قبل أعوام كتبت مقالاً عن الرحالة الشهير خميس بن رمثان العجمي (ت 1959م) - رحمه الله - الذي يعتبر من أهم الرحالة والمستكشفين المتأخرين في الجزيرة العربية. لم يعرف منا الكثير عن مهمة ابن رمثان في حكاية التنقيب، وكثير منا يعتقد أنه مجرد (دليل)، أو مرافق، أو قاص أثر.. وهذا ما نسج عنه العديد من الحكايات والأساطير، وهو فعلياً لا يقل أهمية عن أفراد البعثة الجيولوجية الأمريكية في عملية اكتشاف أول بئر نفطية. رغم أن موضوع البحث والتنقيب عن النفط في المنطقة ربما يعود إلى أوائل العشرينيات الميلادية من القرن العشرين، إن لم يكن قبل، حسبما ورد في التقرير الذي أعده مجلس إدارة الشركة الشرقية والعامة في تاريخ 31 أغسطس 1921م عن وضعها المالي وموازنتها. وقد جاء في هذا التقرير أن الشركة أُسست بهدف الحصول على امتيازات للتنقيب عن النفط في الجزيرة العربية، وأن (فرانك هولمز) ممثل الشركة في لندن، و(كروفورد)، قد توجها إلى الجزيرة العربية للنظر في مقترحات عدة في هذا الشأن، رغم أن غالب الوثائق الأمريكية والبريطانية ورد فيها العديد من النصوص التي تنص على مسألة محاولة البحث والتنقيب عن النفط في الخليج العربي وفارس. والحديث عن هذه التفاصيل ربما لا ينتهي. علمًا بأن الدور الذي قام به ابن رمثان دور كبير وفعّال، لم يقتصر على (الدلالة)، بل عكس ذلك. وحينما نعود إلى تلك الحقبة فلا بد أن نستذكر هذه الشخصية بملامحها الصحراوية التي تدل على الذكاء والفطنة التي يمتاز بها غالب أبناء الصحراء. عاش خميس مرتحلاً على ظهور الإبل في الصحراء، وانتهى به الأمر - رحمه الله - في أكبر شركة في العالم (أرامكو). كان خميس يعرف الصحراء شبراً شبراً، ويعرف أوديتها ومواردها وقبائلها، وكان رفاقه الجيولوجيون يتعجبون منه، ويعتقدون أنه مجرد رجل أميّ، لا يقرأ ولا يكتب، بل كتبه الآن التاريخ؛ لذا يستحق كل ما ناله من تكريم واحتفاء؛ إذ يبقى ابن رمثان رمزًا مختلفًا في عالم النفط. ** **