جئت من أقاصي الذكريات.. أمتطي دمعة وراحلة من حزن على فراق زميل عزيز وغال بل أستاذ رحمة الله عليه إنه الأستاذ محمد بن سعد المشعان.. هذا الغالي الذي رافقته كاتباً في زاوية «غرابيل» بجريدة الرياض.. ومازحته شعراً.. ومازحته شعراً نقدياً شعبياً لأنه بدأ يطارح الشعبي فكأني به أخذ عليَّ في خاطره.. وبادرته بالممازحة والاعتذار تكريماً لوقاره رحمه الله.. عزّيته في زوجته قبل عام فرط وحثثته على الصبر، وكأني به يهز بعصاه علي قائلاً «وين الصبر تكفا يابو مشعل؟!». قلت أنت الذي تعلمنا بذلك يا أبا هزاع فألفيته صابراً محتسباً يحوقل ويسبحن.. ومرت شهور كنت أحسبها أياماً فإذا الرحيل المفاجئ لأبي هزاع.. وانطفأت رباعياته.. وغرابيله.. وكما قال الأستاذ تركي السديري تلكم العصا التي يتوكأ عليها المشعان غابت عن ردهات الجريدة.. يرحمك الله يا أبا هزاع.. وستبقى ذكريات قلمك..وذكريات روحك وذكريات حرفك في ذاكرة الأيام.. مدهش حتى رحيلك أيها الغالي.. كنت تحدثنا عن التقاعد.. والتباعد.. والحب والوئام.. ولكنها الأيام لها انطفاء في عمر الناس. نرى أننا نفقد بين الحين والآخر أخوة أعزاء.. وبرحيلهم نستكين إلى الحزن ولكن نتوكأ على كاهل الإيمان لكي نعانق الصبر..فهذه سنة الله في دنيانا.. فهذا يسرج حصانه والآخر يترجل وذاك يسقط في وغى الأيام في صراع دنيوي.. فالمحظوظ من زاد زاده من التقوى.. ورحل بموازين ثقيلة من الحسنات.. رب ارحمنا جميعاً.. رب ارحم أموات المسلمين.. واحفظ أحياءهم اللهم أسبغ علينا العافية وأفرغ علينا صبراً نستكين به.. ونستعين به على مصائب الزمان.. وفقدان الأحبة.. موجع رحيل الأحبة.. ولكن هذه أقدار الله.. وهذه سنة الله في خلقه، اللهم لا اعتراض فارحمنا.. والله المستعان.