عندما يكون لديك سر جيد فمن المُحتمل أن تحافظ على هذا السر في قلبك، وجسدك وأمامك، هذا السر يمنحك الأهمية ويعطيك الرأي في الحياة. الموت تمامًا مثلما سبق، هو صديق الحياة وسرها الأول يحول أجسادنا قبل مجيئه إلى مكنون تنضح بشتى الأفكار عنه, وينفي عنها أن تكون مجرد حلقة عديمة النهاية.. هذا الأمر لا يجب أن يُسبب التوتر لأن إيجاد توتر إضافي ليس بالأمر الحكيم على الإطلاق. وبما أن الموت سر مكشوف وواضح للعيان فإنه يودي دور الشيخ الحكيم بطريقة أو بأخرى فقلما يخلو الموت من حكمة، ويندر أن يكون وراءه لا شيء أو مجرد عبث. الموت بخاصيته التي تُنهي فقط يوقف الألم أيا كان، وإن المُتفكر فيه يكتشف في لحظة صارخة من الإدراك أنه يُعيد تشكيل الأزمنة كما هو مُقرر له. إنه عالم قديم من الأخذ زائر يعود مرة واحدة في العمر ولكنه لا يحتكر حقيقة الحياة لنفسه بل يبذرها في عمق الأيام، هو معلم منذ عصور الإنسان الأول وما قبله، نزل موازياً للحياة في النشأة الأولى وفي عصر دبيب الأيام وأيضا عندما كانت جنيناً في رحم الغيب. وكل الذين كتبوا عنه بذعر خائف لن يمضوا أبدا من طريقه النهائي. نحن في حالاتنا هذه نحاول أن نحلل الموت وأن نعرف أكثر ماهيته وأن نضع على استفهاماته علامات إجابة ولو برأس قلم. نحن البشر تحتوي أنظمتنا البنائية من مكون الخوف وهذا المُكون يختلف كثرة أو قلة لكل فرد بشري، مجبولين على الخوف من الموت كفطرة أساسية، ربما يعود هذا السبب لكون الموت شأن خاص إذ إنه يمنح الفرد أحقيته بالخصوصية، مخلوق كي يُنفذ بدون أن يتذكر أو يفكر. إنه يعطي الحياة سر انتشارها ودفقتها نحو النور والأضواء وتألقُ أشواق الريف ويمنح كل شيء من نقطة البداية ويخطف كل شيء عند نقطة النهاية. ** **