نعيش عصراً تاريخياً مملوءاً بالتطورات العلمية والتقنية والاجتماعية وتتميّز بتداخلات وثيقة وتفاعلات قوية فيما بينها وعلى مستويات مختلفة، وهكذا أصبحت التقنيات التي ينتجها العلم تلعب دورًا كبيرًا في تطور المجتمعات وحركة المصالح الاقتصادية الرأسمالية ومصالح الدول ودورها الفعَّال في هذه المنظومة. فالتقنية اليوم هي الحل الوحيد لإدارة الأعمال وعقد المؤتمرات واللقاءات الافتراضية التي تناقش سبل المضي قدماً في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة كورونا والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي، حيث شارك أعضاء مجموعة العشرين من قادة الدول، وضمت العديد أيضاً من المنظمات العالمية. لقد تحولت التقنية إلى قوة مسيطرة جعلت حياة الإنسان أكثر وعيًا، ومعرفة أثبتت جدارتها نظّمت العلاقة بين العمل والتفكير، بكل مستوياته ونتائجه وطورت آلية مصالح المجتمع والدولة، ونجح الإنسان في تحويل المادة إلى طاقة بكل خصائصها ووحَّد حضارات أخرى في الكون وتمكَّن من قراءة الشفرة الوراثية، وعزَّز التواصل معها وانتصر على كثير من الأمراض والأوبئة وصحح كثيراً من اختلالات الأرض، وحوَّل العالم إلى معادلة رياضية وقلبت بنية التعليم البشري. وهكذا، أصبح العالم يتفادى الإخفاق والخلل وينفذ التجارب ويسرِّع من وتيرة الاتفاقات ويقود إلى البناء التنسيقي للمتغيرات ويجعل منها قاعدة عامة، ففي قلب أزمة كورونا المستجد نجحت الدول في اللقاءات الافتراضية لكي تستمر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فكانت مجموعة الأعمال التابعة لمجموعة العشرين ترأسها السعودية في أعمالها لعام 2020، جسَّد ذلك ما يقوم به وزراء المالية والبنوك المركزية المقرّر اجتماعهم الافتراضي، إلى ضرورة اتخاذ إجراء عالمي للتخفيف من تداعيات أزمة فيروس «كورونا». من خلال إجراءات سياسية قصيرة المدى تمنع تحوّل الأزمة من صحية إلى اقتصادية ومالية مزمنة بما يساعد على تجنب التأثير السلبي الأكبر على الاقتصاد العالمي، حيث أن الأهمية العلمية تتجلى فيها التقنية ومكوناتها وكيف أصبحت منظومة التعليم الموحَّد وتحديات التعلّم عن بعد في ظل العزل الصحي والأعمال واللقاءات الإدارية لا يعطّلها شيء في هذا العصر، ومبدأ تشكيل الحياة اليومية عن بعد، ولم يقتصر التقدّم التقني على الدول الغنية فقط، بل أصبح الإنسان جزءاً لا يتجزأ من نظامها. كل ما يمكن الإنسان قوله عن التقنية في السنوات الأخيرة سوى أنها حقاً نظرية التطور في الأوساط العلمية من جامعات ومراكز البحث والمجلات الأكاديمية وأبحاث علمية في مجالات تتعلق بالذكاء الصناعي لتحقيق طموحات البشر وأحلامهم وتعاظم دورها بحياتهم مثل تطوير وتسريع الأبحاث الطبية، والاكتشافات العلمية، فهل ستقودنا التقنية لمستقبل أكثر أمانًا، أم سيكون لها سلبيات تفقد على إثرها الناس وظائفها وفرصها السانحة، وتستعد للتحكم الذكي في التعليم ومكونات النسق الإيكولوجي وإلى أي حد سيصل الذكاء الاصطناعي وهل سيعوض الذكاء الإنساني بصفة نهائية؟