التقيت الروائي شحبي بوصفي قارئًا عام 1997م حين نشرت له صحيفة الجزيرة - على حلقات - روايته «الخروج إلى الكهف». أخذني إلى عالمه السردي شديد الحساسية والتوتر، والمكتنز رؤى وأفكاراً. ثم جاد الزمان بمعرفته، والجلوس إليه في أمسيّات وندوات وقراءات لنتاجه عدا نزر يسير منه. طالما عانى شحبي من إشكالية النشر والتسويق، لكنه لم يفتأ يبهرنا بعمل بين الفترة والأخرى مهما كلّفه الأمر. هو كما أدعوه دوماً (أبونا الذي علمنا السرد). والحق إنه كان - ولا يزال - نافذة مغايرة للسائد حين يطل على الواقع؛ فيقرأه قراءة مستقلة جريئة، وقد تكون قاسية أحياناً، حتى إنه لا يُخرج نفسه من وطأة ذلك بكل صدق وثبات. يشيّد شحبي معماره السردي عبر درايته بأهمية التفاصيل الصغيرة، والثيمات اللافتة ذات التعالق الوثيق مع نسيج المجتمع وحراكه؛ ولهذا ننتظر بشوق ما سيقوله عمله المقبل حين نعلم أنه يعكف على عمل ما. وإخال أن الكائن الشعريّ الذي يسكنه خير داعم للقرين السردي المهيمن عليه، يلطّف عبارته، ويموسق مشاهده، ثم يراقص مشاعره بين الفرح والترح، التوهج والظلمة، الحضور والانكفاء. ** **