حين أرويت صدودي بالدمع.. كنتِ تدركين أن الدمع الكاسح الوحيد الذي يمكنه استنزاف مكابرتي باقتدار.. كنت متيقنة أن الرضا الذي لا تبلغه الأعذار.. تطوله دمعة..! والحدود التي لا يتخطاها البوح.. تقفزها دمعة..! الشوق والعطاء وكل مشاعر القرب التي ألجمتها القروح.. تستنطقها دمعة..! لذلك بكيتِ ألف مرة.. ولهذا سامحتك كل مرة..!! الورقة الثانية أعتب فتعتذرين.. وتخطئين فتعاودين الاعتذار.. ثم ماذا..؟! ما جدوى اعتذار من استمرؤوا مهزلة التجاوز..! سؤال ينتفض كلما غيبتني معمعة الصفح.. يتطاول متجاوزاً صمتي الملغوم فإذا حملت انكاري وأوشكت أن أنسحب.. استوقفتني ارتعاشة كفك.. ووميض دمعك.. وطراوة أسفك.. فأقف ما بين اغراء العفو.. واغواء الألم.. وأتردد حتى تغلب نداوة الدمع ضراوة العتب.. فتغمرها ولا تفنيها..! عندها فقط.. أعود لأصفح وأصفح حتى توقني أني رضيت.. وأوهم نفسي أني فعلت وإن لم أكن..!! **** الورقة الثالثة اليوم.. ها أنتِ تعاودين البكاء على نزف جرحٍ جديد..! ها أنتِ تقبلين وقد حملت كل شيء. الدمع.. الاعتذار.. الورود البيضاء والكلمات الودودة.. لكنّك نسيت أهم شيء..!! نسيت أن الخطأ قد يعبرني أياً بلغت قسوته..! لكنه إن لامس العزة.. يتضخم حتى لا يبرئه عذر ولا يداريه أسف.. يدوّي محطماً في الآفاق كل بوادر الصفح.. ويتنامى معززاً صلابتي أمام الملامح الباكية..!!! عودي.. يا رفيقة الدرب.. من حيث أتيتِ فما عاد المكان يتسع لطيفنا معاً.. تراجعي متتبعة آثار خطاك التي قادتك إلى قلبي ولا تخشي التيه.. فالدروب التي أوصلتك إليّ ستوصلك لسواي.. غادري.. فأصابعي التي أشعلتها لتضيء عتمة عثراتك.. احترقت.. وما تبدد من العتمة الكثير..!!! ***** الورقة الأخيرة تقف على أطراف دربي.. تسألني الصفح.. وأسألها أن تحفظ ما كان من عبق الصحبة.. تتوسل.. وما أدركت أن الزجاج الذي أبهرها أديمه واتكأت عليه طويلاً..!! أثقله الحمل فتهشم..!!! وقد حسبته لا يخدش..!! غادة المديهش الرياض