تأمل معي عبارة فريدريك نيتشه (إن الأقدار تختار التوقيت للأبطال) وعبارته الأخرى (إن بؤس أمة بكاملها ليس بالأمر الجلل، إذا ما قيس ببؤس رجل عظيم واحد). لقد جاء فريدريك نيتشه إلى العالم ليتصادم معه محدثاً دوياً هائلاً لا يزال يتردد صداه إلى الآن. ومن المعروف أن نيتشه من بين الفلاسفة الأكثر شيوعاً وتداولاً بين القراء. كثيراً ما تفهم أعماله خطأ على أنها حامل أساسي لأفكار الرومانسية الفلسفية والعدمية ومعاداة السامية وحتى النازية لكنه يرفض هذه المقولات بشدة ويقول إنه ضد هذه الاتجاهات كلها. وفي مجال الفلسفة والأدب، يعد نيتشه في أغلب الأحيان إلهاماً للمدارس الوجودية وما بعد الحداثة. روج لأفكار توهم كثيرون أنها مع التيار اللاعقلاني والعدمية، استخدمت بعض آرائه فيما بعد من قبل أيديولوجيي الفاشية. وقد رفض نيتشه الافلاطونيه والمسيحية الميتافيزيقية بشكل عام، ودعا إلى تبني قيم جديدة بعيداً عن الكانتيه والهيغيليه والفكر الديني والنهلستيه. سعى نيتشه إلى تبيان أخطار القيم السائدة عبر الكشف عن آليات عملها عبر التاريخ كالأخلاق السائدة والضمير. ونحن في حضرة نيتشه لا ننسى تلميذته لو سالوميه فقد كانت تناقشه في فلسفته وكان هو يعلمها أسرار فلسفته. لقد كان نيتشه يعتبر نفسه وحيداً منذ طفولته المبكرة، ففي أواخر الثمانينات من القرن التاسع عشر بدأ يكتب رسائله نحو اوفريك يصف فيها جنونه ووحدته. قد تكون عبقرياً في هذه الحياة الدنيا ثم لا تكون بعد ذلك سعيداً، هكذا علمنا نيتشه. ** **