تتفاجأ التجمعات الحضرية والحضارات الإنسانية بالكوارث بدون سابق إنذار على الأغلب وتمثِّل الكوارث والأزمات اليوم معضلة بشرية ومادية لجميع المجتمعات والحكومات وذلك بغض النظر عن مستوى هذه الكارثة دولية أو قارية أو الإقليمية أو الوطنية وتنوَّعت تصنيفاتها الاقتصادية السياسية العسكرية أو الطبيعية ومنها الوبائية، حيث عانت هذه المجتمعات ولا تزال تعاني بدرجات متفاوتة من أضرار هذه الكوارث وأصبحت واقعاً حتمياً يواجه الدول والمنظمات وعلى مختلف المستويات. وهنا أتساءل هل نحن جاهزون لو ألمت بنا -لا سمح الله- كارثة على مستوى الوطن هل نستطيع إدارتها والتصدي لها ومواجهتها أو على أقل تقدير الحد من آثارها وتحجيم خطرها - بإرادة الله وتوفيقه- قد يجيبني أحدهم بقوله هذا يعتمد على حجم الكارثة وقوتها نعلم يقيناً أن هناك من الكوارث ما هو فوق قدرات الإنسان ولكنا أمرنا بالأخذ بالأسباب «اعقلها وتوكل». فمن كارثة كورونا تعلّمنا أن الكوارث أو الجوائح التي تؤثّر على العالم أو أجزاء كبيرة منه تكون أغلب خطوات إداراتها أممية لتتناغم جميع الدول في إجراءاتها وأما الكوارث الوطنية فتعتمد على قدرة الدولة على التصدي لها وإدارتها وتعتبر الإجراءات الاستباقية من أهم عناصر الاستعداد، حيث تشير الدراسات إلى أن الاستثمار في تدابير الوقاية من مخاطر الكوارث أقل كلفة عدة مرات من تدابير الإغاثة في حالات الطوارئ وإعادة البناء بعد الكوارث الطبيعية. فهل اكتملت دراسة المخاطر المحتمل حدوثها، فالمملكة قارة مترامية الأطراف تتنوَّع فيها التضاريس من سهول ساحلية ومرتفعات جبلية صحاري رملية وهضاب ومعرضة للزلازل لكونها تقع ضمن ما يُسمى بالصفيحة العربية، والتصدعات والانزلاقات الأرضية والسيول وغيرها من فعل الإنسان أو يتسبب فيها ليتم على ضوئها بدء المشاريع والمبادرات التي من شأنها رفع مستوى الجاهزية لمقاومة والتصدي لتلك الكوارث المحتملة لمنع حدوثها أو تحجيم أضرارها وتقليص خسائرها. ومن المعلوم استحالة قدرة أي جهاز أو وزارة في أي دولة القيام بهذه المهمة منفردة فلا بد أن تتكاتف كل الجهات المعنية وتوحّد صفوفها وتنسق مع الجميع على أعلى مستوى وبكل التفاصيل ويمكن أن تكون الكارثة أكبر من قدرات وإمكانيات تلك المدينة مما يستدعي طلب العون والتدخل على مستوى المنطقة، وقد تتحوَّل إلى المستوى الوطني إذا خرجت الكارثة عن قدرة المنطقة وفي النهاية قد تضطر الدول لطلب المساعدة والإغاثة من المجتمع الدولي سواء على المستوى الحكومي أو مؤسسات المجتمع المدني الدولية والأمثلة على هذه الحالة كثيرة. وباسترجاع خطط الدفاع المدني المسؤول عن هذا الملف سابقاً وتجاربها الافتراضية كانت مبنية على مساهمة الوزارات والأمانات والإدارات ومقاوليها والشركات العاملة في المملكة بما لديها من معدات وأغفلت أن جل مشغلي تلك المعدات إن لم يكن كلهم من إخواننا الوافدين. فكلما اشتدت وطأة الكارثة غادر معظمهم إن لم يكن كلهم فمن سيشغل المعدات الثقيلة في عمليات الإنقاذ وإعادة فتح الطرق ورفع الأنقاض أو إعادة التيار الكهربائي وإصلاح شبكات المياه وإدارة دفة عمليات نظافة المدن وكيفية توفير الاحتياجات اليومية للسكان من غذاء ودواء وغيرها كثير. وأجيب على تساؤلي بكل ثقة: نعم، نحن قادرون وحيث إن أغلب كوارث المستقبل تتطلب مواجهتها والحد من آثارها وتقليص أضرارها وتحجيم خسائرها للعقول بجانب الجهود لتعمل كجناحين قويين للتحليق بالنجاح في سماء الوطن وذلك بخطوات منها. -المضي قدماً في رؤية المملكة 2030 وتسريع وتيرة الإنجاز فيها، فهي تعنى بالجناحين العقول والسواعد من خلال تعظيم الفائدة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية بصفة عامة وإعداد الكوادر السعودي المتسلحة بالخبرات المعرفية والدرجات العلمية والمهارات وفنون القيادة والإدارة وأجيال من الأطباء والمهندسين والفنيين لإكمال مسيرة مَن قبلهم. - تدريب وتعليم الكوادر وأعتقد أنه لا وجود لهذا التخصص في جامعاتنا على من الرغم من وجوده في أعرق الجامعات العالمية إلا أنه وحسب علمي يوجد برنامج بهذا التخصص في جامعة الملك عبدالعزيز على مستوى الماجستير التنفيذي ونحتاج للمزيد. - سعودة العديد من المهن لدى الشركات الكبرى من مقاولي تنفيذ مشاريع الدولة ومشاريع نظافة المدن بالنص بذلك في شروط ومواصفات العقود والمنافسات مثل سائقي الآليات والمعدات الثقيلة فوراً، فهي لا تحتاج لمؤهلات علمية أكثر من الخبرة والمتوفرة بين الشباب السعودي. أما مدراء المشاريع ومدراء الجودة ومدراء العمليات خصوصاً في المشاريع طويلة الأمد بابتعاث عدد من الشباب السعودي المؤهل للتخصص في أرقى الجامعات أو التدريب في أعرق الشركات والمعاهد المتخصصة، فهذا الاستثمار الحقيقي ومما يحقق رؤية المملكة 2030 . نعم، نحن قادرون. ** ** - مستشار وخبير إدارة أزمات وكوارث drqahtani1@ [email protected]