نعم..تبدلت أحوال الزمان..قبل أيام قليلة استمتعت بزيارة المعرض الثالث للواعدات والواعدين الذي نظمته «مؤسسة الفن النقي» في شارع الستين بمدينة الرياض العريقة..وتجولت داخل تلك الخيمة الجميلة التي احتوت ذلك المعرض.. وكانت لي وقفات اكثر جمالاً مع اللوحات الفنية المشاركة..واستمر هذا الشعور الجميل يصاحبني وأنا أتنقّل من لوحة الى اخرى.. حتى استوقفتني تأملاتي طويلاً امام سريالية واحدة من تلك اللوحات التي ازعم ان طيفها سيبقى يلازمني ما حييت. لقد ابدع الفنان حسن علي ابو حسين في نقل مشاعر الانهزامية التي يعيشها عالمنا الاسلامي في يوم الناس هذا.. إذ رسم ثلاثة من النسور الضخمة الهائجة.. فاردة اجنحتها المهولة بكل صلف ووحشية.. ورمز الاشمئزاز، «العلم الاسرائيلي» يلتف على افخاذها.. ومسجد قبة الصخرة في فلسطين الحبيبة يقبع تحت مخالبها الجارحة ومناقيرها الحادة.. بعد ان حلَّ الدمار بتلك البقعة الشريفة المباركة لتتحول الى ركام.. وقد صوَّر الفنان بريشته الصادقة مدى الحزن الذي أصاب السماء فوق هذا المشهد الاليم. تأملت تلك اللوحة طويلاً.. وما زلت أتأملها في مخيلتي.. ولا يزال انين زهرة المدائن كما السكاكين تنغرز في داخلي.. واتسع المشهد امام عيني. فغصت في متاهات الالم الذي تعيشه فلسطين كلها.. والصمت يخيِّم على امتينا العربية والاسلامية.. وتمنيت لو انني اجيد الرسم فأرسم.. ارسم دموع الاطفال اليتامى.. وصرخات الامهات الثكالى.. وأنين الاشجار التي اقتلعت من جذورها.. وهلع الطيور التي فقدت امنها وأمانها.. وحزن البيوت التي تهدمت على اصحابها.. ليتني اجيد الرسم لأرسم ذلك وأكثر.. وسوف لن انسى رسم المجرم شارون وهو يقف مبتسماً امام أولئك الذين قلبوا الموازين وأطلقوا عليه لقب «حمامة السلام».. وهم يوقنون ان المعتصم وصلاح الدين لم يعد لمثلهما في هذا الزمان وجود.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.