المساجد بيوت الله في الأرض فهي أطهر البقاع وأفضل الأماكن، من تعلق قلبه بها أظله الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.. تقام فيها الصلاة التي هي عمود الإسلام وثاني أركانه. إذا تطهر المسلم في بيته ثم خرج إلى الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه. والمسلم مأمور حال ذهابه إلى الصلاة بأن يتحلى بأشرف الصفات وأحسن الخصال تأدبا مع الله تعالى واحتراما للبقعة الطاهرة ومراعاة لإخوانه المصلين.. لكن هناك من الناس من لا يراعي هذه الآداب ولا يلتزم بهذه الصفات فيعظم وزره من حيث أراد أن يغفر ذنبه. وما ذاك إلا بسبب مخالفته لوصايا نبيه صلى الله عليه وسلم. فكم من المصلين يحضر إلى الصلاة بهيئة رثة وملابس متسخة إما بلباس النوم أو ثوب المهنة فيضايق الناس ويلون المسجد بملابسه. أين هذا وأمثاله عن قوله تعالى «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد» وقوله عليه الصلاة والسلام «إن الله جميل يحب الجمال». ومن الناس من يأتي إلى المسجد برائحة منتنة تكاد تصرع من بجواره سواء كانت هذه الرائحة من جسده أو من سبب خارجي كالثوم والبصل والكراث والدخان فيؤذي الناس ويؤذي الملائكة لأنها تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ولذا قال صلى الله عليه وسلم «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته». كيف يرضى مسلم بأذية إخوانه في مساجدهم برائحة جسده أو ثيابه أو فمه وهو يسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم «من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم». فإذا كان هذا في الطرق فكيف يكون في المسجد؟ ومن الناس من تكون أذيته لإخوانه المصلين بمزاحمتهم أو تخطي رقابهم فيجمع بعض الناس بين التأخر عن الصلاة وتخطي الرقاب ويظن بذلك أنه يحوز الفضيلة!! وقد رأى صلى الله عليه وسلم من يتخطى الرقاب وهو يخطب يوم الجمعة فقال له: «اجلس فقد آذيت». أو قد تكون أذيته لهم بمزاحمتهم والتضييق عليهم بحيث يفقدون الراحة ويزول عنهم الخشوع وينشغل الإنسان بنفسه بسبب هذا المتأخر الذي أراد أن يسلب منهم ما حازوه بتقدمهم وتبكيرهم. ومنهم من يدخل الصف قسرا بحيث لا يستطيع المصلي وضع يديه على صدره ولا الركوع أو السجود إلا بصعوبة. ومن الأذى الذي يلحقه البعض بالمصلين المرور بين يدي المصلي فتراه يمر بين يدي المصلي دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن مخرج إنما يتوجه لأقصر طريق ولا يبالي بإخوانه.. وقد جاء النهي عن هذا الأذى بقوله صلى الله عليه وسلم «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه». ومن المصلين من يؤذي اخوانه برفع صوته بالقراءة أو الدعاء فيشوش على من بجانبه وقد يفسد عليه صلاته. هذه أنواع من الأذى تقع وللأسف وتتكرر من بعض المصلين في أطهر البقاع وأشرف الأماكن. فمن حرص على الخير وأراد كسب الثواب فليبتعد عن الأذى وليتجنب أسباب العقاب. جامعة أم القرى ص.ب 13663 [email protected]