في الوقت الذي تتبنى فيه وزارة الثقافة حراكًا ثقافيًا وأدبيًا ينعش المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية، ويتناول (المكون الثقافي) بكل ما يحمله من إرث ومعنى ومواد ومعطيات، من خلال تداول جميع الرؤى التي يتبناها فئات مختلفة من رواد ونقاد ومثقفين وأدباء، على مختلف المستويات، ظهر في جسد الثقافة فايروس خامل، أثاره ذلك الحراك، إذ بدأ ينشط في الوسط الثقافي ما يُسمى بالطبقية الثقافية، وبانت أعراضه على عددٍ محدود من المثقفين. شيء ما في أعماق هؤلاء –أعني المصابين بالفايروس- يجعلهم يرفضون هذا الحراك، وهذه النقلة النوعية في الاهتمام بثقافتنا، وطريقة عرضها ومناقشتها وتقديمها للعالم. شيء ما في أعماقهم يجعلهم يرغبون في ركود مياهها، واستمرار الفجوة الواسعة بين الأجيال، لأن ذلك –بزعمهم- هو ما يعينهم في الحفاظ على ملكياتهم الثقافية، واستمرارية سيادتهم التنظيرية والتصورية، وعلوهم الطبقي الذي يرضي غرورهم ويحمي ريادتهم المزعومة، وكأننا بصدد التعامل مع ثقافة إقطاعية! مع كل فعالية، ندوة، محاضرة، برنامج، عرض مسرحي، لابد أن يظهر ذلك الصوت الانتقادي، ذلك الصوت الذي ما يلبث حتى تتكشف سذاجة أفكاره، ورغبته (الهادمة) البعيدة كل البعد عن أدوات النقد البناء. إنه ذلك النقد الذي يكشف بوضوح أن صاحبه لا ينظر إلى المعنى ولا يأبه به، بل للشكل العام فحسب، ذلك النقد الذي يريد صاحبه أن يقول «أنا فقط المثقف الوحيد في هذا البلد». إن الثقافة ليست حكرًا لأحد، كما هو الأدب، وكما هي الحياة أيضًا. وإن تناولها بهذا التنوع الفكري والعُمري، كما تفعل وزارة الثقافة، يُسهم في تغذية المنتج الثقافي السعودي، وتعميق الأفكار المطروحة، وتلاقح الرؤى بين جيلي الرواد والشباب، مما يسهل عملية تصدير ثقافتنا للخارج. ** ** - عادل الدوسري