لأنه محمد بن سلمان، فلقد كان مختلفاً.. في نظرته وأسلوب إدارته.. وفي انشغاله باتجاه المستقبل وفي رسم صورة الفرح في قلوب الناس. ولأن المملكة العربية السعودية كانت نشأته وعشقه، ومواطنها كان هاجسه، همه ظل هذا الأمل الكبير مثار جدل كبير حول ازدواجية الهوية وازدواجية التحولات الفكرية التي عاشها وتلظّى بجمرها، وعاش متفحصاً عهد جدّه المؤسس -طيب الله ثراه- وعهود أعمامه في سنوات ملكهم راحلاً فيها بصبابة العشاق ونجابة الأشواق ونبل المفعمين حباً بالجمال الراغبين شوقاً إلى الكمال في هذا القرن الذي فيه معادلة أن الوطن الذي لا يكشف عن نفسه ويستغل إمكاناته التي يتميز بها لا يعرف الراحة والأمان والطمأنينة والحاضر والمستقبل، ومن لا يعرف ذلك كله يعيش هو ومواطنوه تعساء أبد الدهر. والذي أسّه البحث عن مخرج لهذا الوطن والتخلص من مشاكله ومآزقه المتوقعة؛ في ظل تراجع النفط الملحوظ ليس من جهة أسعاره فحسب، بل من جهة أهميته التي يحظى بها منذ عقود على المستوى السياسي والاقتصادي. وكان أساسه هذا التوق نحو تحريك المياه الراكدة في الاقتصاد السعودي وشحذ الهمم للعمل على تنويع مصادر الدخل وعدم الاستمرار بالاعتماد على النفط، وجعل هاجس التقدم هو ما ينبغي أن يسود وأن يستمر. لقد سارات الأعوام الثلاثة على تولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ولاية العهد، الذي كان ولا يزال أحد الأسماء القيادية المؤثرة التي انحازت إلى إبداعها وتفاعلت مع مواقفها واتحدت مع تجلياتها المختلفة في النظر إلى الأشياء والنظر إلى الواقع. وهذا الاستبصار في حاضر ومستقبل هذا الواقع. ولعل القيمة الأولى والمثلى لسمو الأمير محمد بن سلمان هي في كونه حافظ على إيجاد حالة توازن ما بين مقومات الماضي ومقومات الحاضر.. وفي الموقف الذي يعلو في كثير من الأحيان على الأحداث الجسام والمستجدات الأليمة، لأنه يعتقد أن الوطن الاستثنائي لا يركع للخوف ولا يميل لليأس، بل تتفتح ورود الملكات الكامنة، وتنهض القدرات، لكي تظهر ما عندها من طاقات فائقة تثير إعجاب العالم وتبهجه وتخبره بأن هناك على بساط المعمورة أناساً يستوحون من التحديات والأخطار ويقظتهم بالمواجهة والرصانة والصراحة والإخلاص والعمل على مجابهة ما يحدث من أخطار بالإرادة القوية والعزيمة الأكثر صلابة. أمنياته الأولى صرخات رغبة وبحث عن ما ينقذ في الشرق الأوسط من بقايا تطور محطم. وأزعم أن الصرخة بلغت ذروتها في إحدى جلسات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار عندما قال: «ولا أريد أن أفارق الحياة قبل أن أرى الشرق الأوسط في مقدمة مصاف دول العالم». وفي مرحلة تالية يبدو أن تاريخ التحولات الشقية هو الذي جذبه، فها قد رأينا وطننا ساطعاً في الإصلاح والاستثمار في المشاريع الكبيرة. لنا في المملكة العربية السعودية علاقة أنيقة مع سمو الأمير محمد بن سلمان. لكننا في كل الأحوال لا نملك إلا أن نسعد بتلك النسبة التي تؤكدها أفعال له أعاد من خلالها قراءة واقع وطنه برؤية عميقة وخيال فريد من خلال ما شهدناه معه في السنوات الثلاث الفائتة من تطورات ونقلات نوعية، أعادت رسم خريطة التأثير في العالم، بفضل الله، ثم بفضل التطورات والمبادرات التي أطلقها سمو الأمير محمد بن سلمان وبعزمٍ لا يلين لتشمل مختلف المجالات، ما جعل المملكة محط أنظار العالم أجمع، وفتحت آفاقاً رحبة للمملكة في علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية، وأكدت ريادة المملكة في تحقيق التطور والتنمية الشاملة والمتوازنة. تحل السنوية الثالثة لتولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود منصب ولي عهد المملكة، ويظل صدى صوته لشعبه في رمزية جبل طويق تحريضاً للهمم، وتكريساً للطموح، وترسيخاً بالرغبة في التقدم والنمو. قال «نحن أقوى، وطموحنا عنان السماء»، الأمر الذي يستدعي من كل فرد في هذا الوطن أن يكون في حالة تواصل مع آمال سمو الأمير العريضة التي ستجعلنا في وضعية المنافسة من أجل الحصول على الأجمل والأكمل، لأجل سعودية مضاءة بمصابيح الطموحات الزاهية، لأجل سعودية تذهب إلى العالم بوجه منتشر بمنجزات تبهر، ومشروعات تزهر، ومكتسبات يعتز بها كل محب وكل مخلص.