ما كتبه «الآخر» عن الحضارة العربية، مكانا، وإنسانا، وفكرا.. بلغته ورؤيته، وما يمكن أن تشكله تلك الأدبيات في مجملها من خطابات «مضادة» داخل البنية الثقافية لدى الآخر.. فرض تساؤلا نقديا، وجهته «المجلة الثقافية» إلى أستاذ النظرية في جامعة الملك سعود، الناقد الدكتور معجب العدواني، الذي استهل حديثه عن تلك الأدبيات، قائلاً: هذا تساؤل على درجة من الأهمية، لذا فقد كنا لدينا ملتقى كان سيعقد في الخامس عشر من شعبان الجاري، بعنوان: «المنجز الأدبي واللغوي في الثقافات الأخرى»، الذي اضطررنا إلى إلغائه للظرف الراهن، ومن هنا هناك مسألة لا بد من أخذها بعين الاعتبار، فما كتب عن الحضارة لعربية وآدابها والمجتمعات العربية، بدء لا يمكن تصنيفه في حزمة واحدة، أو مصفوفة واحدة، فهناك على سبيل المثال الكتابات الأكاديمية، وأخرى إعلامية، وغيرها مما كتب في الثقافات الأخرى. وأضاف دكتور العدواني في هذا السياق: لذا نجد لما كتب في حقل الكتابات الأكاديمية، أو الحقول الإعلامية، تشعبات كثيرة جداً، فعندما أتحدث مثلا عن الدراسات الأكاديمية التي كتبت بلغات أخرى عن الثقافة العربية، أجد أنها تمتد إلى أكثر (200) عام، وهذا مما أطلعت عليه من دراسات كإحدى الدراسات التي وجدتها لباحثين أحدهما باحث دكتوراه في جامعة أكسفورد والآخر أستاذ في مانشستر، لعام 1904، عن مخطوطة عن الشطرنج، التي قمت بتحقيقها وإصدارها عام 2012م، ومن هنا سنجد أن الدراسات الأكاديمية متباينة المستوى ومختلفة الرؤى بين محب وكاره ومعتدل في رؤيته إلى الثقافة العربية، بوصفها ثقافة منافسة. أما عن قيمة تلك الدراسات التي الفها الآخر، فقال د. العدواني: بالتأكيد أنها ذات قيمة كبيرة، والأمثلة على ذلك كثيرة في الثقافات الأخرى، التي نذكر منها على سبيل المثال «موسوعة الإسلام»، التي بدأت في الصدور منذ ما يقارب السبعة عقود، لتظل أحد أضخم الأعمال التي ما تزال متنامية الصدور، ما جعل هناك اشتغالات بحثية وأكاديمية عن الحضارة العربية، ذات قيمة علمية في مجالها، وأهمية كبيرة في موضوعها، وهذا في حقيقة الأمر يكشف للمتابعين ما تعنيه الحضارة العربية ولغتها من خصائص قادرة على إغراء الباحثين والدارسين من أبناء الثقافات الأخرى، لذا فالحضارة العربية ثرية جدا بمختلف مكوناتها، ومحفزة للبحث لدى الآخر لما تتسم به من عمق وتنوع وصراعات وتيارات دينية وفكرية وثقافية وأدبية، إلى جانب ما تشكله الأبعاد الاقتصادية من روافد لحضور الثقافة العربية من جانب، ولفت أنظار الباحثين والدارسين إليها. وعن واقع الظاهرة في الثقافات الأخرى، قال دكتور معجب: عندما أتحدث عن هذه الظاهرة فيما يخص الدراسات الأكاديمية، فهي في تنام مستمر، إلى جانب تزايد الأقسام التي تعنى بدراسة الثقافة العربية، في الجامعات حول العالم، إلى جانب ما لفت نظري من تزايد أعداد الدوريات العلمية المهتمة بدراسات اللغة العربية، الذي يتجاوز في رأيي عدد الدوريات العربية المعنية بدراسات اللغة العربية في العالم العربي، مختتما دكتور العدواني حديثه بقوله: هذه قضية على درجة من الأهمية وذات أبعاد شتى، إضافة إلى ما قمت في هذا السياق من دراسته عن روايات أجنبية كتبت باللغة الأخرى عن المجتمع العربي، لكني أخلص إلى إجمال القول في أن دراسة ثقافة لثقافات أخرى، مما يزيد من قوة الثقافة ويمكنها من الحضور الفاعل بين ثقافات الأمم الأخرى.