صدر عن النادي الأدبي بالرياض، العدد الثامن من دورية حقول، والتي تنشر دراسات ومقالات في كل ما يتعلق بالأدب والثقافة والفنون، ولكنها تعنى بما يتعلق من ذلك بالجزيرة العربية. ويعتبر هذا العدد هو العدد الثاني الذي يصدر باللغتين العربية والإنجليزية لمواد مختلفة ولكنها متكاملة في المواضيع والاهتمامات. وقد شارك في هذا العدد باحثون وباحثات من السعودية والعالم العربي واستضاف العدد أديبات عالميات. ففي الجانب العربي يكتب الدكتور حفناوي بعلي عن الأنثروبولوجيا وعلاقتها بالثقافة. ويرى الباحث أن الأنثروبولوجيا تبحث في نظام الأشياء بين الجوانب الجمالية والأنثروبولوجية. إذ يرى الباحث أن قيمة الأنثروبولوجيا تكمن في قدرتها على استحداث نماذج جديدة تسمح بمقاربة أوضاع خصوصية ومحددة. وفي موضوع آخر، سلط الباحث ثائر ديب الضوء على مسألة الاهتمام بالترجمة في العالم العربي وذلك بعرضه لنتاج ترجمة العلوم منذ عصر محمد علي إلى لحظتنا الراهنة. ويشدد الباحث على مسألة وزن الترجمة قياساً بالإنتاج والإبداع في أي مجتمع. ويرى بضرورة ازدهار حركة ترجمة العلوم وتحولها إلى منطلق يشجع على المساهمة في إنتاج العلم وليس الاقتصار على نقله. وفي نفس الباب يطعالنا الدكتور معجب العدواني بقراءة تاويلية للمثل العربي "سبق السيف العذل" والغوص في أصالة حكايته وتجذرها في الموروث السردي. وفي باب الترجمات كتب الباحث مصعب باجابر عن الأدب اليوتوبي (أو الطوباوي) الذي اتفق على تعريفه بأنه ذلك العمل الأدبي أو الفكري الذي يناقش فكرة المجتمع المثالي المبالغ في مثاليته. وبعد التقديم لهذا الأدب ومناقشة تنوعه الفكري، يترجم الباحث قصة بعنوان "الذين يغادرون اوملاس" للكاتبة ارسالا لي غوين التي تعتبر من أشهر من كتبوا عن التوتوبيا والخيال العلمي في القرن العشرين. وبحسب الباحث فان لي غوين تعيد صياغة فكرة التضحية في هذه القصة. وفي باب المراجعات يقدم الدكتور ميجان الرويلي قراءة لكتاب الظل لفاطمة الوهيبي في تتبع دقيق لمسار الظل وأشباحه. وكتب الباحث عبدالحق الزموري عن كتاب محمد المنصوري "في الحجاب والزنار" الصادر باللغة الفرنسية والذي يبحث في رمزية اللباس في الحضارة الإسلامية باعتباره الحد الفاصل بين المذاهب الدينية والجماعات، بين الرجل والمرأة، أو حتى بين الأشخاص المكونين لجماعة واحدة. وفي موضوع آخر يعرض إبراهيم عزيزي لكتاب الدكتور ناجي عويجان عن تطور صورة الشرق في الأدب الإنجليزي منذ القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر. ويميز هذا الكتاب إحالاته الكثيرة إلى كُتَّاب ومستشرقين إنجليز وفرنسيين ساهموا في رسم تلك الصورة المغلوطة عن الشرق في بداية الأمر وآخرون تصدوا لتلك الصورة لاحقاً وأثروا في فهم القارئ الغربي للشرق. كما يعرض الدكتور صابر الحباشة لكتاب إبراهيم غلوم عن القصة القصيرة في الخليج العربي الذي تتبع فيه نماذج إرشادية اعتمدت النقد الثقافي والفني منهجاً معتمدة أيضاً على نصوص القصة القصيرة الخليجية. وفي الجانب العربي أيضاً من هذا العدد، نطالع أبواب ثابتة مثل عرض لبعض الأطروحات المتميزة ذات العلاقة بثقافة وأدب الجزيرة العربية، وكذا تقارير عن مؤتمرات عربية ودولية مهمة. أما الجانب الإنجليزي فقد ركز على سؤال الهوية الثقافية والعرقية. فيدرس الدكتور سعد البازعي صورة فلسطين في الأدب السعودي المعاصر. وتنوعت النصوص التي تناولها البازعي في هذه الدراسة من رواية وشعر مثل رواية أميمة الخميس (البحريات) وقصائد لكل من الحربي والدميني تناولت نفس القضية. وفي ما يتعلق بتناول تلك القضية في الشعر فقد برزت فوزية أبو خالد كأهم استثناء للقاعدة التي تسيد فيها الذكور كتابة الشعر ولذا فقد أولاها البازعي اهتماماً في المناقشة. وفي باب الدراسات أيضاً يبحث إبراهيم عزيزي في إشكالات الهوية الثقافية العرقية لكُتَّاب أمريكيين من أصول عربية متخذاً من ديانا أبو جابر وروايتها موسيقى الجاز العربية أنموذجاً. وفي موضوع آخر كتبت الباحثة رانيا بن دهيش عن اليهود العرب وعن هذه التسمية التي ترى الباحثة أنها واحدة من عدة تصنيفات لتلك الجماعة المختلفة والتي وصل الحال بها في بعض الأحيان إلى تجريدها من هويتها العربية. وفي دراسة أخرى تكتب الباحثة لمى الحربي عن حضور الشرق في بعض أعمال ماثيو ارنولد والتي يحاول من خلالها ردم الفجوة بين الشرق والغرب. وفي باب المقابلات تنشر حقول لقاءات مع عدد من الكاتبات الغربيات أمثال ديانا أبو جابر ونتالي حنظل واليسون كيندي فتحدثن عن تجاربهن الإبداعية وسؤال الهوية الحاضر في أعمالهن. وقد اشتمل هذا الجانب الإنجليزي، بخلاف العربي، على أعمال إبداعية مترجمة في مجال القصة القصيرة والرواية. فقد ترجم الدكتور محمد القويزاني قصة الصبي الذي رأى النوم لعدي الحربش ونشرت حقول ترجمة طارق الحيدر لفصلين من روايته الأولى حلة العبيد. وبذلك فقد اعطت المجال للنثر بعد أن كان العدد السابق مهتماً بالشعر في محاولة للتنوع الإنتاجي للدورية. كما اشتمل العدد أيضاً على مشاركة من المصور الفوتوغرافي السعودي محمد المحارب. يذكر أن حقول دورية يرأس تحريرها الأستاذ الدكتور سعد البازعي وتضم كلا من الدكتور عبدالله المعيقل والدكتور محمد القويزاني في هيئة تحريرها.