الإجابة برأيي نعم وبكل شفافية، فنحن لا نملك حتى الآن - فيما أعرف- أي قوائم بتخصصات العاطلين الحاصلين على شهادات جامعية وأعلى، لأنَّ توفر هذه المعلومة سيمنح مُخططي التعليم القدرة على معرفة التخصصات التي ستزيد من أعداد العاطلين في المُستقبل، لتحويل المسار فيها إلى مسارات تتوافق مع حاجة سوق العمل، أو على أقل تقدير إبلاغ المُنخرطين فيها بأنَّهم سيحصلون على القيمة العلمية والمعرفية في التخصص، وأنَّ هناك ندرة في الفُرص الوظيفية بعد التخرج. هذا الأمر يُعيدنا للتساؤلات التي طرحناها هنا سابقاً: هل نحن ندرس لنتعلم تخصصًا ما؟ أم ندرس لنعمل في تخصص ما؟ وحينها أخبرتكم أنَّني لم أجد دراسة سعودية -حتى الآن- توضح لنا كم نسبة من يدرسون في الجامعات السعودية، أو ينخرطون في دبلومات أو دورات تخصصية بعدها، ليبحثوا عن العمل، مقابل من يبحثون عن العلم والمعرفة فقط؟ وإن كنت أعتقد بعيداً عن المثاليات أن العمل هو (الدافع الأول) للحصول على الشهادة العلمية، وفي كل الأحوال لا يجب أن تبقى الأمور على ما هي عليه في تزايد أعداد الطلاب في التخصصات التي فيها تضخم، لأنَّ هذا سيشكل ضغطاً على سوق العمل، وسيؤخر من خطط تخفيض نسبة الباحثين عن عمل، فالعملية أشبه بمن يحاول تقليل نسبة المياه في الحوض، فيما الصنبور يزيد من تسريبها، في عملية طردية مُرهقة ومكلفة لا نهاية لها. إعلان نسب وأعداد العاطلين في كل تخصص جامعي، تتضح به الصورة أكثر حول التخصصات التي تشبَّع منها سوق العمل، وما زال الآلاف بمختلف الأعمار من حاملي هذه (المؤهلات) لا يجدون فرصة عمل بسهولة، وهو ما يعني (نظرياً) أنَّ من يدرسون في المستويات النهائية في هذا التخصص هم (عاطلون محتملون) بعد أشهر، وهكذا (بقية الدفعات) وصولاً إلى أن نسبة عالية ممن سيلتحقون بهذا التخصص هذا العام هم (عاطلون محتملون) أيضاً بعد 5 سنوات، ما لم يتغير احتياج سوق العمل، وحصولهم على وظيفة مرهون بإعادة (تأهيلهم من جديد) بدورات أو دبلوم يناسب الاحتياج الفعلي لهذه الوظيفة في الحكومة أو في القطاع الخاص، الأمر الذي يتطلب تكثيف التنسيق باستمرار بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة التعليم حول إدخال مسارات نهائية على بعض التخصصات المشبعة، لتتوافق مُخرجاتها مع متطلبات سوق العمل. وأعتقد أنَّ كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بدأت في إدخال مسارات تخرج في السنة النهائية تلبي بعض احتياج سوق العمل، أشبه ما تكون بالدبلوم الإضافي المُدمج مع شهادة البكالوريوس، وهذا أحد الحلول العملية التي ينتظر أن تحدث فارقاً. وعلى دروب الخير نلتقي.