فرحة التخرج الجامعي يصعب وصفها بالنسبة للآباء والأمهات، حين يتخرج أبناؤهم - فلذات أكبادهم - حاملين شهادات العلم نحو ميادين العمل، بعد مجهود 4 سنوات من التعب والاجتهاد في دراسة تخصصاتهم، متأملين أن يحصدوا ثمار هذه الدراسة من خلال العمل في وظيفة تتناسب ومجالهم الدراسي، إلا أن هذه الفرحة يكسرها واقع سوق العمل، الذي يكشف عن حالة من عدم التوافق بين ما يدرسه الطالب والوظيفة التي يعمل بها، فالكثير من الخريجين لا تتطابق وظائفهم مع تخصصاتهم، فهي بعيدة كل البعد عما درسوه في الكليات والجامعات. وطالب خريجون بإجراء مراجعة وتقييم التخصصات الأكاديمية التي تُدرس في الجامعات؛ لتحديد التخصصات المطلوبة في سوق العمل، مقابل ذلك أكد أكاديميون أن وضع الخطط الصحيحة للبدء بعملية إعادة هيكلة التخصصات هو أولى نقاط الانطلاق؛ لمواءمة التخصصات الجامعية لحاجة سوق العمل، إلى جانب أن الجامعات السعودية بصورة عامة بدأت تتنبه بشكل كبير لهذه القضية.. «اليوم» حققت الموضوع، ورصدت آراء عدد من الخريجين والمختصين.. تخصص غير مرغوب بداية، يقول مصطفى عبدالله الأحمد خريج منذ عامين، تخصص نظم معلومات جغرافية وخرائط، إنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة توائم تخصصه الأكاديمي، سواء على مستوى الوظائف الحكومية، أو القطاع الخاص، مبينًا أنه يعمل في شركة أهلية بعيدة كل البعد عن تخصصه الذي من أجله جلس على مقاعد الجامعة لمدة 4 سنوات، حيث يعمل حاليًا على وظيفة إدخال ومعالجة البيانات بالحاسب الآلي لصالح شركة وطنية تعمل في مجال صيانة المياه، منوهًا إلى أنه اختار تخصص نظم معلومات جغرافية لعدم توافر البديل الأفضل، حيث كان هذا التخصص هو المتاح في ذلك الوقت، مضيفًا إنه حاول كثيرًا إيجاد فرصة وظيفية تناسب تخصصه لكن دون جدوى، علمًا بأن الجهات التي يتم مراجعتها بهدف الحصول على الوظيفة تؤكد أن هذا التخصص مرغوب كثيرًا لكنه غير متوافر لدى الشركات السعودية، إلا في بعض الشركات الرائدة، بحكم برامج وأجهزة النظم الجغرافية مرتفعة الثمن، وتكلف الشركات أموالًا كبيرة، فيستعاض عنها بأجهزة أقل إمكانيات تكنولوجية منها، وبهذا لا يحتاج متخصص العمل عليها، ويمكن تدريب أي موظف للقيام بهذه المهمة، وهذا يخلق عدم جودة في مخرجات العمل؛ لذا على الجامعات السعودية بصفة عامة وجامعة الملك فيصل بالأحساء على وجه الخصوص العمل على فتح أقسام تتواكب مع تطور الوظائف المستحدثة في سوق العمل، وإغلاق التخصصات غير المطلوبة في سوق العمل، مشددًا على أنه يحاول بقوة الحصول على وظيفة تناسب تخصصه أو أي وظيفة أخرى تليق بخريج حامل شهادة البكالوريوس، وختم حديثه بعدم توافر وظائف لتخصصه سواء ميدانيًا أو إداريًا. مبالغ طائلة أما عبدالعزيز عقيل البخيت، فاشتكى من عدم استفادته من دبلوم اللغة الإنجليزية الذي حصل عليه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مشيرًا إلى أنه اختار هذا التخصص للعمل في المسار التعليمي والحصول على وظيفة معلم للصفوف الابتدائية التي تتطلب الحصول على شهادة الدبلوم في ذلك الوقت حسب خطط وبرامج وزارة التعليم، مبينًا أنه يعمل حاليًا موظفًا حكوميًا على وظيفة ليس لها علاقة بتخصصه نهائيًا، حيث يعمل مراقبًا ميدانيًا، لافتًا إلى أنه دفع مبالغ طائلة لدراسة الدبلوم لكن دون جدوى أو فائدة، متأملًا من أصحاب القرار أن تكون التخصصات مطابقة لمتطلبات سوق العمل الحالي الذي يتطلب وظائف جيدة غير تقليدية. وظيفة مناسبة وبنفس الشكوى والمعاناة يشير عيسى عايش الأحمد، الذي تخرّج منذ 17 عامًا «تخصص جغرافيا» إلى المسار التعليمي وحتى هذه اللحظة لم يحصل على وظيفة تعليمية بحسب تخصصه، مضيفًا إنه اضطر للحصول على وظيفة أخرى في إحدى الشركات الأهلية على مسمى موظف علاقات عامة وأعمال إدارية، منوهًا إلى خسارة سنوات الدراسة الجامعية وعدم الاستفادة من هذه الشهادة التي أصبحت في طي النسيان وكأنها ورقة أو مستند لا قيمة له نهائيًا، مبديًا عدم رضاه حول هذه المعاناة التي تمثل عائقًا كبيرًا للخريجين من أمثاله وغيره من شباب الوطن. معاناة تمثل عائقًا للخريجين وتدفعهم للقبول بوظائف لا تناسبهم ضرورة التركيز على مواصفات ومهارات الخريجين من الجنسين المطلوبة في سوق العمل أكثر من الاستمرار في التخصصات المطلوبة في سوق العمل ظاهريًا فرحة التخرج الجامعي يكسرها عدم توافق التخصصات فتح أقسام تتواكب مع تطور الوظائف المستحدثة إيجاد برامج جامعية تناسب متطلبات سوق العمل