الموتُ حقٌ، وفقدُ الأحباب سنةٌ كونيّةٌ مؤلمة، وقد تألمت كثيراً عندما تلقيتُ نبأ وفاة زميل عمل، وصديق عمر عزيز على نفسي، وهو المهندس أحمد الجحدلي -رحمه الله-. عَرِفت المهندس أحمد أول التحاقنا بالعمل في وزارة النقل، واستمرت مسيرتنا في الوزارة ما يقارب تسعة وعشرين عاماً، اشتركنا خلالها معاً في برنامج التدريب الذي يُعدُّ البداية لأي مهندس يلتحق بالوزارة، ثم سارت بِنَا الأعمال وتدرجت المسؤوليات، وكان في كل الأوقات نعم الأخ، والزميل، والصديق. عملنا سوياً في الإشراف على تنفيذ وصيانة الطرق، ثم في مواقع إدارية مختلفة بدأها مساعداً لمدير عام الدراسات والتصميم، ثم مديراً عاماً للإدارة، وبالتالي فقد شارك في الإشراف على تصميم شبكة الطرق المتطورة التي نُفذت في وقت قياسي، وكان العمل يتم تحت إشراف وتوجيه معالي الدكتور ناصر السلوم الذي فتح قلبه لشباب الوزارة معلماً وموجهاً، وقائداً لمسيرة تصميم وتنفيذ وصيانة الطرق في مرحلة من أهم مراحل التنمية في المملكة. شاركت مع الأخ المهندس أحمد في لجان متعددة، سافرنا كثيراَ داخل المملكة، وعشنا فترات خارجها لحضور برامج تدريبية نظرية، وعملية، أو المشاركة في ندوات ومؤتمرات متخصصة، وكان نعم الإنسان الحريص على تطوير مهاراته، وزيادة معلوماته ونعم المسؤول المخلص لمهنته، والأمين على مسؤوليته. كان -رحمه الله- نظيفَ المسلك، مستقيم َالسلوك، راقياً في تعامله مع زملائه ومع مرتادي الوزارة، مأمونَ الجانب، لا يغشّ ولا يخدع ولا يكذب، لذلك ترك ذكرى طيبة لدى كل من عرفه، أو تعامل معه، ورحل إلى ربه بعد معاناة مع المرض مؤمناً صادق الإيمان، سليم العقيدة، صابرًا محتسباً. رحم الله الأخ المهندس (أحمد بن عبدالمعين الجحدلي) رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، وبارك الله في ذريته التي حرص على تربيتهم وتعليمهم، وكانت سعادته كبيرة وفرحته غامرة وهو يرى نجاحهم في مسيرتهم العلمية والعملية. ** **