قابلت كثيراً من المشتركين الذين يشتكون عادة من ارتفاع قيمة الفاتورة، وغالباً ما أنجح من خلال كل وسائل التوضيح في اقناعهم بأسباب ارتفاع قيمة الفاتورة والتي لا تأتي إلا من استخدامهم وانتفاعهم من خدمة الكهرباء. أتذكر الآن دخول مشترك في منتصف العمر إلى مكتبي في شهر شعبان الماضي والذي كان يصادف شهر سبتمبر دخل مكتبي مُسلّماً وبكل هدوء وثقة وعقل ممسكاً بفاتورة الكهرباء في يده وقال: لقد حاولت أن أفهم وأقتنع بفاتورة كهرباء الشهر الحالي ولم استطع وعليه أتيت إليك لتشرح لي وتقنعني إن استطعت عن سبب ارتفاعها علماً بأنها تزيد بحوالي الضعف عن فاتورة نفس الشهر من العام الماضي.. قلت له: تفضل بالجلوس وسوف أبحث معك عن السبب من خلال جهاز الحاسب الآلي الذي أمامي.. ومن خلال الاطلاع على فواتيره لآخر عامين تبين لي صدق ما أورد وذهبت في حيرة كيف أقنعه. وعندها سألته ماذا تغير لديك في البيت؟ أريدك أن تحدثني بصراحة لكي أستطيع مساعدتك حيث إن استهلاك الكهرباء زاد وبنسبة كبيرة عن العام الماضي فهل تم تغيير أجهزة التكييف لديك إلى سعات أكبر؟ هل زاد عدد أفراد أسرتك؟ هل استقبلت ضيوفاً هذا الشهر؟ هل... قاطعني قائلاً: طلبت مني أن أصارحك فأنا لم أستقبل ضيوفاً ولم تزد عائلتي ولكن استقدمت سائقاً وخادمة منذ ثلاثة أشهر.. ولكن هل يعقل أن يزيد الاستهلاك لهذا الحد؟؟ أجبته: ربما ولكني أريدك أن تقدم لي خدمة بسيطة وأن تمر على غرفة السائق وكذلك غرفة الخادمة وأن تخبرني غداً بما رأيت وماذا لاحظت. قال: ماذا تقصد؟ قلت: سوف ترى. قال: اتفقنا.. مرّ يومان ولم أسمع شيئاً من هذا المشترك وفي اليوم الثالث رنّ هاتف مكتبي وإذا به يحدثني ويأسف لعدم مقدرته على المجيء لمكتبي وأنه قد عرف سبب ارتفاع الفاتورة!!!. قلت له: حدثني عما رأيت.. قال: لقد رأيت أن الخادمة تعمل في المطبخ وأن المكيف الموجود في غرفتها لم يطفأ ورأيت أن المكيف الموجود في غرفة السائق يعمل كذلك علماً بأنه خارج المنزل لإحضار الأولاد من المدرسة.. لقد كنت أحرص على تطفئة الإنارة في المنزل والتأكيد على أفراد العائلة بتطفئة أجهزة التكييف في غرفهم عندما لا يكونوا متواجدين فيها إلاّ أنه لم يخطر في بالي استهلاك الخادمة والسائق.. أشكرك كثيراً على تنبيهي لذلك. لقد مرّت هذه التجربة معي ورأيت الكتابة عنها حيث إننا ننسى أن الخادمة والسائق قد يستهلكان الكثير دون الاكتراث بالفاتورة لكي يجدوا المكان بارداً عندما يعودون إليه في كل الأوقات، وترد إلينا الكثير من الشكاوى من بعض المشتركين الذين يقولون إنهم كانوا مسافرين خلال الإجازة ومع ذلك وردت إليهم فواتير كهرباء باستهلاك لا بأس به.. إنهم ينسون أن السائق الماكث في المنزل يستهلك من التكييف ما يكفي لأسرة كاملة إذا هو لم يطفىء جهاز التكييف ليلاً ونهاراً.. إننا ومن خلال إصدارنا لملايين الفواتير سنوياً لا ندّعي الكمال ولكن غالباً ما نجد أن ما تم تسجيله من استهلاك في الفواتير ما هو إلا استهلاك فعلي لا ينتبه إليه المشتركون.. إننا ننسى أنه كان لدينا ضيوف لعدة أيام زاد من تشغيلهم لأجهزة التكييف.. إننا ننسى أنه عندما يكبر أحد الأبناء ويستقل في غرفة خاصة لوحده أن الاستهلاك يزيد نتيجة لذلك.. إننا ننسى عندما نقوم بتغيير جهاز التكييف الشباك إلى وحدة مركزية بسعة أكبر أن هذه الوحدة تستهلك أكثر.. إننا ننسى أن الكهرباء نعمة سواء في إنارة المكان أو تكييفه وأنها تستحق كل قرش في فاتورة الكهرباء.. إننا ننسى أشياء كثيرة.. ولكننا لا ننسى أبداً قيمة الفاتورة عند تسديدها.. مظلومة شركة الكهرباء عندما يدعي البعض بأن حساباتها غير دقيقة أو أنها تأكل ولا تشبع!!!