الحديث عن الناقد العربي محمد العباس يبدو حديثاً محزناً، ويثير الغضب في آن؛ لأن النقاد العرب كثيراً ما أهملوا نتاجات مبدعي بلدانهم، واتجهوا لمغازلة الأدباء العرب الكبار؛ وهو ما يجعلهم خارج التأثير محلياً.. وكان لافتاً أن محمد العباس تجاوز هذه الإشكالية مبكراً؛ فركز على أبناء جيله؛ ليكون صوتهم النقدي البارز.. وخصوصاً في اشتغالاته الأولى «قصيدتنا النثرية» و»ضد الذاكرة.. شعرية قصيدة النثر». وأراه بهذا الحفر النقدي ساهم في عبور التقليدي عبر اشتغاله على الحداثي، وركز على الجيل التسعيني الذي أحدث طفرة في النص الشعري السعودي، وأثّر في الوقت ذاته على النص الخليجي. وهذه تحسب لمحمد العباس؛ لأن كل جيل يفرح بوجود ناقد متابع لإبداعاته من أبناء جيله تحديداً. والعباس يساهم بشكل يومي بإضاءات سينمائية، وآراء نقدية سريعة عبر مواقع التواصل، تجد صداها الأوسع عبر اشتباكها بنقاشات تكشف عمقها من عدمه. وهي حالة مفرحة أن ترى المبدعين، وخصوصاً من النقاد كالعباس، ود. سعد البازعي، ود. عبدالله الغذامي.. يشاركون بآراء يومية تثري الساحة، وتعطيها كثيراً من الرزانة المطلوبة وسط هذا الكم الهائل من الثرثرة اليومية في تلك المواقع. ما أتمناه من الناقد محمد العباس عدم الانزلاق في قراءات نقدية، يدخل فيها الخجل أحياناً، ومجاملة هذا وذاك؛ لأن قلمه يجب أن يبقى رزيناً كما شخصيته. ** **