة تجميعية لرموز وأشكال استوحاها - نقلها - من مصادر عدة مكوّناً لوحات سمّاها من تاريخ بلاد العرب، لكنه في مشاركته الأخيرة اتجه الى تشكيلات حروفية كان فيها مزخرفاً ومزوقاً كما رسم متجهاً ومتأثراً برسوم البدائيين الرسم على الحجر. يعتبر الفصّام من جيل المواش والعمير وهو الجيل الثاني في الحركة التشكيلية السعودية، لكن معظم مشاركاتهم انحصرت على العروض الداخلية، وإن ظهر لبعضهم حضوراً خارجياً محدوداً، شارك في عدد من المناسبات والمعارض داخل السعودية وخارجها، آخرها اشرافه على جناح الفنون التشكيلية ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي في المملكة المغربية، ومشاركته في البينالي الدولي العاشر في الصين. تتنوع اهتمامات عبدالرحمّن العجلان بين النحت والتصوير. وبرزت أعماله خلال الأعوام الأخيرة والتي اشتغلها على الحجر الكلسي الذي يُساعده لطراوته على تحقيق أفكاره بقدر من البساطة. عرف الفنانون التشكيليون السعوديون النحت وبرز بعضهم من خلال مرسم نادي الدرع بالدوادمي الذي ظهرت فيه أسماء عدة علي الطخيس وعبدالعزيز الرويضان وأحمد الدحيم وغيرهم، وقبلهم الراحل عبدالله العبداللطيف، كما عرفت الساحة نحاتين مثل نبيل نجدي وبكر شيخون وعبدالحليم رضوي، وأسماء أخرى. تتميز منحوتات العجلان ببساطة تظهر في مساحاته المشغولة، أو تلك التي منحها نعومةً أو تسطيحاً مستوياً. يلجأ الفنان الى بعض القطع الحجرية ليركبها على القطعة الأم في إحالة رمزية، لكنه في بعض الأعمال السابقة انطلق من مواضيع عضوية فيها الإنساني وانتقل بعدها الى المعمار وتأثيراته، هو ما التقى فيه مع نحات وخزاف آخر هو سعد المسعري الذي نفّذ أعمالاً أكبر حجماً وأقل تلويناً. اعتمد عبدالرحمن العجلان على جهوده الخاصة في تثقيف ذاته في مجال النحت والتصوير، ومع أن ممارسته التصوير سبقت النحت إلا أنه برز من خلال الأخيرة المنحوتات حيث أبرزت مهاراته في التعامل مع القطع الثلاثية الأبعاد ولم تزل تجريباته، ومحاولاته تجد قبولاً، تظهر معها خصائص أسلوبه الذي يتغير عن بعض النحاتين السعوديين. تخرّج الفنان العجلان من كلية الملك فهد الأمنية وبدأ المشاركات في المعارض السعودية منذ 1985، وتعبر أعماله النحتية الأخيرة عن قدوم مبشر لاسم مهم في الساحة التشكيلية في السعودية. يعتبر علي الطخيس أحد النحاتين السعوديين البارزين، حضوره العربي واضح من خلال مشاركاته في بينالي الشارقة الدولي وبينالي القاهرة ملتقيات نحتية عربية عدة في لبنان والأردن وسلطنة عمان وغيرها... أعماله الأخيرة تقدم حلولاً جديدة تبرز فيها طبيعة الخامة - حيث يسعى الفنان الى ذلك - وعلاقة هذه الطبيعة بالمعالجات والتشكيلات التي يتجه الى تحقيقها يظهر في عدد من أعماله الحس الإنساني، والشكل العضوي وإن سعى الى تغليب تغييب ذلك، في المقابل فإن حلوة العطوي، وهي من أولائل السعوديات اللاتي مارسن النحت تتعامل مع حجر كلسي يسمى حجر الرياض يساعدها على تحقيق تكويناتها - كما هو العجلان - على نحو أبسط وأقل جهداً من الرخام الذي يتعامل معه الفنان الطخيس ومعظم النحاتين في مدينته الدوادمي، تقيم حلوة عملها على هيئة تركيبية يظهر فيه أكثر من مستوى، تجذبها الكتلة الدائرية، أو البيضاوية، لتشكل من خلالها مواضيعها التي تبدو رمزية وبسيطة، لم تدرس هذه النحاتة المثابرة النحت، وسعت بجهودها الفردية/ الشخصية الى تدعيم موهبتها بالممارسة والاحتكاك والمشاركة في المعارض المحلية، ورُشحت أعمالها لأكثر من مناسبة خارجية وأقامت أكثر من معرض شخصي في الرياض وجدّة. قدّمت خلود المفرّج خزفيات ذات بعد اجتماعي وانساني، وشارك محمد الفارس، وهو صاحب اهتمامات خاصة بحماية البيئة عبر توظيف الفن، شارك بأعمال هي جذوع وأغصان أشجار متيبسة تمثل هيئات وأشكالاً آدمية في حركة أو وضع معين. الفارس أقام معرضه الأول قبل شهور، ويحمل دكتوراه في الجغرافيا السياحية من جامعة شيفلد البريطانية. قدّم صالح المحيني مجموعة من الأعمال حمّلها اسم امرأة الغموض، لا تخلو هذه الأعمال من هيئات أنثوية، تندمج وعناصره المتنوعة كائنات بحرية، وزهور وأوانٍ ونباتات يسعى الفنان الى دمجها وفق تأثير صيغ سيريالية ظهرت في أعماله المبكرة، لكنها جاءت أكثر قدرة في توليفها بلوحاته الأحدث، يهتم بالملامس وتبعث أعماله نفساً رومانسياً حالماً. شارك في المعرض الثالث لجماعة ألوان عبدالجبار اليحيا، وسعد العبيد، ويوسف العمود وشريفة السديري وسارة كلكتاوي وصالح النقيدان وأسماء الدخيل ونجلاء السليم ومفرح عسيري ووداد المنيع وصالح الرميح وعلي البياهي ووليد الطويرقي. واحتفت الجماعة بالرائد الفنان محمد موسى السليم 1938 - 1997 تخليداً لذكراه، وتقديراً لعطائه الكبير واعترافاً بما قدّمه للفن التشكيلي السعودي على المستويين المحلي والدولي، وطالبت - الجماعة - وزارة الثقافة والإعلام والجهات المعنية الأخرى بالاهتمام بأولئك المبدعين، وتكريمهم بما يليق بهم، كأن تعرض أعمالهم في متاحف أو قاعات عرض تحمل أسمائهم أو إطلاق أسماءهم على بعض الميادين أو الشوارع وفاءً وتقديراً لما قدموه.