تناقلت وسائل التواصل تسجيلات مرئية لمسيرة معتمرين أتراك يرددون بلغتهم شعارات منها: «بالروح والدم نفديك يا قدس». وتبارى المغردون المواطنون لانتقاد هذا الفعل وتأكيد أنه تسييس للدعاء وتعد على حرمة المكان، وتكهنوا بأنه تحرك بتخطيط النظام في أنقرة وخطوة جديدة في مهاجمة المملكة وتسويق فكرة تدويل الحرمين. ويجدر بنا التذكير أن أنقرة هي نفسها المدينة التي قبض فيها على المتظاهرين أمام السفارة الإسرائيلية في تركيا ضد إجراءات إسرائيل لضم القدس وتثبيت المستوطنات. لن أدخل في قراءة النوايا ومن وراء هذا الفعل سواء كان اجتهاداً عفوياً صادقاً أو التزاماً بتعليمات عدوانية الأهداف. ويبقى أنه في الموقع الخطأ. لا شك أن إدارة الحشود ليست أمراً سهلاً. وإذا وصل العدد إلى الملايين فإنّ إدارتها بكفاءة يغدو إنجازاً يستحق أن يُشار إليه ويُشاد به. وهذا ما حدث ويحدث. وفي الغالب نسمع إشادات وشكر بما يوفر من خدمات وحماية للحجاج والمعتمرين وغيرهم من الزائرين القادمين لشتى المناسبات التي استجدت وتعددت مؤخراً مع برنامج التحول, وكانت أغلب شكاوى الحجاج حتى عهد قريب تعبر عن خيبة توقّعاتهم من مقدّمي خدمات حملات الحج في بلدانهم الأصلية. أما بالنسبة لنا فالقضية تأخذ منحى آخر. ليس حماية الزائرين فقط، بل حماية البلد من النتائج الجانبية لتدفُّق الملايين عليها. وفي العمرة والحج عدا احتمالات قيام البعض بالتأجيج السياسي المقصود, أو انتشار الأوبئة والأمراض المعدية غير المقصود, هناك مشكلة أخرى استثنائية هي إغواء التسلّل تحت تأشيرة الزيارة! في كل الأحوال وحدوث المخالفات نجد أنّ يداً واحدة فعلاً لا تصفق! لا تتمكّن السلطات الرسمية من تنفيذ إجراءات الدخول والخروج وحماية أمن الوطن والمواطنين والزائرين القادمين بمئات الجنسيات واللغات والخلفيات إلاّ بتعاون الزائرين والمواطنين معها. إنّ تميّزنا في إدارة الحشود رسمياً وحماية الزائرين والمواطنين والوطن تمحوه المخالفات بغض النظر عن دوافعها. فلنتذكّر كمواطنين أنّ مصلحتنا الشخصية في النهاية لا يضمنها فعلاً إلاّ التعاون والالتزام بالقانون. حماية الحشود مسؤولية الجهات الرسمية المختصة. وحماية المجتمع مسؤوليتنا. وحماية المجتمع تضمن حمايتنا كأفراد. وما فعله الأتراك - إن كان صحيحاً - يجب أن يواجه بقوة، كما فعلت المملكة مع إيران من قبل، فسيادة المملكة من غير المسموح أن تمس تحت أي ذريعة.