مع صدور قرار مجلس الوزراء الموقر مؤخراً بنقل نشاط التراث الوطني من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى وزارة الثقافة، فإن القطاع يتهيأ لبدء مرحلة ثالثة بملامح ومشاريع ورؤية جديدة. لقد تميز التراث الوطني بأنه يحظى باهتمام ورعاية رائد التراث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- الذي عرف باهتمامه المبكر بالتراث وعنايته به ودعمه - أيده الله- لمشاريعه، كما حظي باهتمام خاص من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد -حفظه الله- من خلال تبنيه ودعمه لمشاريع تراثية رائدة، وتوجيهه -حفظه الله- بأن يكون التراث ومشاريعه من العناصر الأساسية في رؤية 2030. بدأ قطاع التراث مرحلته الأولى من خلال وكالة الآثار والمتاحف في وزارة التعليم «وزارة المعارف آنذاك»، حيث صدر قرار مجلس الوزراء عام 1382 ه الموافق 1972م بإيجاد دائرة للآثار ترتبط بوزارة المعارف، وتميزت تلك المرحلة بكونها مرحلة التأسيس، وركزت على الآثار من خلال أساتذة الآثار الذين استفادت منهم الوزارة في تأسيس هذا النشاط. ثم انتقل التراث عام 1429ه إلى «الهيئة العليا للسياحة آنذاك»، وفي هذه المرحلة قاد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز «المحب للتراث» جهودًا كبيرة لتنظيم القطاع وتطويره حتى أصبح ناضجًا وجاهزًا للانطلاق بشكل مستقل. وعملت الهيئة على تجميع الأنشطة المتعلقة بالتراث ووضع مسار وبرنامج محدد لكل نشط «الآثار والمتاحف، التراث العمراني، الحرف اليدوية»، واستصدار نظام حديث من الدولة للآثار والتراث، وسن الأنظمة المتعلقة بحماية التراث والاستثمار فيه. ولم يقتصر دور الهيئة في تلك الفترة على الجهود التنظيمية، بل إنها تبنت منظومة من الأعمال والمشاريع في مجالات الحماية والكشوفات الأثرية، والمعارض العالمية المتخصصة في الآثار، وتأهيل المباني والمواقع التراثية وترميمها، ومنظومة المتاحف الجديدة والمطورة، وتأسيس البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية، ومركز التراث العمراني الوطني، وتسجيل 5 مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وإطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري «إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني»، وتأسيس برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي، وبرنامج إعمار المساجد التاريخية، إضافة إلى الأنشطة والبرامج التوعوية والتثقيفية، وغيرها من الإنجازات التي تبناها الأمير سلطان بن سلمان بشكل شخصي، وهي الإنجازات التي أهلت المملكة لتحظى بإشادة خاصة واستثنائية من منظمة التعاون الإسلامي في بيان قمتها لعام 2016م والذي نص على الإشادة الاستثنائية ب»التطويرات المتلاحقة والمهمة التي تمت في المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالعناية بالتراث عموماً والتراث الإسلامي على وجه الخصوص». وكان الإنجاز الأهم هو ارتفاع وعي المواطنين والمؤسسات الحكومية والمجتمعات المحلية بالتراث والمساهمة في حمايته وتنميته. وحين رأس معالي الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب مجلس إدارة الهيئة مطلع العام الماضي اهتم معاليه بدعم جهود ومشاريع الهيئة في مجال التراث، ومواصلة المشاريع المتعلقة بالمتاحف وتأهيل المواقع التراثية والأثرية. واليوم يتهيأ قطاع التراث الوطني لمرحلة جديدة مختلفة ومتميزة بتميز الجهة التي ستشرف عليها والمسئول الأول فيها صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة الذي أطلق رؤية جديدة لتطوير الأنشطة الثقافية ومنها التراث الثقافي من خلال كيانات مستقلة. وقد أكد سموه أن التراث سيكون من أولويات اهتمام الوزارة، لافتًا إلى استمرار المسيرة الوطنية في تعزيز التراث الوطني، ضمن إستراتيجية شاملة تعكس كنوز المملكة الثقافية والتراثية وتحافظ عليها، حيث حددت رؤية وتوجهات وزارة الثقافة التراث كواحد من ضمن القطاعات التي ستركز عليها جهودها وأنشطتها، بجانب المواقع الثقافية والأثرية والتراث الطبيعي. ** **